الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

علماء: التسول حرفة أذلاء يستدرون عواطف الناس

علماء: التسول حرفة أذلاء يستدرون عواطف الناس
24 أكتوبر 2013 20:47
التسول، مظهر غير حضاري يضر بالأمة والمجتمع، أصله قديم، لكنه تطور بصور وأشكال مختلفة، وأصبح ظاهرة مزعجة للغاية على أبواب المساجد وفي الأسواق وإشارات المرور وطرق أبواب المنازل بعد خروج الرجال إلى أعمالهم والانفراد بصاحبة المنزل ثم شروع المتسول أو المتسولة في البكاء والكذب والدجل وهي تحمل بين يديها على الأغلب طفلاً رضيعاً أو معوقاً، وترفض الخروج حتى تعطيها المرأة أي شيء، والأكثر ازعاجاً هو استغلال المتسولين للدين في التأثير على الناس، وخاصة في المناسبات الدينية كيوم الجمعة وشهر رمضان، حيث انشغال المسلمين بالتعبد والتقرب إلى الله، وبسط الأيدي بالصدقات. فيستغل المتسولون ذلك باستدارة عواطف الناس، ويأخذون أموال الصدقات والزكاة بالباطل. تربية المسلم ويؤكد الدكتور حامد أبوطالب، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الشريعة الإسلامية حرصت على أن تغرس في نفس كل مسلم التعفف والكسب من عمل اليد، حيث قال صلى الله عليه وسلم فى حديثه الشريف: «ما أكل امرؤ قط خير من أن يأكل من عمل يده، وأن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده»، وهكذا أكدت الشريعة كراهة السؤال، وحرصت على تربية المسلم على علو الهمة وعزة النفس، والترفع عن الدنايا. ويضيف: أمر الله الإنسان القادر على العمل بأن يعمل تحصيلاً لرزقه وحفظًا لماء وجهه، وجعل السعي في مستوى العبادة، وحرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تربية أصحابه والمسلمين الأوائل على هذا النهج، فوضع ذلك في صف المبادئ التي يبايع عليها صحابته، ويخصها بالذكر ضمن أركان البيعة، فعن أبي مسلم الخولاني قال: حدثني الحبيب الأمين، أما هو إلي فحبيب، وأما هو عندي فأمين: عوف بن مالك قال: “كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة فقال: “ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم؟” وأنا حديث عهد ببيعة. قلنا: قد بايعناك! حتى قالها ثلاثًا، وبسطنا أيدينا فبايعنا، فقال قائل: يا رسول الله، إنا قد بايعناك فعلام نبايعك؟ قال: “أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، وتصلوا الصلوات الخمس، وتسمعوا وتطيعوا” وأسرَّ كلمة خفية، قال: “ولا تسألوا الناس شيئا” قال راوي الحديث: “فلقد كان بعض أولئك النفر يسقط سوطه، فما يسأل أحدًا أن يناوله إياه” وهكذا نفذ هؤلاء الأصحاب مضمون هذه البيعة النبوية تنفيذا “حرفيا” فلم يسألوا أحدا. ضمان اجتماعي ويقول إن الدولة فى الإسلام مطالبة بمواجهة ظاهرة التسول عن طريق تقديم ضمان اجتماعي لكل عاجز عن العمل، نتيجة لمرض أو شيخوخة، بدليل أن عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” عندما رأى يهوديا يتسول قال: لا والله ما أنصفناك إذ أخذناها منك شاباً ثم ضيعناك فى كبرك، ثم أمر له بعطاء. كما تتضمن آليات معالجة التسول الحث على الإنفاق على السائلين، الذين يتأكد لنا أنهم فعلا في أمس الحاجة كما في قوله تعالى “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” “البقرة :177”. البعد عن المعايب ويقول الدكتور اسماعيل عبدالرحمن أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر: الإسلام حرص على أن يربي المسلمين على مكارم الأخلاق، ويغرس فيهم العزة والشمم، والترفع عن النقائص والبعد عن المعايب، ومن ثم فقد مدح الله في كتابه الكريم من تعفف من الفقراء، فقال تعالى: “لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً” “البقرة :273” وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم تنفر من سؤال الناس، وترغب في