الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تهاني الهاشمي تسرد الحب بوصفه محوراً أساسياً في الحياة

تهاني الهاشمي تسرد الحب بوصفه محوراً أساسياً في الحياة
15 أكتوبر 2012
تحكي تهاني الهاشمي في روايتها الأولى “حب في الزحام” والصادرة عن دار الفارابي 2012، قصة فتاة لا معنى للحياة بالنسبة لها من دون الحب؛ فهي تستيقظ من نومها لتتجمل لحبيبها وتهجع إلى فراشها وهي تفكر به وتتذكره؛ بالمجمل كل شيء عندها محكوم بالحب. إن زمن الرواية قائم في معظمه على موعدي الاستيقاظ والنوم، أو على الصباح والليل. أما مكان الرواية فهو موزع بين ثلاثة فضاءات، هي البيت والمكتب وثمة دائماً “الكورنيش”؛ حيث التقت ناديا بطلال للمرة الأولى؛ ومن هذا الفضاء الأخير تبدأ الرواية المحكية بصوت “ناديا” ذاتها، والمستدعاة من ذاكرتها الغرامية الشقية، وهي لا تكف عن العودة إلى هذا المكان في كل حين، شوقاً وشجناً و.. تحسراً أيضاً. من الكورنيش، تبدأ اللوحة الأولى للرواية المقسمة إلى نحو أربعين لوحة، تتواتر عليها الأحداث بشكل مشوق، واللوحة الأولى هي الأقصر ولكن لعلها الأكثر تعبيراً وتأثيراً رومانسياً، إذ يطل الحبيب من البعيد وتركض إليه الحبيبة غير عابئة بزحام الكورنيش وترتمي بين أحضانه؛ تماماً كما يحدث في تلك الأفلام والروايات الغرامية الشجية؛ وستغطي هذه اللوحة الأولى بطيفها الحميم سائر التفاصيل اللاحقة. وقد اعتمدت الهاشمي طريقة “اليوميات” في كتابة الرواية؛ إلى جانب استخدامها تقنية ضمير المتكلم أو صوت “ناديا” الذي بدا دائماً قريباً وصادقاً؛ فمزجت بذلك شكل عملها بمضمونه المفعم بآمال الذات وآلامها! ومنذ البداية، سنشعر أن شغف ناديا بطلال إنما مصدره بحثها عن عاطفة نقصتها طيلة الوقت؛ فهي كأنما أرادت أن ترمم بحضوره شرخاً داخلياً عميقاً أوجعها وقتاً طويلاً؛ فهي تعيش ما يشبه اليتم على الرغم من وجود والديها، إلا أن وجودهما بدا لها دائماً أقسى من غيابهما، فالأم لم تحتمل أن يتزوج الأب عليها، فسعت إلى إنهاء علاقتها به، وبعد وقت قصير من انفصالهما تزوجت الأم بآخر؛ غير عابئة بوقع ذلك على ناديا وإخوانها: نازك وسعد ونسرين ..؛ وكان على ناديا دائماً أن تغالب علاقتها بوالديها وإخوانها من جانب، ومن جانب آخر علاقتها بطلال الذي لا نعرف عنه سوى وسامته وكلامه المعسول في لقاءاته الحية معها أو عبر الهاتف الذي أوشك أن يتحول إلى شخصية من فرط ما توسط بين ناديا والناس من حولها، خاصة صديقتها أسماء التي تلجأ إليها دائماً، عسى أن تجد عندها السلوى والحنان. تصمت الرواية عن الكثير مما يتعلق بطلال ويغلب صوت ناديا على كل الصفحات؛ كذلك تنطبع تفاصيل الحكاية بطابع غرفتها ومكتبها وأغانيها ونظرتها إلى والديها وإخوانها وزميلها في العمل فارس الذي سيبدو الأقرب إلى قلبها لاحقاً. وفي هذا الإطار، سنعرف أن ناديا على الرغم من حبها طلال، إلا أنها تخشى أن تغدو حالها معها مثل حال والدها مع والدتها، وهي تخشى أيضاً أن تكون حالها معه مثل حال والدتها مع والدها، وأيضاً نعرف مع مرور الوقت أن رقة زميلها فارس ستتسلل إلى قلبها بأكثر مما تفعل ملاحة طلال الذي سيكثر التسويف والمماطلة ولا يتقدم إلى زواجها؛ ومع هشاشة وضعها العاطفي دائماً، لن تملك ناديا إلا أن تستعين بصديقة طفولتها أسماء التي تقويها وتزيد حماستها للحياة والانطلاق والعمل؛ وحين تفكر في فارس، تجده مناسباً زوجاً، ولكن قلبها يخفق بطلال وأطلاله ولا تجد هنا إلا أن تنظر إلى قصة أختها نازك مع زوجها ثامر، فهما تزوجا من دون حب، وها هو ابنهما الثاني يتهيأ للخروج إلى نهارهما السعيد! على أن الحبيب الأول لم يكن خائناً أو متهرباً، لكنه لم يقدر على مواجهة أسرته التي رفضت اختياره، أما السبب فهو والدة ناديا وزواجها الثاني الذي بدا لأسرة طلال غير مناسب! إجمالاً، تبدو رواية “الحب في الزحام” حكاية غرامية كلاسيكية، روحاً ورائحة، لكن في سياق معاصر؛ أو كما قال الدكتور محمد يوسف المدفعي في تقديمه الذكي للرواية؛ التي ستجد مكانها المميز في مكتبة السرد العربي، لجرأتها وصدقها و.. واقعيتها!
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©