الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جزائريون: المهرجان يعيدنا إلى ذاكرة سنوات النضال من أجل الوطن

جزائريون: المهرجان يعيدنا إلى ذاكرة سنوات النضال من أجل الوطن
16 أكتوبر 2012
تظل السينما السياسية أداة فنية مؤثرة وفاعلة، وحاملة للهم الاجتماعي والسياسي، ووسيلة فعالة في تكوين العقل الجمعي للجماهير، فضلاً عن كونها ذاكرة سمعية وبصرية بما تعكسه وترصده من قضايا وموضوعات وإشكاليات مجتمعية ترتبط بشكل مباشر بالجوانب الحياتية. وطيلة الوقت كان السؤال المطروح دائماً يدور حول إسهامات الفن السابع في صياغة وعي الناس، وإلى أي حد استطاعت الذاكرة السينمائية أن تسجل جوانب وأحداث ومنعطفات فارقة من تاريخ الشعوب؟ خورشيد حرفوش (الاتحاد) - مهرجان أبوظبي السينمائي السادس، أعاد هذه الجدلية إلى الأذهان بامتياز، عندما رشح في المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة والقصيرة أربعة أفلام جزائرية، إلى جانب عرض ستة أفلام أخرى في إطار تكريم السينما الجزائرية بمناسبة خمسينية الاستقلال، حيث ينافس الفيلمان الطويلان “عطور الجزائر” لرشيد بلحاج، و’’حرافة بلوز’’ لموسى حداد، على ذهبية المهرجان، فيما يدخل الفيلمان القصيران ‘’جزيرة’’ لأمين سيدي بومدين، و’’بفتور صباح يوم السبت’’ لصوفيا جاما المنافسة الرسمية. كما خصصت إدارة المهرجان نظرة عامة على السينما الجزائرية بعرض أفلام ‘’وقائع سنين الجمر” إنتاج عام 1974، و”الأفيون العصا” إنتاج عام 1969، و”عطلة المفتش الطاهر” إنتاج عام 1972، و”معركة الجزائر” إنتاج عام 1966، و”باب الواد سيتي’’ إنتاج 1994، وفي معظمها أفلام تناولت حقبة ستينيات القرن الماضي في أعقاب نيل الجزائر لاستقلالها عن السيادة والاحتلال الفرنسي. إقبال لافت كما كان متوقعاً أن يكون الحضور الجزائري لمشاهدة الأفلام الجزائرية في المهرجان لافتاً، حيث استعاد المتفرجون واجترت ذاكرتهم تفاصيل فترة تاريخية ذاخرة بالنضال والمعاناة والفخر الوطني، فعندما حقق أحمد راشدي فيلمه «الأفيون والعصا» عام 1969، كانت سنوات عديدة قد مضت منذ نالت الجزائر استقلالها. وبالتالي كانت سينما التعبئة والبطولات الثورية المطلقة قد أضحت جزءاً من الماضي الوطني الجميل، لكنه تحوّل بعد ذلك نحو نوع من المساءلة «الخجولة» للتاريخ، وماذا قدم الجزائريون بعدها لوطنهم ودولتهم الحرة المستقرة. فارس بن شيبة، سعيد بمشاهدة الفيلم، ويحاول أن يقرأ تلك الرسائل الوطنية التي نجح المخرج راشدي في تصويرها، ويقول:” شيء عظيم أن نرى مهرجان أبوظبي السينمائي يحتفل بالسينما الجزائرية بعد مرور خمسين عاما على استقلال الجزائر، وهذا هو ما نتوقعه دائماً من الأشقاء في أبوظبي، إن تاريخ النضال العربي لا ينفصل، وتاريخنا المشرق له امتداد واحد، فتاريخنا العربي مشترك، وتلك هي ثوابت قوميتنا العربية بامتداد أقطارها بين المشرق والمغرب. ورغم أنني شــاهدت الفيلم أكثر من مرة، فإن مشاهدته هنا في أبوظبي كان لها طعماً آخر، وأعاد الفيلم إلى أذهاننا كثير من صور الماضي الحاضر المشرق، فلمواطن الجزائري في الفيلم هو الطبيب المثقف ـ الدكتور بشيرـ الذي يقف أمام جـرائم قوات الاحتلال الفرنسي وينضم للثورة الجزائرية دون أن يتخلى عن حياته المهنية الهادئة والناجحة في المدينة، ليلتحق بالمقاومة المسلحة في الجبال انطلاقا من قرية “تالة” مسقط رأسه. لقد أدرك أن الثورة والوطن الموعود في حاجة إليه. وينضمّ إليه في هذه التلبية شقيقه لينخرط الاثنان في العمل الثوري إلى جانب السكان البسطاء الطيبين”. وتضيف زوجته فاطيمة يحياوي: “الفيلم، كما ترى، يقدم تفاصيل