الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

الحرب على الإرهاب ضرورة لضمان المستقبل

20 فبراير 2007 02:00
حوار ـ غادة سليم: كلما إلتقى العرب واليونانيون يتبين للعالم عمق التقارب الفكري والانسجام التاريخي الذي ميز العلاقة بين الأمتين عبر التاريخ· فموقع اليونان الجغرافي القريب من الدول العربية خلق نسيجاً حضارياً متناغماً بين الحضارتين، فظلت إحداهما تثري الأخرى بالأفكار والعلوم والفنون والآداب عبر قرون عديدة من الزمن· ومما هو ثابت في كتب التاريخ رسالة بعث بها أحد الأباطرة البيزنطيين إلى أحد خلفاء المسلمين يقول فيها ''إن شعبينا هما جوهرتان في التاج الذي ألبسه الله للأرض''· ولقد كان للزيارة الرسمية التي قامت بها وزيرة الخارجية اليونانية ''دورا باكويانيس'' للبلاد مؤخراً دور كبير في إنعاش الذاكرة بحجم التعاون والصداقة التي تجمع بين البلدين· فجاءت زيارتها خطوة موفقة لتعزيز التنمية والشراكة بين الإمارات واليونان في المجالات الاقتصادية والسياحية والثقافية· كما تؤكد ما يمكن أن تقوم به الدبلوماسية الأوروبية من دور في دعم القضايا العربية الراهنة· و''دورا باكويانيس'' وزيرة الخارجية اليونانية تعد نموذجاً مميزاً في هذا المنحى إذ لم تدخر جهداً منذ توليها المنصب في اتخاذ مبادرات لحل الصراع العربي الفلسطيني، والتوسط لتخفيف حدة الملف النووي الإيراني مع الولايات المتحدة، والسعي لإيجاد مخرج للوضع المتأزم في العراق· ولأنها شخصية استثنائية في عالم السياسة على الرغم من مرور عام على توليها وزارة الخارجية، إلا أن الساحة السياسية شهدت بنشاطها الديناميكي على صعيد القضايا الإقليمية والدولية بالإضافة إلى جهودها الدؤوبة لترسيخ الحريات المدنية وحق الأقليات في بلادها· وخلال زيارتها الأولى لدبي كان لنا معها هذا الحوار الخاص: ؟ كيف ترين مستقبل العلاقات السياسية والاقتصادية التي تجمع اليونان بالإمارات؟ ؟؟ لا شك في أن العلاقات بين اليونان والإمارات متميزة جداً· فكلانا تجمعنا رؤى مشتركة تجاه قضايا سياسية إقليمية ودولية مهمة، ولدينا ثوابت مشتركة تجاه قيم إنسانية عظيمة تدعم الحوار بين الحضارات والثقافات الإنسانية المختلفة· وكلا البلدين يؤكدان دوما التزامهما بالقانون الدولي ويتخذان السياسات ذاتها تجاه قضايا الإرهاب ويظهران فهماً عاماً تجاه مبدأ التخلي عن أسلحة الدمار الشامل· وإنني أفتخر دوماً بأن اليونان كانت من أوائل الدول التي اعترفت بدولة الإمارات العربية المتحدة· وأضافت: لقد كانت زيارتي للإمارات تأكيدا لما رأيته في الدول العربية الأخرى من كرم ضيافة ودفء استقبال واحترام رأي· وكان لي شرف تسليم دعوة لزيارة اليونان موجهة إلى القيادات السياسية بالدولة نيابة عن رئيس جمهورية اليونان ''كاولوس بابولياس'' ورئيس الحكومة اليوناني ''كوستاس كارامنليس''· وإنني على يقين بأن مستقبل العلاقات اليونانية الإماراتية سيكون مثمراً وواعداً على المستوى التجاري كما هو على المستوى السياسي· وهذا هو الشعور ذاته الذي غمر الوفد الرسمي الذي رافقني لزيارة الدولة وضم 90 من أبرز رجال الأعمال في اليونان· ؟ ترى ما السر وراء اهتمام الدبلوماسية اليونانية بالقضايا العربية وفي هذه الفترة تحديداً؟· ؟؟ لقد بدأ الحوار بيننا قبل مئات السنين وامتد بنا إلى اليوم· فلقد كانت الأرض العربية مبعث إلهام مؤرخنا العظيم هيرودوت والذي نقل لأبناء أوروبا عبر كتبه صوراً للحياة في الشرق الأوسط والخليج العربي· وكانت مساهمات العلماء العرب في الرياضيات والتاريخ والفلك نبراساً اهتدى به علماؤنا وعلماء أوروبا لقرون· فهناك وشائج ربطت الأمتين الإغريقية والعربية عبر الزمان، ومرت باختبارات عديدة فاجتازتها جميعاً وأثمرت اليوم ثقة قوية على المستوى السياسي وتعاوناً مزدهراً على المستوى الاقتصادي وصداقة وطيدة على المستوى الشعبي· وهذا هو الوقت الأفضل كي تمتد هذه الروابط لتأسيس شراكة حقيقية· وأضافت: لقد تبنت اليونان على الدوام سياسات ترمي إلى تحقيق السلام والاستقرار والأمن في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج· وذلك إيماناً منا بأنه لا يوجد رخاء بلا أمن ، ولا أمن بلا حكمة· ونحن نعمل بجد ونشاط لدعم القرارات كافة التي تساهم في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة يساعدنا على ذلك حرصنا على إبقاء علاقات جيدة مع كل دول الشرق الأوسط· ولهذا وضعنا قضايا الشرق الأوسط على رأس أولويات سياستنا الخارجية· ؟ كيف تفاعل المجتمع الدولي مع المبادرة التي قامت بها اليونان تجاه القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة؟ ؟؟ كل ما نطمح إليه هو أن نرى الرخاء والاستقرار والأمن يعم الشرق الأوسط، ولا شك في أن الصراع العربي الإسرائيلي مفتاح هذا الحلم· ولهذا كانت القضية الفلسطينية على قمة أولوياتنا سواء في فترة وجودنا كأعضاء غير دائمين في مجلس الأمن لعامين أو أثناء تولينا رئاسة مجلس الأمن في سبتمبر الماضي· وتركزت جهودنا حول التوصل إلى صيغة سلام شامل عادل يضمن وجود دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل· ولم يكن هذا مصادفة بل إيمانا منا بأن القضية الفلسطينية هي قلب الصراع في الشرق الأوسط· وهي رؤية يشاركنا فيها العديد من شركائنا خارج الاتحاد الأوروبي· ولهذا قوبلت مبادرتنا في الأمم المتحدة بالتقدير والترحيب· ؟ هل تتفقين حول ضرورة تفعيل الدور الأوروبي في الصراع العربي الإسرائيلي؟· ؟؟ لا جدال في أن الاتحاد الأوروبي قد لعب بالفعل دوراً فاعلاً في عملية السلام في الشرق الأوسط· ويسعى الآن لكي يلعب دوراً متعدد الأبعاد والأطراف من خلال الرباعية· وترجع فاعلية الدور الأوروبي لما يتمتع به من علاقات متوازنة وموثوقة مع الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني في إطار سياسات الاتحاد الأوروبي· فالاتحاد الأوروبي هو الشريك الأكبر لإسرائيل في المجال التجاري والاقتصادي والعلمي والبحثي· وهو في الوقت ذاته أكبر جهة دعم مادي وإنساني للشعب الفلسطيني· وهو ما يضفي الكثير من الثقل على دور الاتحاد الأوروبي في عملية السلام · وأضافت: كما أن مساهمة القوات الأوروبية المشتركة في مهمة حفظ السلام في جنوب لبنان، ووجودها في الجبهة الأمامية لتقديم المساعدات الإنسانية وعملية إعادة إعمار لبنان سيكون باعثاً أكيداً على زيادة مساحة الدور الأوروبي في تفعيل السلام والأمن في المنطقة· وأرى أن الوجود الأوروبي في لبنان عنصر مهم سيعيد صياغة مستقبل منطقة الشرق الأوسط وسيزيد من جهود التنسيق الأوروبية· ولهذا نرى أهمية أن نعمل سوياً تجاه بلوغ الأهداف العامة لإنهاء الصراع في المنطقة· ؟ منذ توليك منصب وزير الخارجية وهناك حراك سياسي واضح تجاه العرب، فهل تخططين لخطوات إيجابية مستقبلية تجاه دول عربية أخرى؟ ؟؟ على الصعيد الشخصي، لابد أن أعترف بأنني شخصياً أميل إلى المنطقة العربية· فنحن جميعا جزء من هذه المنطقة ولدينا سمات مشتركة في أمور كثيرة، من بينها الكرم والترحاب والدفء الذي يميز الشعوب على جانبي المتوسط· بل هناك ما هو أكثر من ذلك وهي الصداقة الوطيدة التي جمعت الأمتين العربية واليونانية والتي تعود إلى ألفي عام· ويكِن الشعب اليوناني كل مشاعر الود لدول الشرق الأوسط كافة· أما على الصعيد السياسي فإن رئيس الوزراء اليوناني ''كوستاس كارامنليس'' يتبنى سياسة منذ نوفمبر 2004 تدعم القيام بمبادرات تهدف إلى إنعاش العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدول العربية عامة ودول الخليج خاصة· ومنذ ذلك التاريخ وهناك زيارات مكوكية يقوم بها الرئيس اليوناني والوزراء ورجال الأعمال إلى الدول العربية كافة· ونحن نعتزم مواصلة السياسة ذاتها لتعميق الروابط السياسية والاقتصادية· ؟ بصفتك أول سيدة تتولى هذا المنصب في تاريخ اليونان، كيف تنظرين إلى زيادة أعداد القيادات النسائية في مجال السياسة على مستوى العالم وكيف تقيمين أداءهن في جلب السلام للأرض؟ ؟؟ لا شك في أن هناك تنامياً في عدد النساء ذوات الثقل السياسي على الساحة الدولية· لكنني أرى أن السياسة لا علاقة لها برجل كان أو امرأة· لأنها تعتمد على تعاطي الشخص مع السياسة وفهمه لرؤى ومصالح بلاده وكيفية الوصول إليها· وأن يكون للسياسي استراتيجية جيدة لتحقيق الأهداف بكل ما أوتي من صدق وأمانة· فالقيادة السياسية التي يحتاجها العالم اليوم والتي ستقود إلى غدٍ أفضل تتطلب الكثير من الشجاعة والتحلي بالقيم والمبادئ ولا فرق أن يكون صاحبها رجلاً أو امرأة· ؟ ما هي سياسة اليونان تجاه قضايا الإرهاب الدولي؟ ؟؟ نحن ندين كل الأعمال الإرهابية مهما كان سببها أو الدافع وراء القيام بها· فنحن لا نؤيد وجود أي مساحة للعنف· فالإرهاب العالمي دفع بالأبرياء إلى التشرد والعيش في عزلة وفي حالة من عدم الأمان، وهو أمر لا يمكن قبوله أو التهاون به، مما يجعلنا نرى احتياج العالم لاستمرار في حربه على الإرهاب في كل بقعة من بقاع الأرض· ولا بد أن تتوحد الجهود حتى يكون عالم الغد خالياً من الإرهاب· فهو الضمان الوحيد للعيش في سلام· فلن يكون هناك ازدهار من دون أمن ولن يكون هناك أمن من دون حكمة· والحكمة هنا تقتضي تضافر الجهود الدولية كافة لمكافحة الإرهاب، فالإرهاب لا يعرف حدوداً أو ديناً أو عرقاً أو جنسية أو لوناً، إنها معركة يجب أن تخوضها الدول كلها من أجل الإنسانية كلها·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©