الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيمان صديق: الألعاب الإلكترونية أدخلت الأطفال في عزلة

إيمان صديق: الألعاب الإلكترونية أدخلت الأطفال في عزلة
14 أكتوبر 2012
اشتكت سيدة من إدمان أبنائها على الألعاب الإلكترونية، بينما أبدت أخرى قلقها من البكاء المتزايد والعصبية التي يعاني منها أحد صغارها، في حين قالت سيدة إن ابنها، الذي يبلغ عمره 6 سنوات، يعاني من اعوجاج في أصابعه نتيجة ممارسته ألعاب الكمبيوتر في سن مبكرة. قلق متزايد عبرت عنه أمهات حضرن برنامج «التعلم الأسري»، الذي انطلق في مراكز مؤسسة التنمية الأسرية، وينهي فعالياته في مركز متنزه الشريعة اليوم وغدا، من أجل تصحيح مفاهيم ترفيه الأطفال، والكشف عن طرق اللعب الصحيحة، ودورها في تنمية مهارات التواصل لدى الصغار، موضحا أخطار إدمان الألعاب الإلكترونية على السلوك وإدخالها الأطفال عزلة اجتماعية ونفسية. لكبيرة التونسي (أبوظبي) - نفذت مؤسسة التنمية الأسرية المرحلة الثانية من برنامج التعلم الأسري للأمهات، وقدمت الدكتورة إيمان صديق، استشارية تربوية وخبيرة تدريب، في كل من مراكز أبوظبي، وبين الجسرين والوثبة والشهامة، محاضرات تحت عنوان «الحوار وأنواع التواصل»، بهدف التركيز على تعامل الأمهات مع أطفالهن عن طريق اللعب، وتم تدريبهن خلال الورش على التعامل مع الطفل عن طريق اللعب، وزودتهن بأساليب لإخراج أولادهن من العزلة، واللعب معهم لربط جسور التواصل وخلق نوع من الترابط. الطفرة الإلكترونية أكدت صديق أن أسئلة الأمهات تتشابه فيما بينها في مختلف دول العالم اليوم، نظرا للمؤثرات والمتغيرات العصرية من جهة، مشيرة إلى أن للطفرة الإلكترونية إيجابياتها، لكن لها سلبيات كبيرة على المحيط الأسري، حيث تساعد على التفكك الانطواء وابتعاد أفراد الأسرة عن بعضهم البعض حتى بات الجميع يعاني من الغربة في المنزل نفسه. وشددت صديق على ضرورة أخذ التدابير لإرجاع الأسرة كما كانت عليه، ونوهت بدور الأم في هذا الاتجاه، وذلك بإشراك الأولاد في الحديث والتقرب منهم وجعل مائدة الغذاء أو العشاء موعدا مقدسا لالتفاف حولها ومناقشة بعض الأمور الأسرية لإخراج الأطفال من بوتقة العزلة التي أصبحوا يركنون إليها، إذ اكتسحت الألعاب الإلكترونية البيوت وقيضت العلاقات الأسرية. وركزت صديق على دور الأم في تقليص مخاطر هذه الظاهرة التي اعتبرتها إشكالية كبيرة تعترض الأسر في كل مكان في العالم، إلى ذلك، قالت «يعاني مجتمعنا كباقي المجتمعات من أمراض العصر، وهي أمراض الأعصاب، وهذه ليست معاناة مجتمع دون آخر، لكن هناك مجتمعات تزداد فيها حدة ذلك، ويجب على الأمهات أن تدرك أن توفير هذه الألعاب والرضوخ لطلبات الصغار ليس ترفا، وإنما ذلك يضر بهم ويرمي بهم في الوحدة والانطواء ويبعدهم عن التفاعل في المجتمع، وهذا يخلق جيلا منعزلا». وأضاف «ما لاحظناه خلال تطبيقنا برنامج التعلم الأسري في جميع مراكز التنمية الأسرية التي قدمت فيها البرنامج أن السيدات كن يطرحن بعض الأسئلة ويسردن قصصا عن حالات يعاني منها الأبناء منها سيدة قالت إن ابنها يعاني من اعوجاج في أصابعه نتيجة تعاطيه مع الكمبيوتر في سن صغيرة، حيث كان يكبس على الأزرار قبل أن يكتمل نمو أطراف أصابعه ما أثر عليه، بينما اشتكت أخرى من البكاء المتزايد والعصبية الشديدة التي يعاني منها أحد أبنائها، وعند سؤالها أكدت أنه لا يلعب ألعابا اجتماعية بينما يقضي أغلب وقته يشاهد برامج الأطفال ويتابع المسلسلات الكرتونية التي بها حمولة كبيرة من العنف، بالإضافة إلى ممارسته الألعاب الإلكترونية. وأوضحت صديق أن هناك بعض الأطفال الذين دخلوا في حالة إدمان الألعاب الإلكترونية دون أن يدري الأهل. ونصحت صديق بضرورة خلق منافذ للعب