الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خالد الحدادي يعبر باللوحات عن حبه لوطنه واعتزازه بالماضي

خالد الحدادي يعبر باللوحات عن حبه لوطنه واعتزازه بالماضي
25 أكتوبر 2011 08:48
منذ أن اكتشف الفنان التشكيلي خالد الحدادي حبه للرسم وعشقه لممارسته وهو يبذل قصارى جهده بالإبحار في أعماق هذا الفن واكتساب ثقافته الواسعة، وعلى الرغم أن طريقه في صقل موهبته لم يكن مفروشا بالورود، إلا أنه تمكن وبجدارة من أن يتحدى جميع العقبات التي واجهته في مسيرته الفنية وأن يقف على أرض صلبة. الفنان التشكيلي خالد الحدادي، الذي يعمل الآن موظفا في قسم التنسيق والمتابعة في بلدية مدينة العين، بدأ بممارسة الرسم منذ أن كان طالبا في المرحلة الابتدائية، فكان كأي طفل تستهويه الألوان فيشخبط بها دون أن يدري لماذا يفعل ذلك وإنما لرغبة في نفسه، ولأن والده كان يعمل في مجال ميكانيكا السيارات كان يحضر معه عندما يعود إلى المنزل كتالوجات ومخططات للمركبات فكانت تجذبه أشكالها، فيقوم برسمها على دفتره، وعندما رأى والده أحد رسوماته فوجئ بموهبته، إذ كانت رسمته تماثل صورة السيارة الموجودة في الكتالوج، وهكذا كان والده أول من تنبه لموهبته ودعمها بتشجيعه المتواصل. القاعدة الأساسية إلى ذلك، يقول الحدادي «ما زاد من سعادتي أن والدي كان يفتخر بي أمام رفاقه، ويتحدث عن تميزي ويريهم رسوماتي ما دفعني لأواصل ممارسة الرسم لأبقى عند حسن ظنه من جهة ومن جهة أخرى لأنني أحب هذا الفن». ويضيف «المدرسة هي الدافع الثاني الذي وقف وراء تشجيعي خصوصا معلمي التربية الفنية الذين بدؤوا يوجهونني لكيفية صقل موهبتي، وكان أحدهم يجلس معي بعد انتهاء الدوام الرسمي خلال الفترة المسائية في مرسم المدرسة ليعلمني ورفاقي هواة الفن أساسيات الرسم، وكيفية التعامل مع الألوان والفرشاة والخامات المتنوعة التي يرسم عليها، لتتشكل لدي في تلك المرحلة القاعدة الأساسية التي استند عليها فني، وعلى الرغم من أنني كنت في المرحلة الابتدائية في تلك الفترة، إلا أن المدرسة كلفتني برسم لوحة جميلة تعلق على أحد جدرانها، وفعلا رسمت لوحة موضوعها ذو صلة بالتاريخ استوحيته من مادة التاريخ التي كنا ندرسها مما يعكس مدى إيمانهم بموهبتي، وكذلك تم اختياري للمشاركة في برنامج للأطفال الموهوبين كانت تبثه قناة أبوظبي، حيث رسمت حينها لوحة تعبر عن فن مزج الألوان الشمعية». وأصيب الحدادي بحالة من الحزن والفتور في إنجاز لوحات فنية جديدة خلال مرحلة الدراسة الإعدادية والثانوية، وذلك لأنه تم إلغاء حصة التربية الفنية لهذه الصفوف، وبدلا من أن يرسم كل يوم أو يومين لوحة صار يرسم كل شهر لوحة، حتى دخل في فترة شبه انقطاع عندما التحق بالكلية للدراسة، في السياق ذاته، يوضح «حلمت بدراسة الفن التشكيلي في الجامعة لكن التخصص لم يكن مطروحا فدرست الهندسة الإلكترونية في كلية التقنية العليا للطلاب في العين وبعد أن تخرجت، شعرت برغبة ملحة تدعوني لأعود بقوة