أن يكون المسلم عفيفا ذا كسب طيب ينفق منه ويتصدق، ففي الحديث الذي جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اليد العليا خير من اليد السفلى”، ولكن أصبح التسول حرفة البعض وأصبح المتسولون يتفننون في استغلال الدين في التأثير على الناس وأصبحنا نرى المتسول الذي يمتلك مهارات قوية للتأثير، سواء من خلال طريقة الكلام التي تكون حزينة وفيها استعطاف، أو من خلال توظيف بعض آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية التي تحث على التصدق والإنفاق في سبيل الله، أو من خلال هيئة المتسول وحالته المرثية. النظام والانضباط ويقول: لابد من توعية المحسنين والمتسولين توعية دينية حقيقية، بحيث يدرك المتسول حجم الجرم الذي يرتكبه في حق نفسه أولا، وفي حق المجتمع ثانيا، كذلك لابد من توعية المحسنين بأن الدين الإسلامي يحث على الصدقات، إضافة إلى فرض الزكاة لكن في الوقت نفسه يحثنا على أن تكون صدقاتنا موجهة بشكل جيد حتى تصل للمستحقين، فالإسلام يدعو إلى النظام والانضباط في أوجه الصدقات والزكاة، وهنا من الممكن توجيه الإنفاق والاستفادة من هذه الصدقات، بحيث تمضي إلى مؤسسات متخصصة، وتؤدي المطلوب منها على أكمل وجه. وتشير الدكتورة آمنة نصير العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر، إلى أن الإسلام غرس في أتباعه عزة النفس وعلو الهمة، والترفع عن دنايا الأمور، فحثهم على أن تكون يدهم هي العليا، استعفافاً عّما بأيدي الناس، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه فيما أخرجه الستة ما عدا ابن ماجة، قال: إن ناساً من الأنصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، حتى إذا نفد ما عنده قال: “ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم، ومن يستعف يعفه الله، ومن يستغنٍ يغنه الله، ومن يتصبّر يصبّره الله، وما أعطي أحد وعطاء أوسع من الصبر”. مزايا وخصوصيات ودعت الى أن تقوم الدولة المسلمة بتوفير العمل لكل عاطل والدعم لكل عاجز عن العمل وتحبيب الناس في العمل، حيث يقول الله سبحانه وتعالى: “وَآيَةٌ لّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنّاتٍ مِن نّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلاَ يَشْكُرُونَ” يس:35، والإسلام جعل للعمل مزايا وخصوصيات، فالذي يعمل بيده ويحصل على رزقه عن طريق عمله، يغفر الله له الذنوب ويحصل على ثواب كبير. الإسلام حثنا على العمل أوضحت الدكتورة آمنة نصير، العميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية بالأزهر، أن الإسلام ذمّ السؤال وحثنا على العمل والاستغناء عن سؤال الآخرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استعفوا عن السؤال ما استطعتم»، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: قلّة طلب الحوائج من الناس هي الغنى الحاضر، وكثرة الحوائج إلى الناس مذلّة، وهو الفقر الحاضر. وقالت: بعد ذلك يأتى دور تطبيق أحكام الشريعة على المتسولين لردعهم عن ذلك السلوك المهين، ولابد أن يعي المتسول جيدا خطورة ما يفعله فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “… مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ قَالَ مَا يُغَدِّيهِ أَوْ يُعَشِّيهِ فقيل: يا رسول الله! وما الغنى؟ قال: خمسون درهما أو قيمتها ذهباً” وقال صلى الله عليه وسلم: من سأل وله أوقية فقد ألحف وحدث أن رأى عمر بن الخطاب “رضي الله عنه” سائلا يقول: من يعشيني؟ من يعشيني؟ فقال: عشوَه. ثم وجده بعد ساعة يمشى في الشارع يقول: من يعشيني؟ فيقول عمر: ألم أأمر أن تعشوه، فيردون: عشيناه يا أمير المؤمنين.. فأتى به عمر وقال له: أنت لست بسائل أنت تاجر، فضربه وأقسم عليه بعدم تكرارها.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©