لإخراج الأطفال من الإدمان على الألعاب الإلكترونية الذي يؤثر عليهم في جميع مراحل حياتهم، مشيرة إلى دور الألعاب التمثيلية والدرامية ودورها في صقل الشخصية ومواجهة الناس، والألعاب الاجتماعية والحركية والألعاب الثقافية التي تقوي شخصية الطفل وتجعله في مواجهة مع الحياة، ولم تلغ دور الألعاب الإلكترونية، لكنها شددت على ضرورة التقليل منها بشكل كبير والدفع بالطفل لممارسة الألعاب الأخرى لخلق نوع من التوازن. تدريبات حية قدمت صديق للأمهات اللواتي استفدن من برنامج «التعلم الأسري» مجموعة من المهارات وخضن مجموعة من التدريبات الحية للوقوف على صحة ما يقال نظريا، في هذا الإطار، قالت صديق «بالإضافة للمحاضرات النظرية فإن السيدات تفاعلن مع ما طرح من أسئلة وأجوبة وتمارين، حيث خلقنا زاوية لعب الأم مع طفلها، إذ شاركت مجموعة منهن الأطفال اللعب ما جعل بعضهن يتفاجأ بقدرة ابنها، بينما أكدت أخرى أن هذه الفترة القصيرة عرفتها على قوة شخصية ابنها، بينما صرحت أخرى أن الألعاب لها القدرة على تصحيح الأخطاء وخلق حوار مباشر مع الصغير، وهكذا يتضح أن اللعب مع الطفل له دور كبير جدا في ردم الهوة التي تكون بين الأم وأحد أبنائها، ونعرف أن هناك تحديات كبرى تواجه الأم، خاصة العاملة، لكن يجب أن تقوم بهذه المهمة ولو مرة في الأسبوع لتقف على مشاعر أبنائها واحتياجاتهم النفسية ومعرفة طرق تفكيرهم». وألقت صديق خلال تطبيق برنامج التعلم الأسري الضوء على دور اللعب في تعديل السلوك. وأوضحت «يجب على الأم أن تتمتع بروح الدعابة وأن تكون المحتوية لأبنائها، ويجب عليها أن تلاعب أطفالها وتجالسهم، ولا ينحصر دورها في الأمر والنهي، بل يجب أن تجعل من الألعاب جسرا للتواصل، حيث يمكن أن تصحح الأم من خلال ملاحظاتها أثناء اللعب سلوك الطفل، مثلا هناك بعض الأطفال متعصبون، لا يرضون بالخسارة، وهناك من يريد كل الأشياء لنفسه، وهنا يمكن أن تفهمه أن اللعبة مثل لعبة الحياة يجب أن تتقبل الربح والخسارة، كما أن هناك دورا يجب أن يتقيد به، فليس من حقه أن يلعب مرة واثنين وثلاثا، لأن الألعاب هي أحد جوانب الحياة». ومن الملاحظات التي لفتت صديق أن بعض الأمهات يفرطن في الدلال وتلبية رغبات الأطفال، وأضافت «هناك بعض الأمهات يستسلمن لرغبات أبنائهم، فنرى بعض الأطفال يتمرغ على الأرض إن لم تتم تلبية طلبه بشراء لعبة معينة، وإذا حصل عليها فإنه لا يحافظ عليها، إذ لم يعد لديه الإحساس بقيمة الشيء»، مؤكدة أن «بعض الأمهات يظلمن أولادهن بالدلال الزائد ما يجعلهم لا يستمتعون بالحياة ولا يسعدهم أي شيء». اللعب والتنشئة حول دور اللعب في تنشئة الأطفال، أوضحت صديق أن الطفل عندما يمارس اللعب فرديا أو جماعيا، يستغل طاقات الجسم الحركية والذهنية، ويمكن أن يكون هذا النشاط تعليميا أو وسيطا تربويا فعالا يسهم في تنمية سلوك وشخصيته بأبعادها العقلية والجسمية والوجدانية والحركية، إذ يتميز الطفل بالنشاط والحركية ويميل إلى التحرر من القيود. وأشارت إلى وجود أنواع للعب لكل منها أهداف؛ فمثلا اللعب التمثيلي الدرامي يتجلى هذا النوع من اللعب في تقمص لشخصيات الكبار وأساليبهم الحياتية التي يراها الطفل وينفعل بها وتعتمد هذه الألعاب خصوصا على خيال الطفل الواسع، وترتكز على تعاون بين الجسم والعقل، وهناك اللعب الفني (التعبيري) ويتمثل في النشاطات التعبيرية الفنية التي تنبع من الوجدان، كالرسم والتلوين والإلصاق والغناء والموسيقى، واللعب التركيبي البنائي الذي ينمو مع مراحل نمو الطفل المختلفة، فهو في البداية يقوم بعملية التركيب أو وضع أشياء بجواز بعضها، ثم ينتقل بعد ذلك إلى إنشاء أشياء مألوفة لديه ليصل إلى إبداع أشكال من خياله، وهناك أيضا اللعب الاجتماعي وهي ألعاب وفق قواعد