السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

النووي الإيراني… مساران للتفاوض

النووي الإيراني… مساران للتفاوض
22 أكتوبر 2013 23:03
مايكل سينج المدير الإداري لـ«معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» مع أول جولة من المحادثات النووية مع فريق إيران التفاوضي البراجماتي الجديد، تحول الجدل السياسي في واشنطن من إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق إلى التفكير في الصفقة التي يمكن قبولها. وفي غمرة هذه المناقشات التي تلوح فيها أعداد أجهزة الطرد المركزي ومستويات التخصيب، هناك في الحقيقة طريقان مختلفان للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران. الطريق الأول، تحصل فيه إيران على تخفيف العقوبات في مقابل وضع قيود صارمة على أنشطتها النووية مثل تقييد تخصيب اليورانيوم بمستويات منخفضة. والنجاح في اتفاق مثل هذا سيتوقف على ضمان ألا تستطيع إيران أن تستخدم الأنشطة النووية المعلنة كغطاء للأنشطة السرية التي تستهدف إنتاج أسلحة نووية. وسوف يتوقف الأمر أيضاً على ضمان ألا يكون التراجع عن الاتفاق سهلاً حتى لا تستطيع إيران أن تتنصل منه بمجرد تخفيف الضغوط. وهناك وسائل تجعل التراجع عن تخفيف العقوبات أكثر سهولة، على سبيل المثال، تحويل عائدات النفط إلى طهران عبر آلية واحدة يمكن إغلاقها في حال عدم الإذعان- لكن أياً من هذا لن يكفل صمام آمان. فنجاح واستمرارية صفقة ما بشأن تخصيب محدود يتوقف على مدى شفافية إيران. فيتعين أن تتضمن معايير الشفافية السماح للمفتشين بإمكانية دخول غير مقيد لمواقع يختارونها وليس فقط تلك التي يعلن عنها المسؤولون الإيرانيون وحصر شامل للعمل النووي الإيراني في الماضي والحاضر ومنها العناصر العسكرية للبرنامج النووي مثل أبحاث التسليح. والشفافية بهذه الطريقة مطلب أساسي لنجاح أي اتفاق لا يمس القدرات النووية ذات الاستخدام المزدوج. فالدول التي كشفت عن أسرارها النووية مثل جنوب أفريقيا شرعت في التعاون سلمياً مع المجتمع الدولي في مجال الطاقة الذرية. وبينما الدول التي ظلت تعتم على أنشطتها النووية، رغم الاتفاقات، مثل كوريا الشمالية تعاني من عزلة أعمق وتوترات في العلاقات الخارجية. وتفضل إيران فيما يبدو النموذج الأخير، فبينما يجاهر مسؤولوها بالرغبة في التعاون، فهم يصرون على وصف أدلة تعتبرها الوكالة الدولية للطاقة الذرية «موثوقاً بها» بأنها «مزاعم بلا أساس» ومفادها أن إيران ضالعة في عمل نووي يتعلق بإنتاج أسلحة. ومازالت إيران تمنع المفتشين من دخول مواقع نووية مشتبه بها وإمكانية مقابلة الشخصيات المحورية، وتسعى لتقييد أنشطة المفتشين في حدود برنامجها النووي المعلن. وحتى في أفضل الأحوال، فسوف يستغرق الأمر وقتاً لتتحقق الثقة في أن إيران تخلت بالفعل عن طموحاتها في امتلاك أسلحة نووية. والحلفاء مثل إسرائيل ودول الخليج لا يثقون في النوايا الإيرانية بينما تطفل عمليات التفتيش يزعج الإيرانيين. وفي غياب تحول استراتيجي من ناحية إيران في التوصل إلى اتفاق على عملية تخصيب محدودة، فسوف تزيد على الأرجح هذه التوترات، ولن تتبدد، وسوف تسعى إيران إلى إخفاء أو إنكار الأنشطة، التي تقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إن لديهم أدلة مقنعة عليها، وسيسعى خصوم إيران إلى امتلاك قدرات نووية مثلها وفي نفس الوقت يبتعد حلفاء إيران مثل الصين وروسيا عن ائتلاف غير محتمل تقوده الولايات المتحدة حالياً. وعدم احتمال أن تتغير نوايا الزعماء الإيرانيين يشير إلى الطريق الآخر الأكثر استقامة للتوصل إلى اتفاق: مطالبة إيران بأن تفكك برنامجها النووي مقابل أي تخفيف للعقوبات التي سوف تتصاعد إذا رفضت طهران الإذعان. وفي هذا النموذج، سيتعين على إيران أن تتوقف عن الأنشطة المتعلقة بالتخصيب وإعادة المعالجة كما يطالب مجلس الأمن الدولي، وأن تفكك منشآتها الموجودة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم المعروفة باسم «فوردو»، وتبيع ما لديها من اليورانيوم المخصب، إضافة إلى إجراءات أخرى. والاعتراض الواضح على مثل هذه الاتفاق هو أنه أصعب من أن يتحقق وحتى مفاوضي الولايات المتحدة وصفوا هذا الموقف بأنه «متطرف». لكن يتعين أن يجري تقييم أي صفقة في نهاية المطاف بالمقارنة مع البدائل المقبولة وليس بمعزل عنها والبدائل الإيرانية مرة. فالاقتصاد الإيراني يعاني من ضغوط شديدة بسبب العقوبات. وإذا حاولت إيران أن تخرق الاتفاق من أجل إنتاج سلاح نووي فقد أوضحت الولايات المتحدة وإسرائيل أنهما ستوجهان ضربة عسكرية مدمرة لإيران. وعلى العكس من حكمة مرور الوقت التقليدية، فالوقت ليس في صف إيران. فكل يوم يمر تتفاقم المحنة الاقتصادية الإيرانية ويتوسع برنامجها النووي الذي لا يحسن أوضاع إيران. فتزايد مخزونها من أجهزة الطرد المركزي ومن اليورانيوم لا يزيد إيران إلا قرباً من الخطوط الغربية «الحمراء» ولا يجعلها أكثر مناعة ضد هجمات محتملة. ولدى الولايات المتحدة حجج قوية في المحادثات النووية: فموقفها التفاوضي معقول بشكل بارز. فالغرب يقدم لإيران شيئاً تحتاجه بشكل ماس هو رفع العقوبات في مقابل شيء ليس لديها إلا القليل من الاستخدامات المفترضة له- وهو تخصيب اليورانيوم وإعادة المعالجة- إذا أخذنا في الاعتبار إنكارها للسعي لامتلاك أسلحة نووية. وهذا ليس موقفاً متطرفاً تقريباً. ومما يستحق الإشادة أن الولايات المتحدة وحلفاءها يأملون فعلاً أن تسلك إيران طريق الشفافية والتعاون، وفي الواقع، فإن مسعى كسب الود الذي انتهجه روحاني أغرى بهذه الآمال. لكن لا يمكننا، وربما لا يمكن روحاني نفسه، القيام بمثل هذا التغيير الأساسي في النهج. لكن يمكننا أن نتبنى موقفاً صارماً على طاولة المفاوضات والثقة في قوة موقفنا، فنوضح البدائل الأخرى ونجبر طهران على أن تواجه عواقب اختياراتها لا أن تتفادها. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©