الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كينيا: نار الفشل تحت رماد الاستقرار السطحي

كينيا: نار الفشل تحت رماد الاستقرار السطحي
15 مارس 2009 03:23
عندما تشكلت الحكومة الائتلافية الموسعة في كينيا العام الماضي، والتي تشبه زواجا قسريا بين أعداء سياسيين ألداء، كانت للناخبين الكينيين آمال كبيرة وعريضة بشأن ما تعهدت حكومتهم الجديدة بتحقيقه: إعادة كتابة دستور البلاد، وبدء إصلاح زراعي، وتوقيف مرتكبي أعمال العنف التي اندلعت بعد الانتخابات، وتحقيق المصالحة بين المجموعات العرقية التي بدت قريبة من حرب أهلية··· غير أنه بعد مرور عام على قيام الحكومة، لم يتحقق إلا القليل من تلك الآمال أو لا شيء تقريباً· فكبار الساسة الكينيين عالقون في الفضائح؛ وشبح الجوع يهدد ملايين الكينيين بعد أن باع المسؤولون الحكوميون مخازن الغذاء لجنوب السودان سعياً وراء الربح؛ ومئات الآلاف من النازحين أُرغموا على الخروج من مخيمات الإغاثة والعودة إلى مناطقهم حتى قبل التأكد من استتباب الأمن وعودة الثقة بين المجموعات المتوجسة والمرتابة من بعضها البعض· وعلاوة على ذلك، وبدلا من متابعة السياسيين الذين قد يكونون ضالعين في أعمال العنف التي اندلعت عام ،2007 مرر البرلمان قانوناً جديداً للإعلام يُسكت التقارير الإخبارية المنتقِدة· أما الإصلاح الدستوري، فمازال وعداً غير منجز· وفي هذا الإطار يقول جاكويو ميديوو، وهو من قادة ''الحركة الديمقراطية البرتقالية''، وهي أحد الحزبين الرئيسين المشاركين في الحكومة الائتلافية: ''أعتقد أننا تمكنا من تحقيق مستوى معين من السلام في البلاد، أما فيما عدا ذلك فلا شيء آخر''· لكن التوقيت غير مناسب للفشل· فقد كانت كينيا في طريقها إلى أن تصبح واحدة من البلدان التي تحاول دول أفريقية أخرى الاقتداء بها والسير على نهجها، في ظل حكم مستقر، ومحاكم لا بأس بها، ومستويات تعليم عالية، ومنظمات مراقبة قوية ومستقلة··· إلى أن وضعت أعمال العنف التي اندلعت بعد انتخابات ديسمبر 2007 الأطراف المتنافسة على طريق خطرة· والواقع أن المفاوضات الشاقة التي قادها أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان أبعدت كينيا عن شفير الهاوية، غير أن الحكومة الائتلافية التي تمخضت عنها المفاوضات غير قادرة فيما يبدو على تمرير حتى أكثر الإصلاحات أهمية· ويرى الخبراء والكينيون العاديون على حد سواء أنه إذا تم تضييع هذه الفرصة، فإن كينيا ستعاني أكثر وسيندلع العنف من جديد· وفي هذا الإطار يقول فرانسوا جرينيون: ''لقد منحَنا عنان ثلاث سنوات من الاستقرار السطحي، بدون وضع آليات للتطبيق··· صحيح أن بعض الإنجازات تحققت حيث توقف العنف، وشُكلت الحكومة، وهناك رئيس للوزراء واستراتيجية ناجحة··· غير أنه على السياسيين أن يُظهروا أنهم يحرزون بعض التقدم''· أما إذا لم تقم الحكومة بشيء من أجل تسوية المشاكل المرتبطة بملكية الأراضي وإعادة إدماج الكينيين الذين فرقت بينهم أعمال العنف، فيحذر بعض المراقبين من أن هذه المشاكل ستظهر من جديد خلال الدورة الانتخابية المرتقبة عام ·2011 كانت لدى حكومة الوحدة الوطنية التي تشكلت بعد الوساطة التي قام بها عنان أجندة محددة لسنواتها الأولى في السلطة· وإذا كانت بعض هذه الأهداف قد حُققت في حينه، ومن ذلك وقف العنف، واسترجاع الحقوق السياسية الأساسية، وتلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين، فإن أهدافاً أخرى وضعت على طريق أبطأ بكثير· فرغم عام من الاجتماعات بين الزعماء السياسيين، إلا أن كينيا مازالت أبعد من أن يصبح لها دستور جديد· والأخطر من ذلك أن الساسة الكينيين لم يقوموا بشيء من أجل حل مشاكل الملكية الزراعية والفقر واللامساواة والتي غذت أعمالَ العنف التي اندلعت بعد الانتخابات وأججتها لتصل إلى ما وصلت إليه· بدلا من أن تُعرَف بنجاحاتها التشريعية، عُرفت حكومة الرئيس مواي كيباكي ورئيس وزرائه رايلا أودينجا، أكثر من ذلك بفضائحها· فحالياً، يواجه نحو 10 ملايين كيني خطر الجوع لأن المسؤولين الحكوميين تجاهلوا التحذيرات من نقص غذائي مقبل، وباعوا بعض مخازن الغذاء الكينية إلى السودان المجاور· ومما فاقم المشكلة وزاد من خطورتها ضعف المحصول الزراعي، على فرار مئات آلاف المزارعين الكينيين من مناطقهم خلال العنف الذي اندلع أوائل عام ·2008 كما أن فضائح أخرى، من قبيل بيع أملاك الحكومة للأصدقاء والمقربين، ليست أمراً نادراً؛ لكن التأثير المتراكم لهذه الفضائح يؤدي إلى تنامي مشاعر الشك والارتياب· فقد كان العديد من الكينيين يعتقدون أن الديمقراطية التعددية هي علاج الفساد الذي كان مستشريا تحت ديكتاتورية الحزب الواحد للرئيس دانييل آراب موي· ثم اعتقدوا أن حكومة ائتلافية سترغم السياسيين المتنافسين على التحلي بالنزاهة والصدق· وفي هذا السياق تقول فلورانس سيمبيري جاوكو، رئيسة اللجنة الوطنية الكينية لحقوق الإنسان في نيروبي، إنه ''بدلا من أن يكونوا رقيباً على بعضهم بعضاً، تراهم يغضون الطرف عن أفعال بعضهم البعض''· بدأت الديمقراطية التعددية في كينيا عام 2002 وأظهر الناخبون الكينيون قوة تأثيرهم حين أخرجوا 70 في المئة من البرلمانيين القدماء في انتخابات ديسمبر ·2007 ومازالت جاوكو تعلق أملها على ذكاء ومثابرة الناخبين الكينيين إذ تقول: ''إنه وضع صعب، لكنني أومن بقدرة الكينيين على الصمود في وجه هذه التحديات· فنحن شعب يتمتع بهذه الميزة''، مضيفة: ''لدينا مجتمع مدني قوي يستطيع أن يراقب الائتلاف الحكومي· وإذا انتخبْنا برلمانيين سيئين، فلنكن متأكدين أنهم سيحاسَبون عن أفعالهم''· سكوت بالدوف -نيروبي ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©