السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الخيانة الافتراضية

24 أكتوبر 2011 22:57
أثارت انتباهي صورة منشورة في أحد المواقع عن زوج وزوجة وطفل بينهما بحفاضة، وكل يمسك بكمبيوتر محمول ويلتفت للجهة المقابلة، لم يكن ذلك في غرفة الطعام أو في باحة المنزل، بل في غرفة النوم، هذه الصورة حفزتني للتساؤل عن انتشار الظاهرة التكنولوجية، وانتشار وسائلها في كل بيت، وهذا القادم الصاعق للعلاقات الإنسانية في مقدمتها، وهو الفيسبوك. يقول مختصون في الأكاديمية الأميركية لمحامي القضايا الأسرية، إن المشكلات بين الأزواج تضاعفت بسبب هذه الوسائل التكنولوجية وبسبب الشبكة العنكبوتية، التي صار بعض الأزواج مدمنين عليها، وهذا ما يلاحظ على أرض الواقع وتشتكي منه بعض زوجات المدمنين على الإنترنت، وعلى بوابة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، ومبررهم في ذلك أنك تجد الزوج جالساً، وغير جالس، حاضراً، وهو غير موجود في الأساس، يغوص في علاقاته الافتراضية، مع أصدقائه وأصدقاء أصدقائه، وعائلته وغرباء كثر، شبكة متسعة لا مساحات جغرافية لها ولا قواعد حدودية، يتحدث ويتجول عبرها نحو العالم، تاركاً عالمه المحيط به، يحلق في سماوات يحقق أحلامه المكبوتة أحياناً. يتفرق الجمع، ويسكت الحديث تماماً، بين هؤلاء الأزواج، فيتحول البيت إلى برود وجفاء، ويعم الصمت تماماً، في ذلك اشتكت سيدة تقول إن زوجها لا يطالع إلا القنوات الإخبارية الباحثة عن الموت في كل اتجاه، وبعد ما يتعب يسبح في عالمه الخاص، تاركاً مساحة الصمت تغوص في البيت إلا من بكاء الصغار وحديث زوجته عن متطلباتها، قابعاً في باحة البحث، وإن دخل غرفته لا يترك الكمبيوتر المحمول أو هاتفه الذكي. كان الأزواج يهربون في السابق من المشكلات الأسرية لأصدقائهم وللعب الورق لفترات قصيرة، ويعودون من جديد بمزاج مختلف، قد يجد صديقاً ينصحه ويرفع عنه ضيم يومه ويخفف عنه ظلم زوجته، أما اليوم فهم يهربون من الجو العائلي حتى داخل البيت، إلى عالم افتراضي، فرغم وجودهم أمام الزوجة والأولاد، فإن عقولهم منشغلة بما يدور على الإنترنت، ليس هذا فحسب، بل كثير منهم تجده يهرع للهاتف كلما سمع إعلاناً بقدوم رسالة ما على هاتفه الجوال. وتجاوز الشغف بالإنترنت وغرف الدردشة عند البعض خاصة الخجولين والذين لا يستطيعون مواجهة الناس إلى ارتكاب خيانات لزوجاتهم عن طريق هذه الغرف، بحيث تجد البعض يربط علاقات يعتبرها قوية من خلال هذا العالم الافتراضي، يتبادل كل أحلامه مع الطرف الآخر، يهيم ويعيش ما يؤجله، ولم يكن في مقدوره إمساكه في واقع الأمر، وقد تكون كلها أحلام يقظة، غير موجودة إلا في خياله آمن بها، هذا الشعور بالطيران، يغرقه في هذه الحميمية الافتراضية التي تعود بالضرر على الأسرة كلها حتما، فكيف السبيل لتخليص بعض الأزواج من هذه العادة التي تتسبب في اتساع الهوة بين الأزواج ولو ليوم واحد في الأسبوع؟ lakbira.tounsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©