الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بايدن - رايان: من كسب رهان المناظرة؟

بايدن - رايان: من كسب رهان المناظرة؟
15 أكتوبر 2012
في الحملات الانتخابية الأميركية عادة ما تخفق المناظرات الرئاسية، بشكل عام، في تغيير تفضيلات الناخبين بدرجة كبيرة، وهو ما ينطبق كذلك، وإن بدرجة أكبر، على مناظرات نائبي الرئيس. بيد أن ما يحدث أحياناً، عندما ينظر إلى المناظرات على أنها كانت بمثابة مفاجأة مدوية، مثلما كان عليه الحال بالنسبة للمناظرة الرئاسية الأولى التي كانت كل التوقعات قبلها تشير إلى أن أداء أوباما سيكون أفضل من رومني كثيراً، فإن تأثيرات المناظرة في هذه الحالة تصبح أكثر قوة وفعالية. والارتفاع في نسبة التأييد لميت رومني منذ أدائه القوي وغير المتوقع ضد أوباما، يشهد على ذلك. ولكن مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس التي جرت يوم الخميس لم تكن كذلك. ولا يقصد من هذا أنه كان هناك نقص في اللحظات المثيرة من تلك المناظرة، وإنما أرى أن بايدن كان متحسباً لكل شيء، وجاء مستعـداً للنزال، ومصممـاً علـى ألا يتعامـل مع خصمه بقفازات حريرية كما تعامل الرئيس مع رومني. أما بول رايان، من جانبه، فقد نجح في الصمود، ومقارعة طرح بايدن الحجة بالحجة وكان أداؤه بشكل عام قوياً، ولا يقل بحال عن أداء نائب الرئيس الحالي. وإذن يمكن القول إن مناظرة الخميس كانت مناظرة حقيقية بمعنى الكلمة. فقد كان هناك محتوى -محتوى كثير في الحقيقة- كما حفلت بالجرأة في الطرح، وثراء الأفكار، ومستوى عال من التنافسية. وباختصار فقد اتسمت تلك المناظرة بكل شيء افتقرت إليه المناظرة الرئاسية، وذكرت المشاهدين بكافة الأشياء التي كان يجب أن يشاهدوها خلال منازلة أوباما- رومني. وكان بايدن في تلك المناظرة مدركاً للمأزق الذي يواجهه الديمقراطيون بعد الفشل شبه التام لرئيسه في المناظرة الأولى، وهو ما كان يهدد التفوق الذي ظل يتمتع به قبل تلك المناظرة في استطلاعات الرأي. ولم يخذل نائب الرئيس رئيسه ولا حزبه، حيث كان مهاجماً فعالاً منذ اللحظة الأولى من المناظرة، ووجه نقداً شديداً لبرنامج الجمهوريين ولسياساتهم، وتصريحاتهم المثيرة للجدل أثناء الحملة (مثل ملاحظات رومني عن الـ47 في المئة من الأميركيين الذين يعيشون عالة على الحكومة). وكان بايدن بصفة عامة جسوراً وهجومياً -إلى أقصى درجة- وبمستوى لم يتمكن من الوصول إليه خلال مناظرته مع سارة بالين في انتخابات 2008. ولكنه بدا أيضاً متعالياً، ومقللاً من شأن خصمه في بعض الأحيان، وفسر البعض ابتساماته الملولة في بعض الأحيان على أن المقصود منها السخرية، كما أن تدخلاته المتكررة، وحركات عينيه ذكرت المشاهدين بلغة جسد رئيسه في المناظرة الرئاسية الأولى. ولكن كان واضحاً مع ذلك أن بايدن "يريد أن يكون حاضراً في المناظرة" على عكس ما كان عليه أوباما. وكان راغباً أيضاً في القتال بشراسة للحفاظ على منصبه. ودافع عن سياسات وإنجازات إدارة أوباما على نحو أقوى مما فعل الرئيس الأسبوع الماضي. ومن هذه الزاوية يمكن القول إن بايدن قد غطى على أوباما، وهو الشيء الذي يعتقد كثيرون أنه قد فعله في مناسبات عديدة سابقة خلال الأعوام الأربعة الماضية. والأميركيون بشكل عام يقدرون الشخص المقاتل، وربما يتساءلون فيما بينهم وبين أنفسهم