السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلم في الصغر

27 يناير 2011 20:07
خرج أحد الحكماء ذات يوم ومعه أحد أولاده، فسارا حتى وصلا إلى بستان من الأشجار، وفي طرفه شجرة صغيرة قريبة من الطريق قد أمالتها الريح، وكاد رأسها يمس الأرض. فقال الحكيم لولده: انظر إلى تلك الشجرة المائلة، فاذهب فأعدها إلى شكلها الأول، فذهب الولد وأخذ يعالجها إلى أن عدّلها، ثم انطلقا حتى إذا اقتربا من شجرة كبيرة كثيرة العقد والاعوجاج. قال الحكيم لابنه: انظر يا بني إلى هذه الشجرة، ما أحوجها إلى صاحب معروف يعدلها، ويقوّم عيوبها التي شانتها، وحطّت من قيمتها في أعين الناظرين، فانحُ نحوها، وافعل بها كما فعلت بالتي قبلها. فتبسم الولد عجباً وقال: إني لا أكره صنع المعروف، إلا أن تلك الشجرة غير قابلة للتعديل لكبرها، نعم كان يمكن ذلك في زمن صغرها، وأما الآن فمن المحال، ولو اجتمع عليها عصبة من الأبطال. فأعجب الحكيم بابنه، وفرح به لما آنس من شدة ذكائه وحكمته، وقال: صدقت يا بني، فإن من شبّ على شيء شاب عليه، فالزم الأدب في صغرك، يلزمك في كبرك. ثم رجعا من حيث أتيا، والأب يردد في نفسه هذا الكلام: ما أسهل تهذيب النفس في الصغر، وما أصعبه في الكبر، وأنشد يقول: قَد يَنفَعُ الأدبُ الأطفـالَ في صغرٍ وَلَيــسَ يَنفَعُ بَعـد الكَبــرَةِ الأَدَبُ إِنَّ الغُصـونَ إِذا قَوَّمتَهــا اعتَدَلَت وَلا يَليـــنُ إذا قَوَّمتَــهُ الخَشــــبُ إن التربية من أهم مقومات بناء المجتمعات وهي مهمة ورسالة سامية تبدأ من الأسرة وتتواصل مع المدرسة وبقية الهيئات والفعاليات المجتمعية، وغرس القيم يبدأ من الأسرة، فدور الأم كبير ومؤثر جداً في التربية والتعليم، والأم مهد التربية والتعليم الأول، فما يتعلمه الطفل من الأم يرسخ في وجدان الطفل وفكره وقلبه. نحرص كثيراً على إعطاء أبنائنا اللقاحات والتطعيمات اللازمة، ونتابع ذلك خوفاً من وقوعهم في براثن الأمراض وتحصيناً لهم من هذه الأمراض، ولكننا لا نلقي بالاً لتحصينهم من أمراض تربوية وتعليمية ليست أقل فتكاً من الأمراض الأخرى! كم من أبنائنا الذين يعانون «الشلل التربوي والتعليمي» بسبب جهلنا أو استهتارنا بأهمية التربية والتعليم منذ الصغر، فنلقي اللوم على المدرسة، والمدرسة بدورها تلقيه على الأسرة ، ويضيع أطفالنا بسبب عدم تحصينهم منذ الصغر ليقعوا في «حيص بيص» من أمرهم! لا نستطيع العودة بالفصحى إلى مكانتها، إن لم يتعلمها النشء ويتذوّق حلاوتها ويعرف جمالياتها، منذ الصغر، ولا يمكن أن يشعر بحلاوتها ويستطيع «هضمها» إن لم يتلق التحصينات اللازمة لذلك، فلا فائدة من التعليم في المراحل المتقدمة، لأن التعليم عندها يصبح نوعاً من حشو المعلومات والتلقين الإجباري، المفرغ من الجاذبية، البعيد عن الفهم والاستيعاب. معروف الرصافي: هي الأخـلاقُ تنبــتُ كالنبــات إذا ســـــقيت بمــاء المكــرماتِ تقــــوم إذا تعهدهــا الـمُربــي علــى ســاق الفضيلــة مُثــمِرات وتســمو للمكــــارم باتســــاقٍ كمـا اتســــقت أنابيـبُ القنـــاة وتنعش من صميم المجـد رُوحا بأزهــــارٍ لهــــــا متضوعـــــــات ولــــم أر للخلائــق مــن محــلِّ يُهذِّبهــــا كحِضـــــن الأمهـــات فحضْن الأمّ مدرســة تســامتْ بتربيــــة ِ البنيـــــن أو البنـــات وأخلاقُ الوليدِ تقــاس حســناً بأخـــلاق النســـــاءِ الوالــــداتِ وليــس ربيـبُ عاليــة ِ المــزايا كمثل ربيــب ســـافلة الصفـــات وليس النـبت ينبـت في جنـانٍ كمثل النبـت ينبـــت في الفـــَلاة إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©