الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التنصت على الفرنسيين... توتر جديد في البيت الأبيض

23 أكتوبر 2013 23:36
آن جيران باريس - سيئول كان للتقرير الذي نشر الإثنين الماضي، والذي تضمن معلومات مفادها أن «وكالة الأمن القومي» الأميركية تنصتت على أكثر من 70 مليون اتصال هاتفي للفرنسيين خلال شهر واحد، أن يجعل إدارة أوباما تعيش دوامة جديدة بحثاً عن تبرير لنشاطاتها التجسسية التي لم تستثن حتى أكثر الحلفاء تقرباً من الولايات المتحدة، وبطريقة عرضت سمعتها للأذى في طول الأرض وعرضها. وفي مؤشرات تدل على أن الفضيحة أصابت أوباما بنوع من الصداع السياسي والدبلوماسي كان في غنى عنه، طلب من الرئيس الفرنسي أولاند يوم الإثنين الماضين أن ينصت بإمعان إلى التصريح الصادر عن البيت الأبيض من أن «التسريب الأخير في الصحف يندرج في إطار تشويه الهدف من نشاطاتنا، والذي يدفع أصدقاءنا وحلفاءنا على طرح أسئلة مشوبة بالقلق والشك حولها». ومن أجل إطفاء نار الغضب التي تأججت في أنفس الفرنسيين وبقية الحلفاء من هذا العمل المثير للدهشة والحيرة، ذكّر البيت الأبيض بأنه يقوم بعملية مراجعة شاملة لأساليب جمع المعلومات الاستخباراتية. وهو الإجراء الذي أمر به أوباما نتيجة الانتقادات الأجنبية والمحلية لهذه الأساليب غير البريئة التي تتبناها الولايات المتحدة. ولا تكاد هذه المراجعة، والتي ينتظر البدء بتطبيقها في شهر ديسمبر، تختلف كثيراً عن تلك التي تتعلق بأساليب مكافحة الإرهاب، التي أدت إلى إعادة النظر في مخططات استخدام الطائرات من دون طيار بداية العام الجاري. وهي التي وضعت بعض الحدود والضوابط الجديدة للتجسس الإلكتروني من طرف وكالة الأمن القومي في الولايات المتحدة. وهذه السلسلة من التسريبات التي ظهرت في وسائل الإعلام، والتي تعتمد على وثائق نشرها العميل السابق للوكالة الأميركية «سنودن»، أثارت أيضاً غضب البرازيل وألمانيا والمكسيك وبعض الدول الأخرى. ودفعت هذه الأزمة المفاجئة البرازيل إلى إلغاء الزيارة التي كانت تعتزم الرئيسة ديلما روسيف القيام بها للبيت الأبيض احتجاجاً على التجسس الأميركي على بلادها. وبلغ الأمر في دول أوروبا من الخطورة نتيجة النشاطات التجسسية لوكالة الأمن الوطني أن هددت بوقف المفاوضات المتعلقة باتفاقية التجارة الحرة بين دول الأطلسي، والتي تمثل هدفاً تجارياً استراتيجياً بالنسبة للولايات المتحدة. ونُشرت هذه التسريبات الأخيرة التي نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية، أثناء الزيارة التي يقوم بها وزير الخارجية جون كيري إلى باريس. وحاول كيري الذي دأب على الترديد عند كل زيارة يقوم بها إلى فرنسا بأنها الحليف الأقدم للولايات المتحدة، تفسير السبب الذي دفع واشنطن للتجسس على الدولة الأكثر صداقة معها. وقال كيري عقب وصوله إلى باريس: «إن هدفنا يتركز دائماً على محاولة البحث عن نوع من التوازن بين حماية الأمن الوطني واحترام الخصوصيات الشخصية للمواطنين. وسوف يتواصل هذا العمل بالتشاور الدائم مع أصدقائنا هنا في فرنسا». وتزامنت قصة اكتشاف تسجيلات الوكالة الوطنية للأمن الوطني للمكالمات الهاتفية للمواطنين الفرنسيين مع زيارة كيري إلى فرنسا للمشاركة في اجتماعات لا علاقة بالقضية. وأضاف كيري: «وستكون لهذا الحادث تداعياته على الطريقة التي تتعامل بها أميركا مع حلفائها من جهة، وعلى النشاطات المرتبطة بجمع المعلومات الاستخباراتية في المستقبل من جهة ثانية. وكل ما يمكنك أن تفعله في هذه الحالة هو فتح القنوات معهم وتفسير الأمر لهؤلاء الحلفاء على أن كل هذه النشاطات الاستخباراتية مصممة بشكل جزئي لحمايتهم، وتذكيرهم بالمراجعة الشاملة التي يتبناها الرئيس لهذه النشاطات وكيف ستؤدي إلى بعض التغيير في هذه الأساليب». وتحرص الإدارة الأميركية بشكل متزايد على تذكير الدول الصديقة بأهمية التجسس الذي تشاركهم فيه. وجاء في بيان صدر عن سفارة الولايات المتحدة في باريس الإثنين الماضي: «تتبادل الولايات المتحدة وفرنسا مشاعر صداقة متينة مبنية على القيم المشتركة بيننا، وعلى تاريخ طويل من التعاون من أجل تحقيق المصالح المتبادلة في العالم أجمع. وكجزء من هذا العمل، نعمل وفق تعاون وثيق مع فرنسا لحماية الأمن الجماعي للمواطنين في بلدينا». وعمدت الحكومة الفرنسية إلى استدعاء السفير الأميركي في باريس «تشارلز ريفكين» للاستماع إلى وجهة نظره حول التسريبات المنشورة. وقال مصدر حكومي فرنسي: «لقد ذكّرنا السفير بأن مثل هذه الأفعال بين شريكين مرفوضة رفضاً باتاً. وأننا ننتظر منه أن يؤكد لنا بأنها لن تتكرر بعد الآن. وطلبنا موافاتنا برد عاجل وصريح عن هذا الأمر الذي يقلقنا بالغ القلق». ولا شك أن الردّ المنتظر لن يتضمن الوعد بعدم التجسس على الحليف والصديق، خاصة وأن الولايات المتحدة كانت تقوم بهذا العمل منذ عدة عقود، وأن فرنسا وبقية الدول الحليفة للولايات المتحدة تقوم بعمليات استخباراتية مشابهة ضد الدول الصديقة. ويُقال إن فرنسا عمدت في أعوام عقد التسعينيات إلى زرع أجهزة تنصت في حجرة مقاعد الدرجة الأولى في طائرات أشهر شركات الطيران الفرنسية من أجل الاستماع لما يقوله الوزراء والمسؤولون الحكوميون أثناء سفرهم. ولم تفعل إدارة أوباما أكثر مما يفعله الآخرون مع الحكومات الأخرى من خلال «اتفاقية غير معلنة» بالرغم من الانتقادات التي يتم توجيهها لهذا العمل على المستوى الوطني. وقال كيري الإثنين الماضي: «هناك الكثير من الدول التي تهتم بكل عمل يمكنه أن يضمن أمن وسلامة مواطنيها والعالم». وجاء في تقرير «صحيفة لوموند» أن المكالمات التي يتم إجراؤها على أرقام هاتفية محددة كان يتم تسجيلها وليس على كل الأرقام. وتحدث التقرير عن مكالمات تم تسجيلها ابتداء من يوم 10 ديسمبر وحتى 8 يناير من عام 2012 واخترقت اثنتين من شركات الاتصالات الفرنسية، وأشار إلى أن عمليات التنصت شملت حتى الرسائل النصّية المتبادلة على الهواتف المحمولة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©