الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاعر زوجة في غرفة الإنعاش

مشاعر زوجة في غرفة الإنعاش
24 أكتوبر 2013 20:49
فشلت أول تجربة زواج لي قبل أن تبدأ وانتهت في فترة الخطوبة بعد سنوات عدة وكادت تقترب من النهاية السعيدة لكن لم يحدث ومضى كل إلى غايته?،? وقد تعلمت من تلك التجربة كثيراً واستفدت من إيجابياتها وسلبياتها، وتأثرت بها رغم أنها تركت في نفسي آثاراً سلبية عانيت وقاومت بشدة لأتخلص منها، خاصة وأن خطيبتي كانت أول حالة حب في حياتي واستمرت سنوات، الغريب أنه كان بيننا تفاهم كبير واتفاق بين الأسرتين، وبيني وبين أسرة خطيبتي انسجام واضح ولا تعرف الخلافات طريقها إلينا والسعادة ترفرف علينا وكانت تلك الفترة من أجمل أيام حياتي. حدث التقارب بيني وبينها في البداية، حيث كنت طالباً في السنة النهائية بالجامعة، ورغم العدد الكبير من الزميلات، لكن تلك الفتاة هي التي سيطرت على مشاعري وهي تدرس في مرحلة التعليم المتوسط، وبعد أن تأكد كل منا من صدق أحاسيسه لم يكن أمامنا اختيار إلا الطريق الصحيح، وأن أدخل البيوت من أبوابها، فكل منا من أسرة ملتزمة ولا بديل عن اتخاذ السبل المعروفة وفي وضح النهار بالإشهار. اتفاق مبدئي من أول خطوة سارت الأمور طبقاً للتقليد الطبيعي عندنا أن تتم قراءة الفاتحة وهي بمثابة اتفاق مبدئي على الزواج والارتباط وإن لم يتم التطرق إلى أي خطوات أخرى مثل مكان الإقامة والمهر والشبكة وما يلزم على كل طرف أن يتحمله من النفقات، وذلك لأنه لم يكن لهذه الحسابات وجود واعتقدنا أن الأمور ستسير بشكل طبيعي إلى شاطئ الأمان وصولاً إلى عش الزوجية. ثلاث سنوات مضت منذ إعلان الخطوبة وأنا أزور خطيبتي وأتردد على منزلها وأعيش حلماً جميلاً ما لبث أن تحول إلى كابوس ثقيل، لأنه تم فتح الكلام عن موعد الزواج صراحة وعدة مرات وأنا ليس على لساني إلا «ربنا يسهل» وإن شاء الله وهكذا من الردود التي لا تتضمن أي كلمة لها علاقة بموعد التنفيذ، وكثر اللغط بين أفراد الأسرتين وهنا فقط اكتشفت الأخطاء التي وقعت فيها من دون أن أدري وهي أنني منذ أقدمت على تلك الخطوة وأنا تحت الصفر من الناحية المالية والأدهى والأمر أنني لم ألتحق بأي عمل أو وظيفة حتى الآن وأعتمد على أبي حتى في المبالغ التي أشتري بها هدايا لخطيبتي مع أن أسرتي متوسطة الحال وليس بمقدورها مساعدتي بأي شيء، ولم يكن ذلك كله خافياً على اسرة خطيبتي ولم نخف منه شيئاً، بل كنت دائما أقول ذلك حتى لا يستعجلونني في الزواج، ولكن يبدو أن أطرافاً أخرى تدخلت في الموضوع واستطاعت أن تفسده ولم يكن هناك اختيار إلا فسخ الخطبة وهو قرار تم اتخاذه مثل الهبوط الاضطراري وليس أمامي بديل عنه وأجبرتني عليه الظروف المالية وضيق ذات اليد. فكرت كثيراً وبكل عقلانية وموضوعية واتهمت نفسي بالتسرع والعجلة والاندفاع وراء مشاعري واستبعاد كل الاعتبارات الأخرى، وكان ذلك خطأ فادحاً، ولا أستبعد مسؤولية الآخرين لأنهم لم يقدموا لي النصيحة، لكن كان عذر أفراد كلتا الأسرتين أنهم يريدون لنا السعادة، ومع أن الهدف نبيل لكن في النهاية فإن المشاعر لا تصلح لشراء الطعام والشراب والمسكن والملبس والاحتياجات