الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عطا الله مهاجراني: الثقافة هي التي تجسر العلاقات بين الشعوب

عطا الله مهاجراني: الثقافة هي التي تجسر العلاقات بين الشعوب
23 أكتوبر 2013 00:38
محمد وردي (دبي)- ألقى وزير الثقافة الإيراني الأسبق عطا الله مهاجراني محاضرة، بعنوان”تفاعل الثقافتين العربية والفارسية أخذاً وعطاءً”، مساء أمس الأول، بمقر “ندوة الثقافة والعلوم”، في الممزر بدبي. وقدم للمحاضرة والمحاضر الدكتور عبد الخالق عبد الله عضو مجلس إدارة الندوة، مؤكداً أن موضوع المحاضرة ينطوي على أهمية كبيرة، لما للعلاقات المتفاعلة بين الثقافتين من تاريخ طويل ومديد، وربما لا يكون لها نظير بين الثقافات الحية. ولاحظ الدكتور عبد الخالق أن هذا الأمر لا ينفي وجود الكثير من الخلافات القديمة، المتجددة بين الجانبين. ومع ذلك يبقى من الأهمية بمكان تسليط الضوء على هذا الموضوع في الوقت الراهن، من الزاوية الثقافية البحتة، بعيداً عن المدخلات السياسية بأنواعها كافة. ويضيف الدكتور عبد الله أن الدكتور مهاجراني هو من المهتمين بهذا الموضوع، وله باع طويل في البحث بهذا الشأن، كونه باحثاً في التاريخ والأدب والثقافة عموماً، وبصفته الحالية كمستشار لرئيس منظمة اليونيسكو للشؤون الثقافية، التابعة للأمم المتحدة. واستهل الدكتور عطا الله مهاجراني، محاضرته بتوضيح مصطلح الفهم، داعياً إلى ضرورة التمييز بين الفهم، الذي يعني مقاربة اليقين، بغرض الاطمئنان والتسليم والعلم الذي يعني التعلم، لاكتساب الخبرات أو المهارات . لينطلق من خلال هذا المدخل إلى ضرورة فهم حقيقة أن الثقافة لها جذور عميقة ومشتركة تحت الأرض ، أما السياسة فتطفو على السطح بفروعها المتشابكة أو المشتبكة ببعضها بعضاً، إلى درجة تعمي البصيرة، حسب تعبيره. وبضوء هذه الرؤية يجد مهاجراني، أن التركيز على البحث في الحقول الثقافية مفيد ومهم للغاية، داعياً إلى مواصلة الحفر في هذا الإطار، لأن الثقافة، حسب قوله، تجسر العلاقات بين الشعوب، كونها تقوم بجوهرها على التعايش والتفاعل الإيجابي، بمعنى قبول الآخر كما هو . أما السياسة فتشوه كل شيء. فمثلاً لو قلت الخليج عربي أمام إيراني يجن جنونه، ومثله يفعل العربي، لو قيل له الخليج فارسي، مع أن الماء هو الماء، ويفترض أن يستخدم لغايات نبيلة ومفيدة لكل الشعوب المتشاطئة عليه، فضلاً عن كونه أصل الحياة، ونكهته ليست بمذاق فارسي أو عربي. ويدعو مهاجراني إلى فهم الثقافة الإيرانية، معتبراً أن لإيران أو للشعب الإيراني ثقافة تاريخية قديمة ومعقدة بعض الشيء. ويعود سبب تعقيدها لأنها جمعت في مرحلة تاريخية قديمة، بين الشطرنج الهندي والفسيفساء الرومانية والسجاد الإيراني ، الذي يبقى حتى الوقت الراهن له جاذبيته الخاصة بسبب جمعه بين التعقيد والبساطة. فالجانب المعقد في الثقافة الإيرانية ـ يقول مهاجراني ـ هو الذي يستعصي على التفكيك، من قبل الآخر، ما يستدعي سوء الفهم، الذي يؤدي إلى خلق المشكلات مع الثقافات أو الحضارات الأخرى. ويتابع مهاجراني، للدلالة على سوء الفهم-على سبيل المثال- لقد صدر في الآونة الأخيرة كتاب –رفض أن يسمي كاتبه- بعنوان “صورة العرب لدى الفرس” يجمع المثالب، التي يتداولها بعض الرعاع من العامة الإيرانيين، بشأن العرب كحالات فردية، ليقول الكاتب، هذه رؤية الفرس عموماً للعرب. مع الأسف، ليس بهذه الطريقة يمكن معرفة إيران، لأن المثقف الإيراني يعرف أنه من المستحيل معرفة حافظ الشيرازي من دون معرفة المتنبي. فعموم الفرس، وبخاصة المثقفين منهم، يعرفون أن العرب بالنسبة إلى الفرس، هم الدين، أو الأخ الكبير، ويعلمون يقيناً – فيستطرد بالحديث، أن إثراء الثقافة الإيرانية كان بفضل الثقافة العربية، وهذا ليس بكلام مرسل على عواهنه، فالحقيقة المؤكدة، التي يعرفها جميع الباحثين، أن ستين بالمائة من المفردات الفارسية ، هي عربية مائة بالمائة. وأكثر من هذا أن اللغة العربية هي الثانية في البلاد بعد الفارسية، ويجري تعليمها بالمدارس الرسمية حتى نهاية المرحلة الثانوية. أما في التاريخ فإن التمازج الثقافي ضارب جذوره بالتفعيلة والنحو والموسيقى، وغير ذلك من المجالات، فمثلاً أن قانون الطب عند ابن سينا، تراه يجمع ثقافة المنطقة حتى الهند شرقاً وبيزنطة غرباً. ويؤكد مهاجراني مجدداً ضرورة الاعتناء بالتبادل الثقافي والترجمات المشتركة، كوسائل لتجسير الهوة بين الجانبين، ملاحظاً أن معظم كتب نجيب محفوظ ترجمت إلى الفارسية، وكذلك المجموعة الشعرية الكاملة لنزار قباني وآخرين، متمنياً أن يرى كذلك الإقبال العربي على الترجمة عن الإيرانية. ويقول مهاجراني رداً على سؤال، حول دور الدولة الصفوية في بداية تدهور العلاقات بين العرب والفرس، إن الصفوية كانت وبالاً على الفرس قبل العرب، فالصفوية تعني التعصب أو العصبية، هكذا هو تاريخها، وإذا اتكأت السلطة على التعصب، قتلت الخلق والإبداع بكل أشكاله، وهذا ما جعل النخبة الإيرانية تهاجر إلى الهند، لتتصحر إيران ثقافياً في هذه المرحلة، إذ لم يبقا لديها مؤرخ واحد مثل الجويني، ولا شاعر واحد مثل الشيرازي، وقس على ذلك في كل المجالات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©