الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

المؤدب.. نحو «تأصيل» التنوير

المؤدب.. نحو «تأصيل» التنوير
8 نوفمبر 2014 00:17
أبوظبي (الاتحاد) لا يذكر عبد الوهاب المؤدب، المفكر والأكاديمي التونسي، إلا ويلتصق بذكره مشروع التنوير الذي حمله على كاهليه، عقودا من الزمن، عاملا على تأصيله في الفكر والحياة العربية. وبرحيل، أحد أعلام هذا المشروع، فإن قضية التنوير في العالم العربي، تصبح أكثر إلحاحية، وبحثا عمن يرفع أعلامها. وقد أثار كتابه «أوهام الإسلام السياسي» نقاشات حامية في العالم الإسلامي وكذلك أيضا في أوروبا. فقد سبق غيره في هذا الكتاب إلى التحذير من ظاهرة الأصولية، مفكّكاً خطابها القائم على الأحادية وإلغاء المخالفين له. مساء أول من أمس الخميس، شاع خبر وفاة المؤدب عن 68 عاما (1946 ـ 2014)، قضاها في تمكين رؤاه الفكرية، بالكتابة والتعليم والدعوة والمساجلة. فقد كان الراحل، في سنواته الأخيرة، يشرف على برنامج «ثقافات الإسلام» في «إذاعة فرنسا الثقافية» الذي يعنى بتحليل ودراسة الرهانات الحضارية ما بين الثقافتين الإسلامية والغربية. وقبل أن يتمكن منه المرض العضال، أنجز عبد الوهاب المؤدب، 30 كتابا، كان آخرها «غريزة صوفية»، سيصدر في أواخر شهر نوفمبر الجاري، كما ساهم عبر مؤلفاته في التعريف بكبار الشخصيات الصوفية (ابن عربي، الحلاج، جلال الدين الرومي) بفرنسا كما برز أيضا بترجمته لكبار الكتاب العرب المعاصرين لدى قراء اللغة الفرنسية. وتحصل عبد الوهاب المؤدب الذي كان يشتغل كأستاذ للأدب المقارن بجامعة «باريس - إيكس - نانتار» على العديد من الجوائز في مجاله، من بينها: «جائزة الدوحة عاصمة ثقافية عربية» عن مجمل مؤلفاته، كما حصل في 2002 على «جائزة فرانسوا مورياك» وجائزة «ماكس جاكوب»، فيما حاز بعدها بخمس سنوات على جائزة «بنيامين فوندان» لكتابه «كونر براش»، باللغة الفرنسية. يذكر أن المؤدب التحق في العام 1967 بجامعة «السوربون» لدراسة الأدب الفرنسي. وبعد أربع سنوات من الدراسة الأكاديمية، بدأ يصدر نصوصه الشعرية والروائية التي انخرط من خلالها في المدرسة المغاربية التي تتبنى اللغة الفرنسية كلغة تواصل، لكنها تحافظ على الروح العربية والإسلامية والأفريقية. والبارز في سنواته الأخيرة هو مشاركته في الحراك الاجتماعي والسياسي الذي شهدته تونس، والذي أدى الى الإطاحة بنظام الرئيس زين العابدين بن علي، عبر دفاعه عن قيم الحرية والديمقراطية. وقد رأى في الثورة التونسية تسارعاً مدهشاً ومفعماً بالبراءة والعفوية لحركة التاريخ. لكن، أيضا، كانت له رؤية نقدية حول طريقة التعامل مع نتائج هذا الحراك، عبر عنه في مقال، تناول فيه مواقف المثقفين في بلاده وفي أوروبا (خصوصا فرنسا) حيال ما شهدته وتشهده تونس. وفي ذلك يقول المؤدب: «أعتقد أن أحداث تونس ينبغي أن تجنبنا الوقوع في خطأين شائعين هما خطأ الوصاية الأبدية للمستعمر السابق، وخطأ الفكر المهيمن الذي يقسم العالم إلى مركز وأطراف هامشية تدور في فلكه. إن الثورة التي كان مسرحها ما دعاه الرومان سابقا بأفريقيا قد دشنت من قبل شخص فقير أشعل النار في جسده وضحى بنفسه. وقد حصل ذلك في ولاية سيدي بوزيد التي هي هامشية في تونس نفسها فما بالك بالنسبة لفرنسا؟! وبالتالي، فإن الثورة انطلقت ليس من الهامش وإنما من هامش الهامش. ثم توسعت بعدئذ بفضل الإنترنت ووسائل المعلوماتية الحديثة، أي عن طريق الفضاء المفتوح الذي يستطيع تحويل أي هامش إلى مركز».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©