مقررة سلفا، على الطفل السلوك وفق هذه القواعد والانصياع للقوانين التي تحكمها ومن أمثالها: لعبة الحجلة - الغميضة - الدومينو - ألعاب الحاسوب، وهناك اللعب البدني والحركي الذي يعتمد على ألعاب وأدوات تسعى لتنمية العضلات الكبيرة كالقفز، وألعاب التوازن والتسلق والجري، وأخيرا يوجد اللعب الثقافي التعليمي وهو مجموعة من الأساليب الفعالة في تثقيف الطفل، حيث يكتسب من خلالها معلومات وخبرات. وعن وظائف اللعب، قالت صديق إنه يساعد الطفل في السيطرة على القلق والمخاوف والصراعات النفسية البسيطة، ويساعده على تحقيق التوازن النفسي، ويساعده على تنمية المشاركة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين وتعزيز السمات الاجتماعية المرغوبة، ويساعده في تنمية المهارات الحركية والنمو الجسمي، ويساعد في تنمية القدرات العقلية، ويساعد في تنمية مدركات الأطفال وتنمية تفكيرهم وحل مشاكلهم وصقل مواهبهم، ويساعد في تعرف الطفل على نفسه وكشف إمكانياته، كما يساعد في عمليات التعلم (وسيط تربوي وتعليمي) بالإضافة إلى إثراء لغته، كما يساعد في تنمية الحس الإبداعي وابتكار وسائل جيدة لممارسة الطفل لألعابه. جذب اهتمام الأهل يحرص الطفل على جذب اهتمام الأهل بشتى الطرق، قالت صديق «بالرغم من أن الطفل يعلم أنه سيعاقب على هذا الأمر إلا أنه يفعله، فمثلا يصرخ أمام الضيوف للفت نظر والديه لأنه بحاجة لاهتمامهم وحنانهم فيجب عليهم الاهتمام باحتياجات الطفل، ولا بد أن نقدر الأطفال ونشعرهم بأهمية آرائهم، ونبتعد عن الإهانة والتهديد، وإن أردنا التعبير والتحدث معهم عن أسلوبهم السيئ يتحتم علينا أن نوجههم بحيث نفصل السلوك عن الشخصية، مثل أن نقول له «لا يعجبني تصرفك هذا»، ولا نقول له «أنت سيء»، فإن عدم تقبل الوالدين للطفل ونقده باستمرار يشعره بالكراهية والظلم». وأضافت «يختبر الطفل مكانته في العائلة أحياناً بإساءة تصرفه، ويجب على الأهل حينها إعطاءه اهتمامهم وحبهم وحنانهم، فهذا يعطيه ثقة بالنفس ويؤدى إلى التقليل من التصرفات السلبية، كما يجب توصيل رسائل متعددة للطفل محتواها يدل على أن له مكانة خاصة في الأسرة، من خلال معاملته بهدوء واهتمام، وتعزيز مكانته في الأسرة عن طريق التحدث معه والاستماع إليه ومنحه الثقة بالنفس. وأكدت أن الأطفال يحبون الاستطلاع إذ يميز الطفل حبه لاكتشاف ما حوله وإصراره على معرفة الأشياء، ولديهم الرغبة في الاعتماد على النفس إذ يرغب الطفل في الاستقلال والاعتماد على النفس، فمثلا يرغب في أن يأكل لوحده وهو عمره سنة ونصف، ويفضل تلبية احتياجه إن لم يترتب عليه ضرر، لافتة إلى أن الطفل يشعر بالملل والضجر ما ينعكس على هيئة سلوكيات سلبية قد تزعج الأم، لذا تنصح الأم بشغل طفلها بأشياء مفيدة بدل أن يشغلها هو ويلهيها عن واجباتها وأعمالها. العلاقة بين البيئة وشخصية الطفل من خلال المحاضرات التي قدمتها صديق، أكدت أن البيئة التي يعيش فيها الطفل إما أن تكون محفزة أو سلبية ما يؤثر على حياة الطفل. وقالت «البيئات التي تحيط بالطفل تؤثر على الشخصية، فإذا عاش الطفل في بيئة داعمة تشجعه، تتقبله، تنصفه، تأتمنه وتوفر له الأمن فإن ذلك يؤدي تلقائيا إلى أن يتعلم الطفل أن يكون قادراً وواثقاً بنفسه، ومحباً وذا هدف، وأن يُقدر العدالة، ويتعلم الصدق والثقة بالنفس، أما إذا عاش في بيئة مسببة للأخطاء مثلا بيئة تطيعه، بيئة تنتقده، تخيفه، وإذا عاش في ظل العداوة، وفي ظل الشفقة الزائدة عليه فإن الطفل يتعلم أن يكون محبا لنفسه، وأن يكره ويدين الآخرين، وأن يكون مترقباً للشر، ويتعلم الإحساس بالذنب، ويتعلم أن يكون مريضاً، ويتعلم الهجوم على الآخرين ويتعلم التحسر على نفسه».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©