دقيقة بلغة سينمائية رائعة لتفاصيل أحداث الرواية الأصلية، ويحاول أن يلقي نظرة لا ينقصها العمق في ملاحظة التفاصيل العديدة لحياة الجزائريين في تلك الفترة، وصوراً مجيدة للكفاح والنضال والإيمان العميق بالدور الوطني لكل فرد من أفراد المجتمع، كما أنه يلقي الضوء على الأداء الثوري لشرائح مهمة في الجزائر، كما يهتم بفضح سياسة وأساليب المحتلّ القمعية، وكيفية التصدي لها، ولا سيما حين يقدم جيش الاحتلال على تدمير القرية وقتل أبنائها مجبرا الباقين على الفرار والالتحاق بالثوار والمناضلين بالجبال الثائرة، بعد أن فشل في خطة كانت ترمي إلى ترويض السكان مستعينا على ذلك بقلة من الخونة”. الأكثر جماهيرية أما جميلة بركة، فتؤكد أن هذا الفيلم قد حقق لدى عرضه للمرة الأولى وما تلاها نجاحات واسعة، ولا يزال يحظى بإقبال كبير أينما عرض، وكثيرون يرونه واحدا من أنجح الأفلام الجزائرية وأكثرها شعبية على مدى تاريخ السينما، وشيء رائع أن يرصد الفيلم وغيره من الأفلام التاريخية فترة صعبة وزاهرة ومشرفة لتاريخ الكفاح الجزائري. وتضيف بركة: “ لقد أسعدني كذلك مشاهدة فيلم “وقائع سنين الجمر” للمخرج محمد الأخضر مع بداية المهرجان، ويعرف أنه فاز بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1975، ولعله الفيلم العربي الوحيد الذي فاز بتلك الجائزة. ويصور تاريخ الجزائر النضالي، الذي غطته دماء الشهداء ، من أجل نيل الاستقلال والحرية، ويفضح النظم التي تمارس القمع وتجهض حقوق الإنسان أينما كان. كما يصور الفيلم الحياة القبلية في جبال الجزائر، التي كانت تعيش على حياة التنقل في الصحراء والرعي، ثم لم تلبث أن تحولت إلى ساحة للقتال والجهاد المستميت من أجل نيل الحرية. ويكمل بركة: “المهرجا أتاح لي أيضاً مشاهدة فيلم “معركة الجزائر” من إخراج وإنتاج الإيطالي الكبير جيلو بونتيكورفو، وهو من إنتاج إيطالي عام 1966، بالأبيض والأسود، ويعد أحد أكثر الأفلام السياسية تأثيراً في تاريخ السينما، يروي فترة من فترات كفاح الشعب الجزائري في العاصمة الجزائرية إبّان ثورة التحرير الوطني الكبرى من بطولات شعبية ضد الاستعمار الفرنسي. الفيلم أيضاً نال الفيلم جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية عام 1966، وجائزة النّقد خلال مهرجان كان في نفس السّنة، كما حصد ثلاثة أوسكارات عامي 1967 و1969 كأحسن فيلم وأحسن إخراج وأفضل سيناريو. ذاكرة الجزائرية ويضيف ساهر بن علوش، “نحن سعداء بمشاهدة الأفلام الجزائرية الروائية القديمة هنا في أبوظبي، وهذه هي واحدة من أهداف المهرجانات العالمية المتميزة، لقد شاهدت فيلم “عطلة المفتش الطاهر” وفيلم “الأفيون والعصا”، وهما من الأفلام الخالدة في الذاكرة الجزائرية التي تحتفظ بظاهرة فنية اسمها “المفتش الطــاهر” الذي حفر اسـمه بجدارة في تاريخ الســينما، وساهم فيه في خلق أسلوب جديد من الكوميديا مازال سائدا حتى الآن. الفيلم يروي قصة أم تراكي، وهي سيدة تونسية، تستدعي كلا من المفتش الطاهر ومساعده لقضاء عطلتهما في تونس، وقبل مغادرة الجزائر يركبان سفينة سياحية جزائرية، وفوقها تُرتكب جريمة، وعليهما أن يخضعا للتحقيق فيها، وتمتد الجريمة إلى تونس، وهناك يلتقيان بأم تراكي، وعائلتها وتتوالى الأحداث والمفارقات الحافلة بالكوميديا الهادفة. إن الفنان الحاج عبد الرحمن أو “المفتش الطاهر” ظاهرة فنية لم تتكرر، فبالرغم من قصر مدة حياته الفنية، إلا أنه أبدع في عديد من الأعمال كممثل ومخرج ومؤلف في كثير من الأعمال التي رسخت في ذاكرة المشاهد الجزائري حتى اليوم”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©