الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عائشة بالخير.. نعتها بالغباء حرض طاقاتها الإبداعية

عائشة بالخير.. نعتها بالغباء حرض طاقاتها الإبداعية
26 أكتوبر 2013 20:57
استضاف منتدى مبادلة للشباب 2013، مؤخراً، مجموعة من الرواد والقادة سرد كل منهم تجربته الفريدة من نوعها أمام الحضور لتحفيزهم وإنارة طريقهم عبر رحلة إخفاق حينا ونجاح في أحيان كثيرة، وقالوا إن نجاحهم لم ينبع من فراغ، بل نتيجة عزيمة وإرادة وجهد متواصل، ومن بين هؤلاء الدكتورة عائشة بالخير، مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز الوطني للوثائق والبحوث، التي تحاضر في كبريات الجامعات العالمية بعد أن كانت علاماتها متوسطة في المدرسة، وبعد أن كانت تنعتها معلمتها بـ»الغبية»، وتقول لها: «مهما درست لن تتعدى مهنة مشرفة في حافلة مدرسية»، اختمرت هذه الكلمات في لا وعيها، وبعد حصولها على البكالوريوس قررت أن تتحدى نفسها ومعلمتها التي كانت تتعمد إحباطها. نقطة تحول تقول بالخير إن كلمات تلك المعلمة شكلت الفارق في حياتها، بل كانت العمود الفقري لنجاحها، حيث كانت الكلمات التي استندت عليها لتؤسس لنفسها مسار التميز، فاختبرت الحياة عبر الدراسة، ودخلت مجال الأفلام، والرياضيات، والهندسة، والدراسات العرقية إلى أن حصلت على الدكتوراه. وتتحدث بالخير، التي تنحدر من عائلة بسيطة بالشندغة بدبي، والحاصلة على دكتوراه في دراسات الخليج العربي من جامعة إكستر، في بريطانيا، وعملت محاضرة وباحثة زائرة في جامعة هارفرد، قسم دراسات الشرق الأوسط، بين عامي 2005 و2006. وتشغل مهام مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز الوطني للوثائق. وهي خبيرة معتمدة من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو»، لتنظيم ورش عمل تخص تطبيق اتفاقية صون التراث الثقافي المعنوي لدول العالم. ورئيس المجلس الاستشاري لمعهد زنجبار لدراسات المحيط الهندي في جمهورية تنزانيا. كما أصدرت العديد من الكتب، منها «التأثير الأفريقي على الموسيقى والتراث في دبي». وعن قصتها مع الدراسة، وكيف تألقت فيها، تقول بالخير: «عندما كنت صغيرة، لم يتوافر لدي ذلك العشق للدراسة، ووصل شغبي ذروته في سن المراهقة، حيث كنت محور الصف وصديقة الجميع، ومعلمتي نعتتني بالغبية وقالت إنني أشبه المهرج، مؤكدة أنني لن أنفع في أي عمل إلا «مشرفة» في حافلة مدرسية، لم أعرها أي اهتمام، ولم أترك تلك الكلمات تؤثر في اعتدادي بنفسي، رغم معاقبتها لي المستمرة، حيث كانت تتعمد إهانتي أمام الجميع وتوقفني أمام السبورة، ظهري للخلف ووجهي للحائط». مشروع تخرج ظلت بالخير سعيدة بطفولتها تدرس وتجتهد، من دون أن تبدل كل ما في طاقتها التي اكتشفت فيما بعد أنها قوية، نجحت في الثانوية العامة، لكن كان عليها أن تعيد الدور الثاني في مادة الجغرافيا، وقبل أن تعلم بهذا الخبر سافرت إلى أميركا لتعزيز اللغة الإنجليزية لديها، لكن المدرسة اتصلت بها من أجل إعادة اختبار المادة الناقصة، في هذا الإطار، تقول: «قطعت إجازتي على مضض، واجتزت الاختبار بعد أن ذاكرت جيداً، ومن ساعتها ترسخت خريطة الكون في ذهني، حيث يمكنني أن أتعرف على كل تفاصيلها وأنا مغمضة العينين، وضعت أمام عيني النجاح كهدف ونجحت، لأرجع من جديد إلى أميركا، التي كنت أنا ومجموعة من صديقاتي ندرس بها اللغة الإنجليزية». لم تدخل بالخير في تجربة اللغة بجدية بقدر ما تبحث عن شيء بداخلها، تحاول استكشافه عبر العديد من التجارب، وبعد أن نجحت في الثانوية العامة أدبي سافرت إلى أميركا من جديد لاستكمال مسيرة الدراسة، وهذه المرة بمجال فني، حيث تخصصت في صناعة الأفلام والإخراج التلفزيوني، وأنجزت بعد أربع سنوات من الدراسة فيلم «الجداف»، وهو عمل ارتكز على قصة حقيقية من مشاهد حياة دبي، بطلها رجل اتخذ من مهنة العبارين حرفة، حيث كان يقل الناس بين دبي والديرة عن طريق التجديف باليد، ويحمل معه قصص الناس وحكايتهم يحتفظ بها في صمت بينما يسري كل إلى حاله بعد أن يفضي بسره في عباب البحر، وحاولت بالخير من جهة أخرى التوثيق لهذه المهنة التي كانت في طريق الانقراض، والقصة تدور حول رجل كبير في السن توارث هذا العمل من والده وأجداده وعرض العمل في العديد من الدول منها سان فرانسيسكو، وطول الفيلم الذي أنجزته كمشروع تخرج يبلغ 25 دقيقة. هندسة إلكترونية لم تتوقف بالخير عند هذا الإنجاز، ولم تتذكر قول معلمته إلا بعد حصولها