الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ذا ديلمِا».. حراك الممثلين يختصر الهوية البصرية للفيلم

«ذا ديلمِا».. حراك الممثلين يختصر الهوية البصرية للفيلم
27 يناير 2011 20:05
مبدياً انحيازاً غير مفهوم إلى الأماكن المغلقة، ومقلاً من الحركة إلى حدود الإخلال، أنجز المخرج الأميركي رون هوارد فيلمه «The dilemma ذا الصيغة الكوميدية بالرغم من تناوله لمعطيات زاخرة بالتراجيديا، ولعل في حضور وتلازم هذه الثنائية المتناقضة في ذروتي المرح والمأساة، ما يمكن اعتباره خصوصية يحاول الفيلم الاتكاء عليها لتحقيق تمايزه المنشود. الاتحاد (أبوظبي) - بالنظر إلى البعد التشكيلي كان التقشف سيد الموقف، إذ رأى المشاهد نفسه في مواجهة حالة من الثبات الممل للكاميرا، وكان عليه أن يداري ملله بالتبحر في ملامح الممثلين، ومتابعة تصاعد الأداء الذي سعى بعضهم من خلاله لردم الهوة الهائلة بين الفيلم السينمائي والعمل الإذاعي، حيث بدا الفيلم في معظم تفاصيله مقتصراً على البعد الخطابي وحده، وكان الممثلون أقرب إلى ظواهر صوتية مجردة من الفعل الجسدي والأثر الصوري، باختصار لمرة نادرة منذ بروز ظاهرة السينما الجديدة كنا على موعد مع فيلم تقتصر هويته البصرية على حراك ممثليه فقط، متغاضياً عن سائر مؤثرات الإبهار وعناصر الإدهاش التي طالما كانت بين أساسيات العمل السينمائي. واجب مدرسي اعتمد الفيلم بصورة رئيسية على رباعي من الممثلين يتشكل من فينس فوغان «روني»، وكيفن جايمس «نيك» إضافة إلى وينونا رايدر «جنيفيا» وجنيفر كونللي «بيث». حيث أمكن لفوغان أن يحظى بتميز ملفت جراء تحمله أعباء النهوض بالبعد الكوميدي، وهو أبدى الكثير من سمات العفوية والمرح، لكنه ظل قاصراً عن سد الفراغات القائمة بفعل روتينية صارخة طغت على أحداث العمل السينمائي، وتسربت إلى دواخل الممثلين الذين بدوا كما لو أنهم معنيون باتمام واجب مدرسي أكثر مما هم مقبلون على انجاز عمل ابداعي، وفي الأمر مفارقة تبدأ من كون هوارد ممثلاً متميزاً في الأساس، ولا تنتهي عند وضعه بصمته الإخراجية على أكثر من عمل سينمائي ناجح، بينها فيلم the cinderllah man الذي قال إنه حقق بإخراجه حلم حياته. ثنائية التكامل روني «فينس فوغان» ونيك «كيفن جايمس» صديقان منذ أمد بعيد، وهما أيضاً شريكان في مهنة تصميم السيارات، شراكتهما تقوم على ندية متوازية دون تماثل في المقدرة، نيك صاحب عقل مبدع في مجال عمله، أما روني فهو محدث خطير قادر على التغلغل كالسحر في عقول عملائه. حاول الفيلم بقدر من التحفظ أن يستلهم حكاية ثنائية متضادة عرفها المشاهدون تحت مسميات شتى، أبرزها عنوان «لوريل» و»هاردي»: النحيل الذكي الذي يسخر من صديقه البدين القصير. هكذا أمكن لروني أن يعابث نيك في مفاصل كثيرة، وفي كل مرة كان الأخير يتعامل مع الموقف كما لو أنه نتيجة منطقية لصداقة على قدر من النقاء والشفافية، أو ربما رأى في الأمر نوعاً من التكامل الذي يتعين عليه دفع ضريبته، فإذا كان المطلوب من روني أن ينقذه من حالات الإحباط والخجل والاكتئاب التي تطالعه بين الحين والآخر، إضافة إلى المساندة الفاعلة التي يؤمنها له في مواجهة الآخرين، فليس أقل من أن يتحمل نيك بعض المقالب المضحكة ما دامت تعتمد على سلامة الطوية. كشف المستور بدت الأمور على قدر من الرخاء والطمأنينة: نيك المتزوج من جنيفيا يعيش حالة متقدمة من التفاؤل بغد مشرق، هو أحد أؤلئك الناس الذين يبدو عليهم للوهلة الأولى أن الحياة منحتهم كل ما بوسع المرء أن يصبو اليه: شريك عاطفي مخلص، صديق وفي، ومهنة تفي بالحاجة، وتبرر السعي الطامح نحو الأفضل.. كذلك روني كان على علاقة حب جامحة مع بيث، وهو معقد الرجاء في شراكة مهنية مع صديق تبدو الطيبة أقل ميزاته، أيضاً لديه من موهبة الذكاء الاجتماعي والعاطفي ما يجعل العيش الرغيد بمتناوله.. كان القوم يعيشون ببهجة مترفة حتى جاءهم هادم