لأمارس الرسم من جديد، وأن أبحث عن مراكز تصقل موهبتي وتساعدني على تطوير قدراتي، فبحثت عنها في مدينة العين التي أسكنها لكنني لم أجد فتوجهت إلى الشارقة وبالتحديد إلى جمعية الإمارات للفنون التشكيلية دون أن يثنيني بعد المسافة عن تحقيق غايتي». يشير الحدادي إلى أنه التحق بدورات مكثفة ومتنوعة في جمعية الإمارات للفنون التشكيلية لم تقتصر على فن الرسم، بل شملت فنوناً أخرى مثل التصوير الفوتوغرافي والنحت وتشكيل المجسمات، وذلك على أساس أن هذه الفنون تغذي روحه كفنان وتدعم بصورة غير مباشرة موهبته في الرسم، فمن خلال فن التصوير الذي تعلمه سهل عليه رسم بعض المشاهد الطبيعية التي يمكن للصورة أن توقفها، ولتوضيح ذلك يضرب مثالا فيقول «قبل أن أتعلم الرسم عندما كنت أريد أن أرسم شكل الموج وهيجانه واصطدامه بالصخور كنت أحتاج فترة طويلة من الزمن لأتأمل وأحفظ هذا المشهد الذي يحدث للحظات ويختفي، ويعود ثانية فلا يمكنني إيقافه لأرسمه وبعد أن أتقنت فن التصوير صرت ألتقط صورة تلك الأمواج وأجلس أرسمها نسخة طبق الأصل عن الصورة الملتقطة، مع عدم التقيد بألوانها لأنني أريد أن تختار ذائقتي وحسي اللون الذي أجده مناسبا، أما فن النحت وتشكيل المجسمات فأفادني في تطوير قدراتي الذهنية والحسية في رسم البعد الثلاثي للأشياء». ويؤكد الحدادي استفادته الكبيرة من تلك الدورات، التي اكتنز من خلالها ثقافة موسعة عن الفن التشكيلي خصوصا والفنون الأخرى عموما، وكيفية توظيف تلك الفنون في خدمة الفن التشكيلي خصوصا أنه وبحسب ما أفاد كان يلتقي عبر الجمعية بعدد من الفنانين التشكيليين وهواة الفنون المختلفة فيتبادل معهم الخبرات، واطلع على معارضهم وشارك فيها، وإن كانت مشاركات بسيطة لكنها مثمرة. ولأن الحدادي لا يمل ولا يكل من اكتساب العلم ولديه جلد غير عادي لتطوير مهاراته وقدراته، فقد انتظم للدراسة الإلكترونية عبر الإنترنت في إحدى الجامعات الأميركية، وحصل على مدى عامين على ماجستير مهني في الفن التشكيلي. إلى ذلك، يقول «الدراسة الإلكترونية في تلك الجامعة تضمنت 12 مساقاً نظرياً، وفي كل مساق كانوا يرسلون لي كتابا يتحدث عن الفن التشكيلي، وبعد أن أدرسه جيداً أقوم بتطبيق ما جاء فيه عبر لوحة أرسمها وأرسلها بالبريد إلى أساتذة تلك الجامعة ليقوموا بتقييمها، وهكذا مع بقية المساقات الأخرى التي كانت على شكل مستويات، حتى تمكنت من التخرج». ويأمل الحدادي أن يكون الاحتكاك والتواصل بين الفنانين التشكيليين في مدينة العين وبقية مدن وإمارات الدولة أكبر مما هو عليه الآن، وذلك بإقامة ورشات عمل دائمة تجمعهم ومعارض تحتفي بمواهبهم وإبداعاتهم، وأن تكون هناك رابطة للموهوبين في مختلف الفنون في مدينة العين تجمعهم تحت مظلة هيئة أبوظبي للثقافة والتراث. ألوان وخامات يكشف الحدادي النقاب عن طبيعة الألوان والخامات التي يستخدمها في لوحاته. ويقول «استخدمت عدة ألوان منها الباستيل والمائي والأكراليك والفحم والرصاص، لكن