عما إذا كانت الروح القتالية ستظهر مرة أخرى لدى أوباما، وخصوصاً أن السباق الحالي هو في المقام الأول سباق رئاسي وليس سباقاً لنائبي الرئيس. أما رايان فقد ساهم أداؤه في تركيز الضوء أكثر على رومني. وبشكل عام يمكن القول إنه قد بدا معقولاً ومحنكاً في آن واحد. وكان واضحاً أنه قد ذاكر واجبه المنزلي جيداً، وأنه كان قادراً على صد هجمات نائب الرئيس ببسالة، بل وعلى إزعاجه في بعض الأحيان وخصوصاً عند مقارعة الحجج. ولكنه وهو يفعل ذلك كله كان قادراً على المحافظة على هدوء أعصابه، وكان سلوكه بشكل عام موحياً بالثقة في النفس التي لا تصل إلى حد الغرور. وبالنسبة لأولئك الذين تعرفوا على رايان للمرة الأولى من خلال هذه المناظرة، يمكن القول إنهم قد سيعجبون بأدائه، وأن دفاعه القوي عن المقترحات السياسية الجمهورية، وخصوصاً فيما يتعلق بتقليص العجز، والضرائب، وتوفير الوظائف، والاقتصاد بشكل عام، قد أرضى كثيرين من أنصار الحزب وخصوصاً أولئك المستعدين لدعم رومني منذ البداية. والخلاصة إذن هي أن المشاهدين قد تمكنوا من تكوين صورة واضحة عن القائمتين الانتخابيتين للمرشحين لمنصب الرئيس ونائب الرئيس. ولكن لا يزال من المشكوك فيه، مع ذلك، تحديد ما إذا كان أي شيء من الأمور التي كشفت عنها تلك المناظرة الأخيرة، قادراً على إقناع الناخبين المترددين بالتخلي عن ترددهم وحسم اختيارهم. وخلال المناظرة اتخذ رايان موقفاً غير متذبذب ضد موضوع الإجهاض، عبر عنه بوضوح رداً على أسئلة منسقة المناظرة مارثا راداتز الإعلامية الشهيرة في محطة "آيه بي سي"، وهو موقف قد يصرف بعض أصوات النساء التي يسعى الحزبان الرئيسيان بقوة، لتأمينها عن الحزب الجمهوري، ولكن ذلك كان شيئاً لا مفر منه باعتباره من السياسات الثابتة للحزب، واعتماداً على أن الحزب قادر على شن غزوات ناجحة في جوانب أخرى من السباق الرئاسي، وهو ما تبين بوضوح من خلال المناظرة الرئاسية الأولى. وفي خاتمة المطاف، يمكن القول إن مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس قد مثلت عرضاً تلفزيونياً وسياسياً عظيماً ما في ذلك شك. ولكنها لم تكن مناظرة محسومة، بحيث يمكن القول إن طرف ما قد تمكن من إلحاق هزيمة سهلة بالطرف الآخر، وإنما كانت من حيث الجوهر منافسة متعادلة إلى حد كبير. وقد يكون هذا كافياً في اللحظة الراهنة للضغط على المكابح، وتخفيف قوة الزخم التي حققها رومني بعد المناظرة الأخيرة أمام أوباما، ولكنه لن يكون كافياً، مع ذلك، لتحريك مؤشر البوصلة كثيراً، وخصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار أنه لا يكاد يوجد وقت كاف بين الآن وبين المناظرة الرئاسية التالية يمكن أن يجعلها تحقق تأثيراً كبيراً. ولذا فإن مناظرة المرشحين لمنصب نائب الرئيس -على أقل تقديـر- لم تعـد ضبـط مؤشر بوصلـة السباق الرئاسـي، ولكـن من المؤكـد أن بايـدن قـد مهـد الطريق جيـداً أمـام أوباما كي يبدأ الجولة الثانية من المناظرات الرئاسية، وأن على الرئيس أن يبني على أداء نائبه القوي في المناظرة الأخيرة. أما ريان، من جانبه، فقد كان قادراً على الصمود ضد نائب الرئيس الحالي، وعلى التمسك بمواقفه وآرائه، وهو إنجاز لا يمكن التقليل من شأنه بطبيعة الحال. كوستاس باناجوبيولوس نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©