الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الديون الأميركية... مخاوف صينية

22 أكتوبر 2013 23:07
مينزي تشين أستاذ الشؤون العامة والاقتصاد في جامعة ويسكونسن- ماديسون اقتربت الولايات المتحدة مرة أخرى الأسبوع الماضي من هاوية العجز عن سداد الديون، ومرة أخرى تساءل العالم لماذا تعرض أي دولة سمعتها المالية وبالتالي قدرتها على الاقتراض للخطر؟ وعلى الرغم من أن الأزمة المالية العالمية المحتملة تم تفاديها في اللحظة الأخيرة، فإن التطور الجدير بالملاحظة هو سلسلة التحذيرات التي أطلقها مسؤولون صينيون. فقد صرح رئيس وزراء الصين «لي كه تشيانج» لوزير الخارجية جون كيري أنه يشعر «بقلق بالغ» بسبب التعثر المحتمل. كما حذر نائب محافظ البنك المركزي في الصين «يي جانج» من أنه يتعين على الولايات المتحدة «أن يكون لديها الحكمة لحل هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن». ودعا مقال للرأي أوردته وكالة الأنباء الصينية الرسمية «العالم الذي يشعر بالارتباك إلى بدء التفكير في بناء عالم لا يعتمد على أميركا». هذه التصريحات الحادة، على غير المعتاد، من قبل مسؤولين صينيين توضح أن الأزمات المتكررة، التي يمكن تفاديها تهدد المكانة المتميزة للولايات المتحدة كمصدر لاحتياطي العملة الرئيسي في العالم و(حتى الآن) خالية من خطر الدين. فمن غير المرجح أن تثير الصين كارثة مالية دولية مفاجئة - على سبيل المثال- من خلال بيع كميات من سندات الخزانة الأميركية وغيرها من الديون الحكومية الأخرى. ومع ذلك، فإن عملية الأزمات المتكررة والإعفاءات المؤقتة سوف يقوي عزم الحكومة الصينية لتنويع أرصدتها بعيداً عن الأصول التي يسيطر عليها الدولار. علاوة على ذلك، تقدم هذه الأزمات الذخيرة إلى دعاة داخل الحكومة الصينية لتوسيع دور الرنمينبي (اليوان) في الأسواق الدولية. كل من هذه الاتجاهات سوف يؤدي إلى تآكل قدرة الولايات المتحدة على إصدار ديون بأسعار فائدة متدنية للغاية، ومن ثم تسريع صعود العملة الصينية. أما الكيانات الأجنبية– من حكومات وشركات وأفراد– فتستحوذ على ما يقرب من نصف الديون المستحقة على الولايات المتحدة. كما أن 60 في المئة من احتياطي النقد الأجنبي للصين، والذي تبلغ قيمته 3.6 تريليون دولار، مودع في صورة أوراق مالية حكومية أميركية. وبينما ارتفع احتياطي النقد الأجنبي خلال العقد الماضي، حاولت السلطات النقدية الصينية تنويع اقتصادها بعيداً عن الأصول التي يهيمن عليها الدولار الأميركي، مع إحراز نجاح محدود، ولم يفهم الدافع للقيام بهذا التنويع: فمنذ يوليو 2005، كانت العملة الصينية ترتفع في مقابل الدولار الأميركي، بحيث فقدت الحيازات الدولارية قيمتها من حيث القوة الشرائية المحلية. وبالإضافة إلى ذلك، فإن كل المعارك المالية التي شهدتها واشنطن جعلت الصين تشعر بالقلق. والمشكلة التي تثير قلقاً أكبر هي أن ماليات الحكومة الأميركية ليست مستدامة على المدى الطويل، في غياب عائدات الضرائب المعززة والإنفاق المقيد. ومع ذلك، فإن صناع السياسة الصينيين لديهم مجال محدود للمناورة. أولاً، فهم محصورون في نموذج للتنمية يعتمد بشكل كبير على الصادرات كمصدر للنمو. والمعروف جيداً أن التعديل إلى نموذج جديد للنمو أكثر توجهاً نحو السوق المحلي هو أمر مطلوب. لكن هذه العملية ستستغرق وقتاً طويلاً، والتقدم حتى الآن متوقفاً. لذلك، فمن المرجح أن تستمر الصين في تكديس احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي. ثانياً، معظم الأرباح التي يتلقاها المصدرون الصينيون بالدولار، لذلك فهذه هي العملة التي يدخرها بنك الشعب الصيني، فمن حيث المبدأ، من الممكن استبدال الدولار بعملات أخرى قابلة للتحويل مثل «اليورو» والفرنك السويسري. ولكن أي تحرك لبيع الدولار بكميات كبيرة للتأثير على الحيازات الدولارية من المحتمل أن يؤدي إلى خفض قيمة الدولار بهذه الطريقة لتقليل قيمة الأوراق المالية المملوكة من قبل البنك المركزي. ثالثاً، حتى وإنْ كان الصينيون بإمكانهم تنويع حيازاتهم بعيداً عن الدولار دون أن يدركوا الخسائر في رأس المال، فالسؤال سيكون– كما هو الحال دائماً– ما هو البديل؟ السندات الحكومية التي تصدرها ألمانيا وسويسرا وبريطانيا آمنة، ولكن ليس هناك كميات كبيرة بصورة كافية من هذه الأوراق المالية المتاحة للشراء. وبإمكان الصين التحرك بعيداً عن الدولار بوسائل أخرى– مثل صندوق الثروة السيادية الصيني، وهو مؤسسة الصين للاستثمار (التي تدير ما يزيد على 500 مليار دولار). ولكن السؤال مرة أخرى، ما الذي يمكن شراؤه، وكم يبلغ ثمنه. المقاومة السياسية للاستحواذ الصيني على الشركات المملوكة للأجانب، خاصة عندما تكون قضايا الأمن القومي على المحك، قد أبرزت هذه المشكلة الكبيرة. هل يعني هذا أن بإمكاننا نحن الأميركيين أن نستريح؟ الإجابة لا. وبادئ ذي بدء، فإن حقيقة أن السياسة المالية هي جزئياً في أيدي أفراد لا يؤمنون بأن العجز عن سداد الديون يعتبر بمثابة قضية خطيرة تجعل المستثمرين الأجانب، على نحو مفهوم، لا يشعرون بالاستقرار. ودعاة الإصلاح الاقتصادي في داخل الصين لديهم حجة كبيرة لتسريع سياسة التحول التي تقلل الاعتماد على الصادرات وتعزز الاستهلاك الخاص المحلي بهدف تقليص الفائض التجاري للصين. وعلاوة على ذلك، فإن الصين كانت تشجع إصدار فواتير التجارة باليوان، مع إحراز بعض النجاح (وإن كان قد بدأ من مستويات متدنية للغاية). وإلى جانب ذلك، فإن الصين تقوم بتخفيف القيود على المعاملات المالية التي تتم باليوان، مع التطلع إلى تعزيز دور العملة الصينية في التمويل الدولي. وسيعني ذلك، في نهاية المطاف، انخفاض الطلب على الدولار. وعلى المدى الأطول، كل من هذه النتائج قد يكون إيجابياً من وجهة نظر الصين والعالم. ومع ذلك، إذا كان التوقيت غير مناسب، فإن ذلك سيعني أن الطلب على سندات الخزانة الأميركية سينخفض تماماً في نفس لحظة ارتفاع أسعار الفائدة على ديون الحكومة الأميركية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©