الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأثواب «المخورة» علامة فارقة في خزانة الإماراتيات

الأثواب «المخورة» علامة فارقة في خزانة الإماراتيات
22 أكتوبر 2013 20:34
موزة خميس (دبي) - شغفت المرأة في الإمارات بـ «الخوار» أو التطريز منذ زمن بعيد حين كان مقتصرا على ثوب العيد والسروال التابع له، أو على ثوب العروس، وفي بقية الأيام كانت المرأة ترتدي أثوابا ملونة مطبوعة بالنقوش كما جاءت من المصنع، حيث لا تضيف لها المرأة شيئا ملاحظا، وقبل أن تدخل ماكينات الخياطة إلى الدولة في الماضي البعيد، لجأت المرأة إلى حبك جدائل من الخيوط القطنية البيضاء أو الملونة حسب الرغبة مع خيوط من الفضة الأصلية، كانت تباع عند الصائغ بالجرامات. تلك الخيوط أطلق عليها «الخوص» ما يعني أن تلك الخيوط هي من الفضة الخالصة، وكانت عملية الحبك تلك تتم عن طريق «الكاجوجة»، وهي قاعدة عبارة عن مقعد لولبي من المعدن الخفيف، ولها مقبضان صغيران توضع بينهما وسادة بيضاوية الشكـل، ويحجز هذان المقبضان الوسادة من الوقوع أو الحركة عند العمل، وتسمى العملية خدمة «التلي»، وحتى اليوم لا يمكن لأي سيدة أو فتاة الاستغناء عن التلي، ولا تغيب الأثواب المخورة عن خزانة أية إماراتية حيث بات التطريز يدخل في تصميم أحدث الفساتين. جمال النتيجة من ضمن السيدات الكثيرات اللاتي يبرعن في استخدام «الكاجوجة» مريم علي، وهي تقول إن طريقة صنع خيوط التلي دقيقة وربما تكون مرهقة، لكن النتيجة تنسيها التعب، ولهذا لا أجمل من ثوب زين بخيوط قطنية أو حريرية مع الفضة أو الذهبي، والخيط الرئيس هو عبارة عن خيط من الخوص، وقديما كانت خيوط الصوف بديلا عن الخيوط القطنية التي دخلت فيما بعد، وكل خيط من الصوف يتكون من ستة خيوط ملفوفة على دولاب من الخشب، مشيرة إلى أن التلي يتكون من ستة دواليب من القطن أو الحرير، وواحدة من خيوط الخوص تسمى بكرات، ومحليا تسمى «دحروي»، والخيوط تسمى «هدوب»، وهي لفظة عربية جاءت من كلمة الأهداب، وتنتهي المرأة بإنتاج شريط مجدول عن طريق الحبك منظوم بشكل هندسي دقيق. وتوضح مريم «نعمل تقريبا كل يوم في إنتاج التلي، ويمكن لمن تتقن ذلك أن تساعد صديقتها أو جارتها في إكمال العمل، وحتى اليوم يحدث ذلك، فهناك مراكز للتنمية في كل إمارة، وهناك أسواق ومنافذ تباع من خلالها هذه الأعمال، ونحن أخذنا ذلك من الجدات مثل كل السيدات في أية دولة لديها حرف يدوية، ويتم الاعتناء بها كجزء من التراث، وأيضا لأنها حرفة هناك إقبال على إنتاجها». وتتابع «كنا في البيت الواحد نتبادل الأدوار حسب الوقت، ونصنع الملابس لأنفسنا وللجارات، ولكن اليوم من لديها هذه الحرفة يمكن أن تدر عليها ربحا إن أرادت خاصة في المناسبات مثل الزواج والأعياد». تصاميم من البيئة تقول مريم «منذ القدم والمرأة في الإمارات تهتم بإضافة التطريز إلى ملابسها، قبل أن تعرف مكائن الخياطة والتطريز، فنحن كنا ننقش الأشكال على الفطرة، وكنا نستقي نقوشنا من البيئة من حولنا، وكان أقرب شيء للمرأة أن تستفيد من خيوط الصوف التي تنتجها من الأغنام أو من وبر الجمال، وأصبحت فيما بعد تلون تلك الخيوط من مواد عشبية طبيعية، ثم أدخلت خوص الفضة». وتمضي «اليوم تشارك هذه المنتجات في المعارض العالمية، ويأخذ كبار مصممي الأزياء من هذه الخيوط أفكارا، لكنهم يصنعونها على مكائن حديدية تنتج بشكل أسرع وربما تعطيهم نقوشا حديثة». وحول طريقة العمل، تقول مريم «نقوم بجمع ستة خيوط مع الخوص الفضية، بعقدة محكمة نثبتها على وسادة الكاجوجة بدبوس، حتى تثبت دواليب الخيوط، بحيث يكون