السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يلتقيان

1 يناير 2009 03:46
في العتمة كانا يلتقيان··· يأتلقان في هيئة لم تتغير: ينكفئ أمامها منحنياً·· فيما كانت تمد يدها وتدور حول نفسها في حركة متواصلة! لا أعلم متى فطنت إليهما! لكنهما شغلا فكر طفلة كنتها بذهول كنت أستشرف حضورهما·· في ذات الزمان·· في ذات المكان مأخوذة كنت بسحرهما بتجلي الدهشة في سمتهما كنت أراهما يقتسمان صمت الليالي ومن دموع تتناهى في أصداء الكون·· يرتجفان كنت ألمحهما يسكبان الدفء في أحلام خضراء··· ويسجدان· وتوالت الأيام طالت ظفائري زادت حيرتي كبر سؤالي وبقيا يلتقيان وبقيت أتحراهما نافذة شجن·· انتفاضة وعد بفضول كنت أحاول فهم سرهما·· وحين أعجز·· أكتفي بتأملهما·· غارقة في مشاعر وجد· مرة رأيته ينكفئ باكياً·· فيما كانت تدور أمامه محملة بالوجع مرة كان ينحني أمامها تماهياً في العشق·· وكانت تدور متوهجة بالصبابات مرة كانت تلمع في عينيها غربة مشاعر·· وغابت ابتسامته بامتداد الأفق مرة كان مشحوناً بألم حنين·· فيما كانت تنثر فراشات الحلم باتجاه قلبه مرة وجدته يضم ذراعيه في وداعة مستكينة وفي عينيها كانت تلمع دمعة مرة مرة··· ومرة··· وفي غمرة جري العمر المتعب تغيرت أجوائي تغير الزمان تغير المكان لكنني في الليالي المثقلة بالدجى عند مباغتة الحنين ومراودة الدمع عند انهمار الوجوه والأماكن المعتقة أحن لحكاياتهما لطقوس عشقهما أتحينهما أرجع بصري للسماء فأجدهما ملتقيان هلال ونجمة لازالا يلتقيان··· وعاد إليها·· أمل الكتبي تمددت على الأريكة نظرت إلى الأعلى وسرحت بعيداً وطويلاً· لمست بطنها بأطراف أصابعها وهطلت دمعة ساخنة من عينيها: لماذا لم أرزق بولد يسعدني ويحمل اسم زوجي··· فينادونه به· بو محمد أو بو علي· أي اسم المهم ولد·· تنهدت بعمق وسحبت قدميها إلى الغرفة الصغيرة، أطلت برأسها إلى الداخل نظرت إلى بناتها الأربع، عائشة وعبير وعلياء وعفراء· كن نائمات كل واحدة في سريرها· ابتسمت برقة· ذهبت إلى غرفتها لتكمل ليلتها الحزينة وحيدة تنتظر···· نامت على الكرسي الهزاز، عاد زوجها من عمله المسائي ووجدها حيث هي· ـ قومي، الجوهرة، أذّن الفجر قومي صلي· لاحظ على وجهها بكاء الليل الذي يعرف سببه· صارحها يوماً بأنه يخجل من أن ينادى بأبو عائشة· تجاهل الموقف·· ونام· جاءها فهد ذات ليلة مظلمة، بقرار مؤلم· أراد أن يغير أحداث حياته بنفسه· ـ أم عائشة·· قررت الزواج ليأتي الولد أنت تأخرتي كثيراً· سألته الجوهرة: ماهو الضمان بأن تنجب الزوجة الجديدة الولد· لم يكن يملك غير الأمل وبعض المال أعطاه لها هدية· كانت هدية قاسية، فقالت: هل تريد أن تشتري دموعي وحزني وجرحي بمالك؟ لا أريده، أريدك أنت لي وحدي·· طلب مسامحتها· أخبرها أن اسمها أمل· ودعها ورحل·· جمعت بناتها وأبعدت وسواس الشيطان وظلت تردد: عسى خير·· الحمدلله على كل حال· مرت الأيام والشهور: زواج، شهر عسل، فرح، وحمل، دموع، انهيار، وحدة، وانتظار· ثم جاء صوته عبر الهاتف: ـ آلو، أم عائشة، أمل أنجبت بنتاً·· حارت بين مشاعرها: صمت أم شماتة أم ابتسامة، وهي تستمع له: ـ بنت، نعم·· وستنضم لقافلة البنات الأربع وأسميتها عنود·· أريد الحديث معك· وعندما جاء كان سؤاله أسرع من فرحته: أين البنات اشتقت لهن· ثم فاجأها: سأعود للعيش هنا وسأحضر أمل وابنتها معي ما رأيك يا أم عائشة؟ لم تقف الجوهرة أمام رغبته هذه المرة أيضاً، وهي تعلم أنه عندما يعود إليها، فإنما يعود إلى ممكلة النساء التي أسسها، وها هو يضيف إليها اثنتين: أمل وابنتها·· العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©