عقدة البلاي بوي

المشكلة بلغت العقد الرابع من العمر، وصاحب عمل جيد، وأحمد الله على ما حققت من نجاح، لكنني بكل صراحة أواجه مشكلة كبيرة عندما أقرر إكمال نصف ديني بالزواج، فبحكم طبيعة عملي، وانتقالي الدائم بين كثير من الدول والمدن، واحتكاكي بكثير من الثقافات والمجتمعات، وإتاحة الكثير من الفرص للتعارف والتقارب، إلا أن عدم الاستقرار جعلني غير قادر على الاختيار، إلى جانب مشكلة أخرى تواجهني عند اختيار شريكة الحياة· لقد أعجبت بأكثر من فتاة، وأتممت الخطبة أكثر من مرة، إلا أن كل التجارب التي مررت بها لم تكلل بالنجاح، وانتهت سريعاً بالفشل، ليس لسبب سوى أنني كنت أشعر بعد الخطبة أنني بحاجة إلى زوجة أكثر جمالاً مما هي عليه خطيبتي، أو سرعان ما أفكر بالارتباط بفتاة جميلة وجذابة، ولو كان ذلك يكلفني التضحية بها دون التفكير في أي عواقب أو التزامات تترتب على ذلك، مما جعلني أفقد أموالاً كبيرة ما بين مستلزمات الخطبة، وحفلاتها، وهداياها، وسفرياتها، والخسارة الأكبر أنني اكتشفت بلوغي الأربعين من العمر دون زواج حتى الآن، وعندما أخلد لنفسي وأفكر فيما أريد، وما هي المرأة التي يجب أن تروق لي ويستمر إعجابي بها، وأتزوجها؟ لا أستطع، وكلما رأيت فتاة جميلة أقارنها بغيرها، وقد أكتشف أنها الأجمل، أو تلك في بعض الجوانب، لكنني سريع الملل والتقلب، وأخشى أن تمر الأيام والسنون دون زواج، كيف يكون بإمكاني اتخاذ قرار الزواج دون تردد، ودون أن أغير رأيي فيمن أختار؟ ش·ش· النصيحة لا أود أن أثير قلقك بما يعرف بعقدة ''البلاي بوي'' أو ما يعرف ''بالرجل اللعوب''، التي تعكس عدم اكتمال نضج الرجل، وفيها تكون المرأة الجميلة الحسناء الأكثر جذباً وإغراء ولفتاً للانتباه، ومع الحصول على الاستجابات السريعة سواء بالزواج أو بالمتعة العارضة، سرعان ما تزول محفزات الاستثارة لدى ''البلاي بوي''، ومن ثم يبحث من جديد عن مثير آخر جديد· وهنا يجب أن نفرق بين المرأة الجميلة، والمرأة الغاوية، علينا أن ندرك أنه ليس هناك جمال مطلق، وإنما هناك جمال النسبي، وهناك مثل فرنسي شهير'' لا توجد امرأة غير جميلة، لكن هناك امرأة لا تعرف كيف تجعل نفسها كذلك''، وهذا ما يساعدنا على تفسير سعي كل أنثى إلى إبراز جمالها بطريقتها الخاصة، ووفق ثقافتها، وأسلوبها، وتختلف تأثيرات هذا الجمال، وهذا الأسلوب من شخص لآخر، ومن أنثى لأخرى، ومن وقت لآخر· يا سيد ''ش· ش·'' لا ينبغي أن تنساق خلف مقولة ''المرأة الجميلة تدير الرؤوس''، فالمثل السويدي يقول: ''إذا التقيت بامرأة جميلة جداً·· أو بشعة جداً، فحدثها عن ذكائها''، وهذا يعني ضرورة أن يفرق الرجل بين العلاقات العابرة التي ترضي تخيلاته وهواماته ورغباته العارضة، وبين العلاقة التي تهدف إلى إقامة تعايش إنساني، حيث يتحول الجمال ويتراجع إلى مراتب ثانوية، وهو ما أقرته الشريعة وحكمتها الخالدة· ولعل ما نراه من زوال وانطفاء طغيان الجمال وأثره عند كثير من النساء عندما تتحدث، أو نراها تأكل، أو عندما نشتَمّ رائحتها، أو نرصد تصرفاتها، ونتعجب كثيراً عندما نشاهد جميلة الجميلات متيمة برجل قبيح، والعكس صحيح ! لا أخفيك القول إن أصارحتك بخطورة الأمر، وعدم إمكانك التخلص من هذه الحالة بمفردك دون مساعدة استشاري نفسي حاذق لمعالجة تقلب واضطراب مزاجك، وتشخيص حالة الملل المرضي الذي ينتابك، والحاجة إلى التعرف إلى مكونات ذاتك حتى تستطيع تحديد ما تريد على وجه اليقين·