اللذات، وما يمكن وضعه في بند سخرية القدر هنا أن المرء قد يقدم أحياناً على التسبب بكشف المستور الذي طالما حرص على اخفائه. نصيحة مكلفة كان الرباعي في صالة رقص عندما أبدى روني تمنعاً عن مراقصة حبيبته بيث، قبل أن يوافق متحفظاً، تدخل نيك لإضفاء بعض الطرافة على الجو، فأقصى روني عن بيث وراح يرقص معها بذريعة أنه يريد تعليم صديقه أصول الرقص، لم يبق أمام روني إلا جنيفيا، زوجة نيك ليرقص معها، بينما هما في حالة انسجام بريء أسرت جنيفيا في إذن شريكها الراقص: «إذا لم تطلبها للزواج فقد تخسرها».. كانت تعني بيث طبعاً. خشية الخسارة فعلت فعلها في ذهن الرجل الطامح إلى الثراء، لاحقاً سيعرض الفكرة على بيث، لكن الأخيرة ستفاجئه ومعه المشاهد أيضاً، عندما تعلن بوعي كامل أنها لا يعنيها أن يتخلى شريكها عن حريته إرضاء لها: «سنسير نحو ما تقودنا إليه الحياة.. بزواج أو من دونه». روني، وقد ازداد تعلقاً بشريكة قلبه، يقرر أن يباغتها بطلب الزواج في مناسبة عائلية، ذهب ليحضر المستلزمات، كان يفاوض بائع الزهور عن حفل غير مسبوق، عندما لفتت انتباهه ضجة ملتبسة في الحقل المتاخم، لما حاول تبين مصدر الضجة وقع على مشهد صاعق: جنيفيا، زوجة صديقه، في وضع مريب مع أحد الشبان ممن تبدو على ملامهحم سمات العبث. اختلاف الصورة تبدل المشهد.. وبدا كما لو أن الرخاء المبالغ به الذي اتسم به الموقف حتى اللحظة كان يحتاج مفاجأة من هذا العيار حتى يستعيد توزاناً مفقوداً، في موازاة كل هذه الدعة والطيبة المحيطة بروني ونيك وبيث بدا منسوب الشر والخديعة لدى جنيفيا شيئاً منطقياً، لعله ما يفترضه الواقع الذي لا يمكنه أن يكون يوماً على هذا القدر من التساهل.. مدفوعاً بنصحيتها للزواج من بيث اكتشف روني خيانة جنيفيا، لتأخذ الأحداث بعد ذلك مساراً مغايراً. حافظ السر كان نيك، بوصفه العقل الذكي في شراكته المهنية مع روني، منشغلاً بانجاز تقني واعد، عندما قرر روني مكاشفته بالحقيقة، ولما حاول التمهيد للنبأ الصاعق بما يتطلبه من تحضير نفسي، أبدى نيك تبرماً معتبراً أن اللحظة من الدقة بما لا تحتمل أي بحث خارج إطار المشروع الذي يعمل عليه، وافق روني مرغماً، وبدا كما لو أنه وجد ذريعة كان يتمناها لتجنب هذه الكأس المرة. لكن امتناع نيك عن تلقي الهدية المسمومة فرض على صديقه أن يتجرع مرارته وحده، هكذا مضى لتوه إلى جنيفيا ليواجهها بما يعرف طالباً منها التخلي عن المضي في عملها المسيء، لكنها مارست حياله كل ما تملكه من مكر الأنثى، وهو وافر، فوعدته بالعودة إلى جادة الصواب، والوعد كان سراباً. تابع روني القيام بما يمليه عليه واجب الصداقة، راقب جنيفيا بينما تخرج مع عشيقها، اشترى كاميرا لتصويرهما في مواقف مخلة، وفي النهاية اصطدم بالعشيق العابث، خاض معه معركة جسدية لم يخرج منها منتصراً، بل جعلت بيث ونيك وغيرهما يفترضان أن روني قد تورط في خصومات ملتبسة، انتابت بيث الخشية من أن يكون شريكها قد عاد للمراهنات التي خسر جراءها أمولاً كثيرة، خاض العاشقان سجالاً مؤلماً لكن روني لم يفصح عن سره، بالرغم من أن علاقته ببيث بدت مهددة. خاتمة سعيدة شكل الأصدقاء ما يصطلح على تسميته بجلسة تدخل لإنقاذ روني من أزمته، طبيب نفسي، عائلة بيث، وأيضاً نيك وجنيفيا، أما المفاجأة فكانت دعوة عشيق الأخيرة، حيث أسفرت مراقبة نيك لروني عن رؤيته مع العشيق، فحلل أنه وكيل مراهناته، وأن وجوده في الجلسة ضروري. كان على الجميع أن يبوح بما لديه في هذه الجلسة، وكان كشف روني عن الخيانة التي يتعرض لها نيك شيئاً طفيفاً مقارنة بما قرر أن يعلنه لتأخذ الجلسة حدها الأقصى: إسمع يا نيك.. لقد خرجتُ مع جنيفيا قبل أن تقررَ الإرتباط بها. كما هو متوقع في حالات مماثلة غضب نيك وخاصم روني.. ثم تصالح الاثنان في مشهد لا يمكن استيعابه إلا كخاتمة سعيدة لقصة معقدة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©