على البكلوريوس وإنجاز الفيلم، حينها أضاءت هذه الكلمة بقوة في مخيلتها وقفزت إلى وعيها وظلت تزعجها؛ فقررت أن تتحدى نفسها من جديد وتدخل عالما جديدا لم تطرقه من قبل، يتوافق مع تخصص صناعة الأفلام الذي اختارته، ودخلت مجال الهندسة الإلكترونية، التي تدخل فيها الرياضيات كأحد أساسيات هذه الدراسة، بل عمودها الفقري، وهنا تقول بالخير إنها تذكرت الكلمات المحبطة لمعلمتها، وبدأت دراسة الرياضيات التي تشكل بالنسبة لها صعوبة كثيرة خاصة أنها تخرجت في القسم الأدبي، واستطاعت النجاح فيها، بل تميزت وباتت تعطي دروساً في الرياضيات تطوعا للأطفال الذين يعيش أهاليهم في وضعية صعبة كأولاد المدمنين على المخدرات، أو أولاد السجناء، واجتازت امتحان الرياضيات بامتياز، ودخلت في البرمجة كون صناعة الأفلام تعتمد عليها، خاصة أن بالخير كانت ترغب في استكمال طريقها في صناعة الأفلام، وخاصة في مجال الرسوم المتحركة التي كانت حديثة العهد حينها. الدراسات العرقية رغم ما حققته بالخير من تميز فإنها لم تتوقف عند حد معين، ولم يكن لطموحها سقف، وما تكاد تنتهي من مسار حتى تدخل في طريق آخر، تبحث عن ذاتها، لتنخرط هذه المرة في دراسة الماجستير في الدراسات العرقية، لتجيب عن عدة تساؤلات ظلت تطاردها طوال سنوات، تتعلق بتركيبة الإمارات السكانية، في مقاربة مع تركيبة أميركا السكانية ومواطن التشابه بين هاتين البيئتين اللتين تشكلان بيئة جاذبة للناس من كل اتجاه في الكرة الأرضية. على الصعيد ذاته، تقول: «بحثي اعتمد على ملاحظة الانسجام بين الأجناس المكونة للشعب الأميركي رغم اختلافها، فرغبت في دراسة ومعرفة السر في ذلك، وما العوامل التي تجمع هؤلاء، وتساءلت: هل هو مستوى العيش؟ أو البيئة الجاذبة بما توفره من عيش كريم واحترام آدمية الإنسان واحترام حقوق الأفراد.. أو هو عامل المال؟ وقارنت ذلك مع تواجد العديد من الجنسيات في بلدي الإمارات، وطرحت الأسئلة نفسها رغم اختلاف بعضها، وكان الجواب في أن فكرة الاتحاد وحدت الجميع وأسست لمفهوم الاحترام والتفاهم واحترام الآخر، وتعلمت أن الناس تعيش على الحلم الأميركي تريد أن تعيش في أمان باحترام كل حقوقها، بحيث أن الجانب الإنساني في البلدين يتشابه من حيث عامل الاستقرار والأمن الذي يشعر به المتواجد على هذين الأرضين لتجعلهما جاذبتان للناس». وتضيف بالخير أن المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله أسس لهذا المفهوم واحترم آدمية الإنسان، حتى باتت الإمارات تتصدر البلدان في مجال المساعدات والمبادرات الإنسانية التي تقدمها للدول في جميع أنحاء العالم». على مسارين تشير بالخير، التي استقرت ما يقارب 20 سنة في أميركا، إلى أن لها ذكريات كثيرة في ذلك البلد، مؤكدة أن صلتها ما زالت متصلة به رغم انشغالاتها بعملها في الأمارات، إذ أنها تحاضر في العديد من الجامعات وفق الطلب، وتضيف: «كنت أعمل في مسارين، فبعد ما حصلت على الماجستير كنت أبحث عن طريقة لأوظف فيها كل المعلومات التي جمعتها وعرفتها من خلال دراستي للتاريخ، وعزمت على التخصص في دراسة التاريخ الاجتماعي لدبي من 1820 إلى 2003، وحصلت على دكتوراه تحصر كل الممارسات والحياة الاجتماعية التي لا توجد في الوثائق لرصد تفاصيل الحياة في المجتمع الإماراتي». وتوضح بالخير أنها ارتكزت في بحثها عن وثائق من جامعة برطانية، وقدمت من خلالها قراءة في الوثائق البريطانية، كما استندت على البحوث الشفهية استشفت منه ما تناقلته الأجيال لتتوافر في نهاية المطاف على أطروحة موثقة من الأرشيف البريطاني تتحدث عن الحياة الاجتماعية في الإمارات بشكل عام وعن دبي بشكل خاص. وهكذا أنجزت بالخير أطروحة الدكتوراه بالإنجليزية، ولم تترجمها بعد. أفضل تمثيل قضت الدكتورة عائشة بالخير وقتاً طويلاً في دراسة مجالات مختلفة، لتعود إلى دبي وتعمل بكلية دبي التقنية للطالبات مدير المركز المهني، وتعلقت وظيفتها بالطالبات اللواتي يبحثن عن عمل، حيث كانت مهمتها مرافقتهم للشركات للحصول على فرصة عمل، وفي سنة 2009، لتلتحق بعملها الحالي، مديرة إدارة البحوث والخدمات المعرفية في المركز الوطني للوثائق والبحوث، حيث أكدت سعادتها وحبها لهذا العمل الذي يناسب مؤهلاتها ودراستها، ويشكل نافذة عبر العالم لتقديم بلدها وتمثيله أفضل تمثيل في المحافل الدولية ومن خلال المحاضرات التي تقدمها في مختلف الجامعات حول العالم.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©