الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إفراط الأجداد في تدليل الأحفاد

إفراط الأجداد في تدليل الأحفاد
6 نوفمبر 2014 18:44
خورشيد حرفوش (أبوظبي) «أعّز الوِلْد.. وِلْد الوِلْد» أو «ما أعز من الوَلد .. إلا وِلْد الوَلد» مثل في التراث الشعبي يختصر طبيعة العلاقة التي تربط الأجداد بأحفادهم، وهذا الاعتزار يفرز نمطاً معيناً من التواصل، والمشاعر، ولغتي الحوار والتعامل مما يكسبها- ولا سيما في مرحلة الطفولة- خصوصية، ونكهة تميزها. هناك أسر تعمل فيها الأم جنباً إلى جنب مع الأب، ومن الطبيعي أن تترك أطفالها في رعاية الآخرين لبعض الوقت، سواء في عهدة المربية أو الخادمة، أو في دار للحضانة، أو تركهم لدى الأقارب مثل الجد والجدة. في كثير من الأحيان تتقاطع وتتعارض رؤية الآباء والأمهات فيما يتعلق بتربية وتنشئة أطفالهم مع مواقف الأجداد، وما يعرف عنهم بالإفراط في تدليل أحفادهم الصغار. ومن ثم قد يختصر هذا التعارض وعدم الاتفاق لقضية صراع الأجيال، والاختلافات الجوهرية في أنماط التربية والتنشئة الاجتماعية السليمة في نظر كل جيل. فمتى يكون تدخل الأجداد ضاراً أو سلبياً على تنشئة الطفل؟ ازدواجية استشارية العلاقات الأسرية إنعام المنصوري، تجيب على هذا التساؤل: «لكل أسرة أسلوبها وطريقتها في تربية أبنائها، وتتراوح هذه الأساليب بين الشدة والتسلط والحزم والتساهل والتسيب أو ترك الحبل على الغارب دون ضوابط أو قيود، وفق ثقافة الأبوين، وما ينجح مع طفل أو أسرة لا يعني بالضرورة أنه سوف ينجح مع طفل آخر أو أسرة أخرى. ومن الأهمية تطابق رؤية الوالدين، واتفاقهما حول الأسلوب الذي يناسب طفلهما، لأن تضارب أو تعارض وازدواجية الرؤى سيوقع الطفل في إشكالية الاضطراب وضياع المعايير، واختفاء الحدود، ولا يدرك أين التصرف أو الموقف السليم، ويتوه بين الصح والخطأ، والمسموح والممنوع، ومن ثم ترتبك معايير التنشئة الاجتماعية السليمة. إن ثبات القيم والرؤى مهماً كانت من شأنه أن يساعد الطفل على زيادة السلوكيات الحسنة، وتقليل السلوكيات المزعجة أو الخاطئة، ووضع الحدود للسلوكيات غير المحتملة. كما أن الأطفال يحتاجون إلى انتباه والديهم لهم. فإن لم تنتبه الأم لسلوكيات الطفل، وتقييمها وتعديلها أولاً بأول، فإنه سيقوم بسلوكيات سيئة ويكتشف أن ذلك هو أسرع طريق لجذب انتباهها له، حتى وإن كان الانتباه سلبياً مرتبطاً بالعقاب أوالصراخ. وهذا الانتباه يحدد قدر الحزم والانضباط المطلوب، ومتى يعاقب أو يحاسب أو يثاب. ومن المؤكد أن موقف الجد أو الجدة غالباً ما يتسم باللين، والتسامح والود، ويميل إلى التدليل أو المبالغة فيه، أو غض الطرف عن الأخطاء، ومن ثم تضيع وتتميع معايير الانضباط أمام الطفل، ويقع في ازدواجية، وفي أحيان كثيرة لا يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ. استغلالتضيف المنصوري: «الأطفال لديهم ذكاء فطري، فإذا حظي الطفل بمساندة وتشجيع الجد، فإنه لا يكترث بالعقاب أو الحساب المتوقع من الوالدين عند الخطأ، ويستغل وجود الجد أو الجدة ليتوليا الدفاع عنه، وحمايته من العقوبة. والأطفال بطبيعتهم يعرفون أنهم سيعاقبون إن خالفوا القواعد، إلا أنهم لا ييأسون من محاولة اختبار تلك القواعد، بحثاً عن نقاط ضعف تمكنهم من مخالفتها، ودعم الأجداد هنا أهم نقاط الضعف التي يستغلونها، وأحد أسباب نجاح المربي هو ألا يسمح لأطفاله بذلك. وعلى الطفل أن يعي ويشعر أنه عندما تصدر عنه سلوكيات مزعجة أو غير مقبولة، أنه سيحاسب، وعلى الأسرة في المقابل أن تطبق العقوبة التربوية بطريقة مناسبة لحجم الخطأ، دون مبالغة، وأن تكون قابلة للتنفيذ بكل حزم وعدل وحب ودفء ومنطقية، وتراعي مبدأ احترام شخصية الطفل، فهناك فرق شاسع بين العقاب التربوي الهادف، والإهانة التي تفسد شخصية الطفل». وضوحوتلفت المنصوري انتباه الآباء والأمهات إلى ضرورة الاتفاق مع «الجد أو الجدة» إذا كان كلاهما أو أحد منهما يقيم مع الأسرة، على وضع حدود لسلوك الطفل وتصرفاته، وأن تكون المعايير واحدة، والقناعة التامة بأن التدليل الزائد مفسدة للطفل. وأن إرضاء الطفل في كل الحالات، وتلبية طلباته- المبالغ فيها أحياناً- على الفور قد يسعد الطفل ويسعد الأم في الوقت نفسه على المدى القصير، حينما تراه راضياً ضاحكاً، ولكن هذه السعادة لن تدوم حينما تتعارض مع رغباته فيما بعد. وتؤكد المنصوري أن التدليل يُوَلد الأنانية واللامبالاة والتسيب وعدم تحمل المسؤولية وحب السيطرة، كما أنه يقضي على فرص تكون الإرادة في الطفل، ولا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة. تداعيات سلبية العاطفة الفياضة المفرطة تجعل الطفل حاجزاً عن الارتباط بأقرانه، حيث إنه يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة فلا يميل إلى الآخرين وقد ينمي بداخله الإحساس بالوحدة والانطواء، أو الأنانية وحب السيطرة، وقد يميل إلى العنف في تصرفاته لإحساسه بالتميز. كما أن التدليل يجعل من شخصية الطفل شخصية قلقة فاقدة للصبر والتأني، ويستعجل الأمور؛ لأنه دأب على تلبية احتياجاته على الفور بحكم المواقف السابقة التي اعتادها، وبدعم من أحد الأجداد أو كليهما.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©