الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

صراع خطير بين السلفيين والصوفيين على مقاعد البرلمان المصري

صراع خطير بين السلفيين والصوفيين على مقاعد البرلمان المصري
18 أكتوبر 2015 17:29

تمثل  انتخابات مجلس النواب المصري التي بدأت اليوم في عدد من الدوائر، حلقة جديدة في صراع مُزمن بين تياري السلفية والصوفية. بالرغم من كون الطرفين محسوبين بشكل أو آخر على الدولة، ومن أشد مؤيديها، إلا أن الصراع بينهما انتقل للانتخابات التي حشدت الدولة كل إمكانيات لتمريرها بأكبر قدر من المشاركة السياسية، اشتد الصراع مع انضمام الطرق الصوفية لحملة "لا للأحزاب الدينية" التي تطالب بنزع المشروعية السياسية عن الأحزاب الدينية، ثم تاليًا دعم الأحزاب المدنية التي تنتقد حزب النور السلفي بوصفه الحزب الديني الوحيد المشارك بالانتخابات التي يقاطعها التيار الديني بأحزابها الثلاثة عشر.

وبدت مؤشرات الصراع بالدوائر التي تشكل مناطق تماس بينهما بما فيها المعاقل التقليدية للطرفين. ففي الإسكندرية ومرسى مطروح والبحيرة المعقل التقليدي لحزب النور بسبب قوة انتشار وسيطرة الدعوة السلفية، حشد الصوفيين أصواتهم للاقتراع لقائمة "في حب مصر" في مواجهة قائمة حزب النور، إلا أن كتلهم التصويتية هناك ضئيلة، بحيث لا تتعدى مليون صوت، لكون معقلهم الرئيس بالصعيد حيث يوجد لديهم ما يعادل 5 ملايين صوت، إلا أن حزب النور سحب قائمته بالصعيد، ويتنافس فقط بالمقاعد الفردية، البعيدة عن هيمنة الصوفية، وتحديدًا بمحافظات: أسيوط والفيوم وبني سويف وأسوان.

وتتركز الكتلة التصويتية الثانية للتيار الصوفي بالقاهرة ومحافظات جنوب الدلتا وتعادل ثلاثة ملايين صوت، صحيح أن لحزب النور قائمة بتلك المحافظات التي سيتم التصويت فيها بالمرحلة الثانية، إلا أنه لا يُعول عليها كثيرًا لضعف قوته التصويتية فيه حسب تأكيدات مسؤولي حزب النور، ويأمل في تمرير بعض مرشحيه على المقاعد الفردية، خارج القطاع الحضري من القاهرة الكبرى، حيث يركز على المناطق الريفية بالجيزة والقليوبية.

إلا أن هناك مؤشرات يعتبرها مراقبون داعمة للتيار السلفي في مواجهة التيار الصوفي تكمن في اثنين رئيسيين:

أولا: حدة الانقسام السياسي داخل كل تيار على حدة.  وهو وسط التيار الصوفي أشد وأعمق. فالانقسام داخل التيار السلفي قائم ما بين حزب النور والدعوة السلفية من جهة، وبعض الفصائل التي انفصلت عنه في نهاية حقبة الإخوان مثل الجبهة السلفية وحزب الوطن من جهة أخرى، وكلاهما أعلن رفضه المشاركة بالانتخابات بشكل علني. وهو انقسام تأثيره يبدو محدودًا لكون الكتلة التصويتية للمعارضة السلفية لم تدخل بحسابات مسؤولي النور، كما أنهم يعولون على  جزء من مؤيدي التيار الإسلامي بشكل عام للتصويت لصالح الحزب بوصفه الممثل الوحيد لهم بالمشهد السياسي.

أما الانقسام داخل التيار الصوفي فقد تعمق للحد الذي يمكن أن يقود لتفتيت الأصوات بشكل كبير. إذ تصاعد الخلاف بين جبهتي الشيخ علاء الدين أبو العزائم رئيس الاتحاد الصوفي العالمي، والشيخ عبد الهادي القصبي شيخ مشايخ الطرق الصوفية، بسبب إعلان الأول و11 طريقة صوفية دعمهم لقائمة "مصر" التي شكلها تياري الاستقلال والجبهة الوطنية، وإعلان الثاني دعمه وجبهته التي يقترب عدد طرقها الصوفية من 59 طريقة لقائمة "في حب مصر" المنافسة. اشتد هذا الصراع بين مشايخ الصوفية بعد مطالبة جبهة أبو العزائم بإقالة القصبي، وإعادة انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للطرق الصوفية بعد تأييدهم قائمة بعينها باسم المجلس، مايؤدي لتشتيت أصوات الكتلة الصوفية التي تقترب من 9 ملايين مريد، لهم حق التصويت، تتركز أغلب أصواتهم بدوائر المرحلة الأولى.

ثانيًا: توحد الكتلة التصويتية للتيار السلفي مقابل تشتت مثيلتها للصوفي. فقد دخل النور انتخابات الجولة الأولى بكتلة التصويتية موحدة وراء مرشحيه، بالمقابل هناك تشتت طبيعي للتيار الصوفي بسبب تعدد الطرق الصوفية ومشايخها من ناحية، وصراع الولاء الانتخابي بين مشايخه من ناحية أخرى.

ويضاعف من تأثيرهما الضاغط عدم قدرة أيًا من هؤلاء المشايخ المتصارعين على ضبط وتوجيه أصوات مريديهم، تحديدًا المتواجدين بمحافظات بعيدة، لاتخاذ بعض المتصوفة طابع الاستقلالية عن تعليمات المشايخ المتصارعين بالقاهرة، وحدوث انفصال شبه كامل بينهم وبين المريدين بالمحافظات التي يسيطر فيها مشايخ الزوايا على المشهد الصوفي، والأهم أن أبرز القيادات الصوفية بالمؤسسة الدينية الرسمية كشيخ الأزهر ومفتي الجمهورية السابق التزموا الحياد التام بالانتخابات. ما يعني أن مشايخ الصوفية الذين يُسيطرون على المشهد الصوفي بوسائط الإعلام، يفتقدون تلك السيطرة على أرض الواقع.

وأضف لذلك أن نسبة كبيرةً من العائلات الكبيرة بصعيد مصر متصوفة، ولهم شيوخ يتبعونهم، ومن ثم إمكانيات تحول أصواتهم الانتخابية من طابعها الصوفي إلى العائلي مؤكدة بسبب كم العائلات التي ترشحت بالصعيد تحديدًا، ما يفقد هؤلاء المشايخ السيطرة على توجهات أصوات مريديهم. أضف لذلك أن شيوخ الزوايا والساحات، لهم تأثيرًا على توجيهأ صوات المريدين أكبر من مشايخ الطرق الكبيرة المتصارعين، فهؤلاء ليس لهم توجهات سياسية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©