الحياتية، ومع اعترافي بالخطأ لم تكن أيضاً خسارتي هينة أو قليلة فقد أصبت بجرح غائر ربما مازلت أعاني من آثاره حتى الآن فقد فقدت إنسانة عزيزة لم أعرف ولم أجد مواصفاتها في غيرها، والأهم التفاهم الذي كان بيننا، وإذا كانت الأيام كفيلة بأن تداوي كل الجراح فإنها لا تستطيع أن تمحو آثارها. التحقت بالعمل في شركة إلكترونيات متخصصة في تجارة أجهزة الكمبيوتر كان راتبي جيداً جداً وقد استطعت أن أدخر منه ما يكفي لشراء شقة في مكان متوسط وبدأت أدخر لكي أوفر نفقات الزواج من مهر وشبكة وأثاث وخلافه لكن ارتفاع الأسعار كان كلما سابقته سبقني ووجدت أنني لن أستطيع مجاراته واللحاق به ويجب اتخاذ خطوات عملية نحو الزواج، فها أنا في الثلاثين من عمري وأرغب في عدم إضاعة سنوات الشباب، لكن التجربة السابقة تلاحقني وفشلها يطاردني والمخاوف من تكرارها تسيطر على كل تفكيري، وأود ألا أقع في نفس الخطأ مرتين فأحاول أن أعد العدة ثم أقبل على الخطوات التنفيذية، ومع ذلك فالمعوقات كثيرة. الوحدة بدأت أمي تنزعج من الوضع الذي أنا فيه وأنا أقيم وحيداً في شقتي في مدينة بعيدة عن أهلي أطهو طعامي وأغسل ملابسي بنفسي وأقوم بتنظيف المكان، لذا حثتني على الزواج وقد حان الوقت ولا يجب التسويف والتأجيل أكثر من ذلك، وهي تحاول أن تهون الأمر وتزيح عني المخاوف التي تعشش في رأسي وعندما فكرت وجدت لدي قناعة بقولها وسرت في طريق البحث عن عروس كل ما أريد فيها من مواصفات أن تكون على خلق ودين ومن مستوى اجتماعي مناسب، وبالفعل وجدتها وبها كل هذه المواصفات ومع أنها جميلة، لكن ملامحها جادة مثل تماثيل متحف الشمع ورأيت أن تلك ميزة وليست عيباً فأنا لا أحب الفتيات المهرجات واللاتي يتحدثن مع الرجال الغرباء بداعٍ وبلا داع، فكانت مواصفاتها مثالية بالنسبة لي وانطلقت نحو الخطبة وتم الزواج خلال أربعة أشهر فقط وقد شاركتني في تحمل نفقات الأثاث والمفروشات والأجهزة الكهربائية وإن كنت قد اضطررت لشراء بعضها بالتقسيط. الطبيعي عندي أنني مخلص لزوجتي وبيتي وحاولت أن اتخلص من الماضي ولا أجعله يفسد عليّ حياتي الزوجية التي كانت مستقرة حتى عندما اتصلت بي خطيبتي السابقة لتهنئتي على الزواج وقد كانت سبقتني وتزوجت منذ ثلاثة أعوام ولم أفعل ذلك معها وحركت بداخلي ما كان مكبوتاً مخفياً مثل النار تحت الرماد تماسكت وتظاهرت بالقوة وأنهيت الحوار معها بسرعة شديدة وعندما حاولت الاتصال بي مرة أخرى اعتذرت لها بعدم الحديث معي مرة أخرى ومع أنني في الحقيقة راغب في الحديث معها، لكنني كنت حاسماً هذه المرة وأخبرتها بألا تعاود الاتصال مرة أخرى، وقد كنت راضياً عن هذا التصرف تماماً ولم أندم عليه لأن خلاف ذلك قد يفسد عليّ حياتي كلها. محادثات رسمية رغم ما في زوجتي من مميزات أعترف بها وأثني عليها، فإن بها عيوباً أرى أنها جوهرية وتتمثل في أنها لا تتخلى عن جديتها تلك حتى وهي معي في البيت وحدنا ودائماً تتكلم معي كأنها في محادثات رسمية لا تعرف شيئا عن الرومانسية ولا الكلمات الناعمة الطبيعية وتفتقد اللين والتعبير عما تريد أن تقول إلا بنفس الأسلوب الذي اعتادته فاكتويت بما أراه ميزة، وقد حاولت مراراً وتكراراً أن ألفت