سلمان كاصد:
في عرض موسيقي كلاسيكي حضره جمهور كبير من المهتمين بهذا الفن الراقي استضافت هيئة أبوظبي للثقافة والتراث بالتعاون مع مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون الأربعاء الماضي في المجمع الثقافي بأبوظبي مجموعة الموسيقيين الهنجاريين في عزف لأهم الأعمال الكلاسيكية العالمية التي ألفها (هايدن وموزارت وبارتوك) اشترك فيه العازفون دورا كوكاس على الفيولونسيل (الجلو) وكاترين كوكاس وبارنوباس كيلمين على (الكمان)·· الفولين··
العازفة الهنجارية دوار كوكاس تعتبر واحدة من أشهر عازفي الفيولونسيل (الجلو) بين أبناء جيلها، حيث تقوم بالعزف المنفرد والعزف مع الأوركسترا وموسيقى الحجر بانتظام· بدأت كوكاس في دراسة الفيولونسيل في مرحلة مبكرة حين كانت في الثالثة من عمرها في مسقط رأسها كابوسفار وهو وقت مبكر جداً يدل على عبقريتها المتفتقة منذ الطفولة والتي صقلت على يد المدرسة أجنس ماركاس ذائعة الصيت· حضرت كوكاس العديد من دروس أشهر فناني العالم ·
الثلاثي الهنجاري قدم في عزفه الموسيقي أرقى ما أبدعه العقل التثويري في ميدان الموسيقى وبخاصة أعمال هايدن وموزارت وبارتوك· بدأ العزف لهايدن حيث انقسمت الأمسية الموسيقية الى مقاطع متعددة ابتدأت بعزف ثلاثي للكمان المشترك وللفيولونسيل ضمن السوناتا الأولى، كان الهدوء بالعزف الكلاسيكي الأول هذا تناوبياً مع تصاعد نغماتي جماعي (بوليفوني) تنفرد فيه نغمة الكمان تارة وأخرى لآلة الفيولونسيل مع ضربات نغمية متكررة واحدة أشبه بالروندو (الدوار) أو النغمة (اللازمة)· حيث تشعر بأن هناك وصلات موسيقية منفصلة تعزلها اللوازم المتكررة·
المقطع الثاني عزفت فيه السوناتا الثانية التي تكونت من ثلاث حركات وكان عزفاً ثنائياً اشترك فيه عازف وعازفة، وكلاهما على الكمان· ابتهاج تصعيد أنغامه بشكل لافت وهبوط عميق حد السكون وتصاعد ثانية الى حد التوهج·· ثمة أشياء هاربة راقصة من بين أوتار الكمان· زهور متفتحة، براري ممتدة وأحلام الحب المنتشية·· تنتقل بك آلة الكمان إلى عوالم مجهولة، سحرية كل شيء في الطبيعة يمكن تصوره·· ربما هناك مدن قرب بحر يصوره هذا الامتداد اللانهائي لصوت الوتر· إنها موسيقى راقصة مع كل موجة آتية·· الحركات الثلاث تختتم بالحركة الثالثة التي بدت متسارعة جداً· أوتار تتراقص فقط في القاعة الساكنة بالظلام الشفيف حيث الموسيقى وحدها التي تتحدث وتتحاور في جدل ديالوجي موسيقي بين كمانين يتكلمان ثم يتحدان لينتهي المشهد·
المقطع الثالث·· عزف منفرد لآلة الفيولونسيل· عازفة تتأمل أوتارها حيث تبتديء بمقدمة هائجة تتبعها توقيعات على امتداد عرضي للأوتار الطويلة·· لقد كان مقطعاً صغيراً مدهشاً·
أما المقطع الرابع فقد اشترك فيه عازفا الكمان ثانية وهي السوناتا الثانية لموزارت· اتصف العزف بحركة أولى سريعة أشبه بالرقص القوقازي مع تناوب واتحاد، ثم استرسال في أفق موسيقي لا متناهٍ·
بعد كل ذلك ابتدأت الحركات السريعة حيث قدم العازفان أنواعاً مختلفة أو أنماطاً متفاوتة من التوقيعات·· اتصف العزف ضمن المقطع الرابع بحركته الثانية هذه بالترقيص حيث استخدمت الأنامل فقط بالضرب على الأوتار في حوار شجي بين كمانين أو بين أوتار متعددة تنسج تنغيما إيقاعيا تخلقه الأصابع·
بعد ذلك قدم هذان العازفان (بارنوباس وكاترين) عزفاً تناوبياً أبدع فيه بارنوباس ببراعة أخاذة· بينما جاءت الحركة البرانس الراقص أشبه بالموسيقى الشرقية في حوار ديالوجي يستنطق الكمان· بينما كانت الحركة الأخيرة متصفة بالعزف التطابقي وكأنهما يعزفان نصاً واحداً مشتركاً يختتم الفرح·
عدد اليوم
