السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لحج الخضيرة من زراعة الفـل والكـاذي إلى حاضنـة للألغـام

لحج الخضيرة من زراعة الفـل والكـاذي إلى حاضنـة للألغـام
18 أكتوبر 2015 12:44
لم تعد روائح الفل اللحجي الشهير تعطر أزقة وشوارع مدينة القمندان وفيصل علوي وهادي سبيت، فلقد استبدلت الحوطة فلها الزاكي والكاذي بروائح الصرف الصحي وعوادم الدراجات النارية، ورغم حجم الدمار الشامل الذي حل بالمدينة، فإن مظاهر الحياة للحوطة تعود طبيعياً، حيث شوهدت فتيات المدينة يسلكن طريق العودة من مدارسهن والابتسامة تعتلي وجوههن رغم المعاناة والمشاكل العديدة التي تعيشها المحافظة. بسام القاضي (لحج) وجسدت عدسة «الاتحاد» مظاهر البؤس والمعاناة التي برزت بادية فيه وجوه أطفال المدينة المثقلة بضنك العيش والفقر وغياب أبسط مقومات الحياة اليومية، إلى جانب حجم الدمار المهول في المرافق الحكومية والمباني والممتلكات العامة والخاصة التي تفوق نسبتها 90%، وهو ما يعكس حجم الكارثة المأساوية التي شهدتها مدينة الحوطة على أيدي ميليشيات جاهلة لا تعرف سوى لغة القتل والخراب والتدمير. وفي جولتها الميدانية إلى حوطة لحج مدينة الفل والفن الأصيل التقت «الاتحاد» بالعم هاشم صدقة عبيد موظف متقاعد في مؤسسة النقل، والذي كان يقف في ركن سوق الحوطة الشعبي بانتظار عودة التيار الكهربائي قائلاً: إنه منذ 18 ساعة من الانقطاع وحتى اللحظة لا زالت الكهرباء مقطوعة عن الحوطة، مضيفاً بلكنة تملؤها الغصة والحزن نحن سكان حوطة لحج نعاني من وضع مأساوي وأوجاع كثيرة لا تحصى ولا تعد فلا ماء، ولا كهرباء، ولا أمن ولا إعادة إعمار ولاهم ولا يحزنون ونأمل من الأشقاء الإماراتيين التدخل لإنقاذ لحج وإعادة تطبيع الحياة فيها كما عملت ذلك في عدن. غياب الخدمات وفي معرض حديثه مع «الاتحاد» أوضح الناشط المدني بالحوطة صلاح فيصل الثعلبي طالب سنة خامسة بكلية الهندسة جامعة عدن بأن محافظة لحج عامة ومديرتي الحوطة وتبن خاصة تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة من ناحية التعليم والصحة والمياه والكهرباء، ولقد باتت معاناة المواطن اللحجي على حد تعبيره بلا حدود، مضيفاً: إنهم كشباب سيكونون جنوداً لمن يعمل ويبني لحج كائناً من كان، قائلاً : إن همهم الوحيد هو إنقاذ لحج من الوضع الكارثي الذي تعانيه، داعياً الهلال الأحمر الإماراتي إلى الالتفات لمحافظة لحج كونها أكثر محافظة تعاني من غياب شبه كلي للخدمات. بالمقابل قال لـ «الاتحاد» محافظ لحج أ. د أحمد مهدي فضيل: إن لحج تعد مدينة منكوبة وغالبية سكانها فقراء، وأكثر معاناة من مآسي حرب ميليشيا الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح، وهي بحاجة إلى إغاثة غذائية ودوائية وصحية إلى جانب تحسين البنية التحتية من نظافة، ومياه، وكهرباء، وصحة، وتعليم، وغيرها الكثير، مشيراً لأن مدينة الحوطة عاصمة المحافظة تعرضت لدمار كبير تفوق نسبتها 90%، وكذلك مديرية تبن التي تصل نسبة حجم الدمار فيها إلى 50% وبعض الأضرار الكلية والجزئية في المرافق الحكومية والبنى التحتية والممتلكات العامة والخاصة في مناطق كرش والمضاربة ورأس العارة وسيله بله وغيرها. كارثة الألغام وأوضح المحافظ أن لحج تعاني مشكلة كبيرة في الألغام كون زراعة الألغام مفتوحة على كل الجبهات وفيها دارت معارك كبيرة وعند خروج الميليشيات من المحافظة أثناء تحريرها قاموا بتلغيم كامل للمدينة حتى إنهم لغموا المنازل في الحوطة وبعض المدن، موضحاً أن خمسة فرق من سلاح المهندسين في المنطقة الرابعة «بتمويل من قيادة المحافظة» تضم من 42 إلى 48 شخصاً عملت لمدة شهرين في المسح وتصفية المناطق الخدمية والشوارع الرئيسية وبعض الأماكن المشكوك فيها وتمكنت من نزع 395 لغماً كبيراً و75 أفراداً، إضافة إلى عشرات