أحبها إلى قلبي كانت الألوان الزيتية لأنها تمنحني الحصول على خيارات كثيرة أثناء مزج الألوان ببعضها، أما الخامات التي أرسم عليها فهي من الورق أو قماش الكانفس». وبالنسبة للمواضيع التي يحب رسمها، يوضح «هي تتمركز في الطبيعة والتراث المحلي، وذلك لأن الطبيعة تسحرني بجمالها وإتقان صنعها فأحب رسم البحر والشجر والصحراء، وفي رسمي للتراث المحلي أعبر عن حبي لوطني واعتزازي بماضي أجدادي وأصالتهم، وأحاول أن أرسم التراث بطريقة جديدة أتخيل فيها قصص الماضي وأرسمها، وكمثال على ذلك فقد رسمت لوحة تعبر عن منطقة المقطع قبل أن يبنى فيها جسر المقطع الحالي، حيث استمعت لقصص تلك المنطقة من كبار السن الذين عاشوا طفولتهم هناك، وتخيلت في ضوء كلامهم كيف كانت بالإضافة إلى أنني زرت المكان نفسه ورجعت إلى مخططات ووثائق قديمة دالة على إنشائه وتاريخه، وبعض الصور أثناء بناء الجسر نفسه لتوحي لي جميعها بمعالم اللوحة التي وفقت برسمها وكانت عبارة عن مبنى الجمارك قديما وقوافل تقف أمامه تريد العبور، بعد أخذ التصريح من نقطة التفتيش في الجمارك لتدخل ببضائعها إلى أبوظبي عابرة مياهاً ضحلة وقلعة فيها حراس، وعندما عرضت اللوحة على الذين رووا لي قصة المكان لأعرف مدى قدرتي على رسم ما أوحوا لي به عبر كلامهم، وجدت منهم إعجاباً كبيراً بما رسمته، واعترافا بمدى مطابقته مع ما كانت عليه المنطقة». ومن اللوحات المميزة لديه لوحة تعبر عن التراث شارك بها في معرض بالشارقة كان عنوانه «تجارة الحرير»؛ فاختار أن يرسم رجلا إماراتيا يرتدي الوزار، ويتسلق النخلة ويقطف الثمر منها. وحول علاقة اللوحة بموضوع المعرض. يقول «اللوحة تعبر عن تجارة التمر التي اشتهرت بها الإمارات قديما، وكانت تصدرها للهند وتحضر أو تستورد الأقمشة من عندهم وقماش ملابس الرجل الذي رسمه يتسلق الشجرة من الهند». «القطارة للفنون» يوفر فضاء إبداعياً لموهوبي العين وجد الفنان التشكيلي خالد الحدادي في مركز «القطارة للفنون»، الذي تم افتتاحه مؤخرا، مركزا يرعى أصحاب المواهب ويساعدهم على صقلها، وهو وبتردده عليه مارس بعض التقنيات الفنية التي تعلمها، ولم تسنح له الفرصة ليمارسها، وبوجوده في مرسم المركز مع زملائه وزميلاته من هواة الفن التشكيلي تنافسوا في تطبيق تقنية الأبيض والأسود، وذلك برسم لوحة فيها تدرجات اللونين الأبيض والأسود، وكذلك في تقنية اللون عبر رسم كوب وصحن فواكه باستخدام الألوان الأساسية فقط وهي الأزرق والأحمر والأصفر، وتقنية فن الأستوديو عبر نقل صور بورتريهات تم تعليقها على الجدار وإعادة رسمها. ويشدد الحدادي على أهمية وجود مرسم للفنانين التشكيليين ليجتمعوا فيه ويتبادلوا الخبرات بينهم ويستفيدوا من بعضهم بعضا، مبينا أن البيت ليس المكان المناسب للبدء بلوحة فنية، بل مكانها المناسب مرسم يحفه الرسامون الذين يستوحون من بعضهم البعض ويتنافسون في أجواء إيجابية.
المصدر: العين
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©