على الجانب الأيمن دولابان وعلى الجانب الأيسر دولابان آخران، وفي الوسط دولابان، بالإضافة إلى دولاب الخوص، ويتم عمل التلي بطريقة تداول الخيوط على محور الوسط بطريقة معينة، بحيث يدخل على خيط الخوص خيوط القطن أو الحرير، في حركة تجعله مغلفا مرة من اليمين والثانية من اليسار بشكل هندسي مرتب وجميل من التطريز الفريد من نوعه»، مضيفة «اليوم دخل على الخط عامل مكائن الخياطة، ودخلت بكرات الخيوط الملونة التي لم تكن بهذه الكثرة من الألوان». وتشير مريم «كانت المرأة تضيف شيئا من الخيوط الملونة على أثوابها وعلى السراويل، وهي تجدد دوما مهما دخلت إلى الإمارات تصاميم من الشرق والغرب، ومهما تطورت فتيات اليوم فإنهن يحرصن كما تحرص الأمهات على وجود الثوب الإماراتي المخور أو المزين بالتلي في خراناتهن. تطور الذوق عن تطور ذوق المرأة الإماراتية في الملابس، قال صاحب محل تطريز في إمارة الشارقة محمد شاهد أعظمي «كانت المرأة قديما تعتمد في خوار أو تطريز أثوابها على عقدة السلسلة وهي من أبسط العقد، وهي أول عقدة وفرتها مكائن الخياطة الخاصة بالتطريز، وفي بداية السبعينيات اعتمدت المرأة في الإمارات على النقوش القادمة من الهند، حيث توفر الفنون الهندية الخاصة بالأشغال اليدوية المئات من النقوش والألوان، ولكن المرأة في تلك الفترة كانت تركز على الخيوط الذهبية والفضية، وكانت لا تزال تحرص على إضافة التلي إلى أثوابها الشعبية، ودخلت أيضا النقوش الكشميرية والموديلات المغربية وأيضا من فلسطين والأردن، فهناك العقد الشديدة الدقة وهناك تطريز من حبال مصنوعة من خيوط الحرير أو الخيوط الفضية أو الذهبية». وأضاف «اليوم نجد الطلب كبيرا على القماش القطن الممزوج بالحرير أو الجاكار، والذي يدخل ضمن نسيجه خيوط ذهبية أو فضية، وهناك إقبال أكبر على الحرير، ولكن التطريز حسب الأذواق حيث الياقات العالية التي ربما تكون قصيرة أو متوسطة، وأحيانا مغلقة كليا أو مفتوحة قليلا عند أعلى الصدر، والتطريز حسب الأشكال المتوافرة ومنها النقوش بأزهار وورود، وربما فراشات صغيرة منمنمة». وأكد أعظمي «المرأة في الإمارات لا تستغني عن الثوب المخور، وقد طورت المرأة ثوبها المخور الذي لا تتخلى عنه رغم وفرة ما لديها من موديلات وتصاميم حديثة، ورغم دخول المئات من القصات والألوان والأثواب الأخرى، وهي دائما ما تضيف له الجديد ليواكب التطور الحادث في حياتها اليومية، والذي تحرص على أن تسخره بما يتناسب والكثير من العادات التي تحتفظ بها ولا تفرط فيها». حس فنان ترى مريم علي أن «المرأة في الإمارات لديها حس فنان، وعلى مدار الأعوام الماضية منذ ما يزيد على 50 سنة، والتطريز بكل أنواعه في تطور، وأيضا في كيفية إدخال الألوان وتنسيقها، ومن عاصر مرحلة ما قبل النفط يلاحظ أن النساء والفتيات يحضرن معهن أوراقا رسمت فيها النقوش والموديلات التي يرغبن في تطريزها على ملابسهن، وكانت محال الخياطة تقوم بتصوير تلك التصاميم وتدرجها في ألبومات تعرضها على الأخريات ممن يعشقن التطريز ولا يعرفن ما الجديد». وتوضح مريم «اليوم محال الخياطة تأتي بالمجلات وفيها ما أضيف على الثوب الإماراتي من روح الشام أو المغرب أو حتى التبت، والكثير من التصاميم تحتوي على أنواع مختلفة من النقوش، ويتم اختيار لون التطريز بما يتناسب وقطعة القماش التي تأتي بها المرأة حيث نرى الألوان ونوعية القماش، وقد تختار المرأة ألوان خيوط الخوار، ويقوم الخياط بعرض مجموعة من الخيوط تتسق وألوان القماش، وهي تختار ما يناسب ذوقها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©