المقذوفات. وأردف لا زالت الألغام تحصد الأرواح في لحج كون المحافظة ملغمة بشكل عشوائي والفرق التي تعمل حول ذلك تعمل بأجهزة قديمة وقد تعمد الحوثيون زرع الألغام بعشوائية كونهم يعرفون بأنهم لن يعودون للمحافظة تلقائياً وأسفرت تلك الألغام عن مقتل وجرح المئات من الضحايا المدنيين، مطالباً بتدخل دولي وإنزال فرق متخصصة لتصفية المحافظة من تلك الكارثة التي تؤرق السكان كل حين. معاناة لا توصف بدوره أوضح لـ «الاتحاد» الدكتور محمد الزعوري، أستاذ الفلسفة المشارك بجامعة عدن، بأن سكان محافظة لحج يعيشون وضعاً إنسانياً معقداً بفعل الحرب ومخلفاتها التي تركت ندوباً غائرة في المكان والزمان وفي الأنفس وأصبح الطفل والجميع يتجرع مرارتها في ظل عدم وجود أدنى الخدمات الإنسانية في مدنها وقراها على السواء. ومضى بالقول: لا كهرباء ولا مياه ولا اتصالات وكثير من المدارس دمرت بفعل القصف العشوائي الذي مارسه الحوثيون أثناء الاجتياح وطال كل شيء، علاوة على تدني مستوى الخدمات الطبية وإغلاق العشرات من المراكز الصحية والعيادات والصيدليات، وحتى المتاجر والمطاعم، ففي المناطق النائية، مثل طور الباحة والمضاربة وردفان، فإن كثيراً من حالات الوفيات بين صفوف النساء الأطفال تحدث بسبب عدم وجود الرعاية الصحية حتى في أدنى الحدود. ودعا الزعوري المنظمات الإنسانية والصناديق الخيرية لإيلاء محافظة لحج ومديرياتها الأهمية القصوى باعتبارها منطقة منكوبة، وخص بالذكر الهلال الأحمر الإماراتي، والتي كانت سفنه الإغاثية أول من وصلت إلى العاصمة عدن لتساهم بشكل مباشر في تخفيف معاناة الناس وقت الحرب والحصار. إشادة بدور الإمارات قال الدكتور الزعوري إن الإمارات كانت وما زالت حاضرة في مساعدة أبناء عدن والمناطق المتضررة في أوقات الحرب والقصف وبعد توقف المدافع، وقد ضاعفت من نشاطها في تقديم الخدمات للناس حتى تعود الحياة إلى طبيعتها ويعود السكان إلى مدنهم التي تضررت في الحرب وساهم في تخفيف معاناة الناس من خلال توفير مولدات كهرباء بما يعادل 54 ميجا ساهمت بشكل كبير في عودة التيار الكهربائي إلى بعض المدن المتضررة. وكذا إصلاح شبكة المياه وترميم المدارس. وقال الزعوري: إن الدور الذي يقوم به الهلال الأحمر الإماراتي ينطلق من المبادئ الدينية والإنسانية النبيلة ويعكس عمق الروابط الأخوية بين الشعبين الشقيقين، ويجسد المواقف الرشيدة للحكومة الإماراتية وحكمة قائدها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. وأردف: عبر منبر «الاتحاد» ندعو الهلال الأحمر الإماراتي إلى زيادة تواجدهم في محافظة لحج ومديرياتها النائية، والتي لا يتوفر فيها أبسط مقومات الحياة، وإعادة بث الحياة فيها من خلال إعادة ترميم خطوط الكهرباء المدمرة وترميم مدارسها وتهيئتها لاستقبال التلاميذ، وإصلاح شبكة المياه ودعم القطاع الصحي لمساعدة القائمين عليه بالقيام بدورهم الإنساني ومساعدة المرضى والتخفيف من آلامهم في وقت انتشرت فيه الكثير من الأوبئة وفي ظل توقف تام للمستشفيات والمراكز الصحية منذ بدء الحرب. مبادرات شبابية أفاد معاذ العطيري، رئيس الهيئة الشبابية الشعبية لأبناء الحوطة أنهم في الهيئة قاموا بحملة تنظيف مستشفى ابن خلدون بالحوطة، إلى جانب حملة تحسين القسم الخارجي للمشفى، كما تم تدشين العام الدراسي بالمشاركة مع نقابة المعلمين الجنوبيين، وذلك بفتح المدارس وتنظيفها، مشيراً لأن ما تقوم به الهيئة هو بجهود ذاتية تطوعية، لكنه قال: إن حجم الكارثة في الحوطة كبيرة وتحتاج إلى جهود وإمكانيات أكبر مثمناً دور الهلال الأحمر الإماراتي في عدن وداعيه في الوقت نفسه إلى إيلاء لحج والحوطة عنايته، مؤكداً بأنهم سيكونون في مساعدة أي منظمات تقدم للمحافظة لخدمة السكان والتخفيف من معاناتهم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©