نظرها لذلك، لكنها لا تستجيب كأنها مبرمجة مثل أجهزة الكمبيوتر وقد وقعت في شر أعمالي عندما كنا نشاهد فيلما رومانسيا في التلفاز وقلت لها انظري كيف تتعامل الزوجة المحبة مع زوجها بالكلام الناعم الجميل وهو أيضا يبادلها بالأسلوب ذاته، فثارت ثائرتها واتهمتني بالجحود وأنني لا يعجبني العجب واستنكرت أن يكون ذلك هو مستوى تفكيري، كأنني ارتكبت جريمة في حقها وفي نهاية كلامها بالطريقة الانفعالية قالت: إن لم أكن أعجبك تزوج واحدة تجد فيها هذه المواصفات. وفشلت في إقناعها بوجهة نظري مع أن ذلك تكرر كثيراً ووجدتني أفتقد السكينة في بيتي ولا أشعر بالود الذي يجب أن يكون بيننا حتى عندما أردت أن أغير الأسلوب عسى أن أكون مخطئاً في طريقة تعاملي معها بحثت عن خطة جديدية مختلفة بأن أبثها أنا كلمات الحب والعشق وأسمعها الكلمات الجميلة والتعبيرات الرومانسية ووجدت منها صدوداً وعدم قبول، ولم تتجاوب معي، بل أعرضت عني وهي تستنكر ذلك، فنحن لسنا صغاراً لهذا الكلام ولسنا في مرحلة خطوبة وكانت النتيجة هي نفسها المزيد من الجفاف في علاقتنا الزوجية وقد رزقنا خلال خمس سنوات بثلاثة أولاد كرست حياتي لإسعادهم واقتصرت كل جهودي على مصالح واحتياجات أسرتي. زميلة العمل زميلتي في العمل ليست في مثل جمال زوجتي، لكن عندها ما أفتقده في شريكة حياتي، فتلك هينة لينة مجاملة إلى أقصى حد باختصار تعرف من أين تؤكل الكتف وتعرف كيف تجامل بأسلوب رقيق جذاب تثني دائما على طريقتي في الملبس وأسلوبي في الكلام وحتى عندما أقص شعري أجد ذلك يلفت نظرها وتستخرج من هذا الحدث العادي كلمات رقراقة تعبر بها عن إعجابها، مع أن زوجتي لا تدرك أصلاً إذا كنت قصرت شعري أو حلقته، وكلما اشتريت قطعة ملابس جديدة أجد زميلتي تشيد بأناقتي وحسن اختياري، مع أنها ملابس عادية ويرتدي الآخرون من حولي أفضل وأغلى منها، ومن جانبي أدمنت سماع كلامها وأسلوبها الرائع الجذاب حتى في الحديث عن أي شيء عادي في الحياة. ما أفتقده في زوجتي تفتقده زميلتي في زوجها وبعد أن توطدت العلاقة بيننا وجدتها تشكو لي منه ومن جفاف مشاعره وإصابته بالخرس المنزلي وعدم الحوار معها في أي موضوع أيا كان والغريب أنها لجأت معه إلى نفس الأساليب التي فعلتها مع زوجتي تكاد تكون طبق الأصل، لذا ضربت كفاً بكف وأنا أتعجب مما يحدث حتى وجدتني أعترف لها بمشكلتي وهنا سالت دموعها ثم اعتذرت عن أنها حملتني همومها وقد كانت المشاكل المشتركة بيننا سبباً في التقارب أكثر وتطورت إلى لقاءات في كل مرة يطغى فيها الحديث عن نفس همومنا وفوجئت بما لم أحسب له حسابا بأنها صارحتني بحبها لي ولم أعلق، لكنني كنت في حيرة من أمري فأنا بالفعل أستريح لها وأجد فيها ما أفتقده في زوجتي، لكن ليس في نيتي أي تصرف آخر. وكانت المفاجأة الأخيرة بأن زميلتي تم طلاقها وأخبرتني بذلك وهي تؤكد لي أن هذا قرارها ولا يد لي فيه وأنني لا أتحمل مسؤولية ذلك، وأيضاً لست مطالباً نحوها بشيء وهي تقصد الزواج فأجدني في حيرة شديدة بين خيارين كلاهما صعب، أجد ميلا نحو زميلتي ولا أريد أن أفتقدها، وأعاني من زوجتي لكنني لا أريد أن أخرب بيتي.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©