الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر: المستهلك يربح والقطاع الصناعي يخسر

16 فبراير 2007 23:38
القاهرة - محمود عبدالعظيم: بدأ سريان القرار الجمهوري المصري بخفض الجمارك على 1200 سلعة وسيطة وتامة الصنع بنسبة تتراوح بين 2 و40 في المئة· ورغم ان القرار يأتي في اطار التزامات مصر الدولية فيما يتعلق باتفاقية ''الجات'' وتحرير التجارة الخارجية فإن الخفض الجمركي يمثل ميزة اضافية للشركات العاملة في السوق خاصة التي تعتمد في نشاطها على استيراد سلع تامة الصنع ومعدات وآلات· ويطرح القرار تساؤلات تتعلق بأربعة قطاعات رئيسية في السوق والتي تعد الأكثر تأثرا بالقرار سلبا أو ايجابا· وهي الشركات الاستثمارية التي تستورد مواد خام تدخل كمكونات رئيسية في منتجاتها النهائية والشركات الصناعية التي تنتج سلعاً مثيلة للسلع التي يتم استيرادها وتم خفض رسومها الجمركية وبالتالي ستواجه منافسة حادة ثم قطاع المصريين العاملين بالخارج الذين تعنيهم هذه التخفيضات خاصة تلك المتعلقة بالسلع التي اعتادوا جلبها بصحبتهم من الخارج مثل الافران الكهربائية والتليفزيونات والثلاجات والسخانات والتكييفات والملابس الجاهزة واخيرا المستهلك المحلي الذي يأمل أن تنعكس هذه التخفيضات على مستوى أسعار السلع الرئيسية خاصة أن التخفيضات تتزامن مع جهود وزارة التجارة لحماية حقوق المستهلك والتصدي لظواهر التهريب والتجارة العشوائية· وتستهدف التخفيضات الجديدة مصلحة المستهلك -حسبما أكد الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية- وقال إن التخفيضات الجمركية التي طبقت في العام 2004 كان هدفها المنتجون وان الحكومة تركز حاليا على كيفية وصول نتائج هذا التخفيض للمستهلك بصورة ملموسة· وعلى صعيد الشركات الاستثمارية العاملة في السوق المصرية تعطي هذه التخفيضات اثرا ايجابيا لبعض الشركات واخر سلبيا لنوعية اخرى وهي الشركات الانتاجية· فالشركات التي تحصد مكاسب هذه التخفيضات هي التي تستورد مواد خام لازمة للصناعة حيث تنخفض تكلفة المنتج النهائي وتستعيد قدرتها التنافسية خاصة أن هذه التخفيضات تسهم في إزالة بعض التشوهات الجمركية التي كانت موجودة وتم تداركها في التعديلات الجديدة بناء على مطالب منظمات الأعمال واتحاد الغرف التجارية· اما الشركات التي تمثل لها هذه التخفيضات مأزقا فهي الصناعية التي تنتج سلعا تم خفض جماركها وتعتمد على تصريف هذه المنتجات في السوق المحلية وهي السلع الاستهلاكية والمعمرة وفي مقدمتها اجهزة التليفزيون والثلاجات والسخانات والافران واجهزة التكييف والملابس الجاهزة والمواد الغذائية حيث تمثل اسعار هذه السلع المستوردة -بعد التخفيض- تحديا للمنتجين المحليين الذين كانوا يعتمدون على الحماية الجمركية لتصريف بضائعهم المرتفعة الثمن والمنخفضة الجودة في السوق المحلية مما كان يمثل نوعا من الاحتكار لهذه السوق وضررا بالغا للمستهلك· وقد انخفضت التعديلات الجديدة بمتوسط التعريفة الجمركية في مصر من 9 الى 6,9 في المئة فهناك 176 سلعة يتم استيرادها بلا جمارك و140 سلعة يتم استيرادها برسوم جمركية لا تزيد على 2 في المئة و290 سلعة برسوم جمركية قدرها 5 في المئة و369 سلعة يتم استيرادها برسوم جمركية 10 في المئة و139 سلعة تبلغ رسومها الجمركية 20 في المئة· وبهذه التعديلات أصبح هناك 478 سلعة معفاة نهائيا من الجمارك تمثل 8,5 في المئة من عدد السلع التي يتم استيرادها وتشمل المنتجات الغذائية بجميع انواعها وبعض السلع الوسيطة والمواد الخام اللازمة لقطاعات حيوية مثل الأسمدة والفوسفات الوارد من الخارج لحساب القطاع الزراعي بالاضافة الى أدوية الامراض المستعصية والاجهزة الطبية· و1485 سلعة تمثل نسبة 26 في المئة من إجمالي قائمة الواردات لا تزيد رسومها الجمركية على 2 في المئة و1730سلعة تمثل 30,5 في المئة من إجمالي الواردات تدور رسومها الجمركية حول 5 في المئة و1400 سلعة تمثل 25 في المئة من إجمالي الواردات تبلغ رسومها الجمركية 10 في المئة وبالتالي يصبح 65 في المئة من هيكل التعريفة الجمركية الكلي يتراوح بين الفئة صفر والفئة 5 في المئة ونسبة 90 في المئة من هيكلها يتراوح بين صــفر و10 في المئة· وتم تخفيض الرسوم الجمركية المقررة على الأقمشة من 22 الى 10 في المئة وعلى الخيوط والغزل من 12 في المئة الى 5 في المئة والملابس الجاهزة من 40 في المئة إلى 30 في المئة واعفاء بعض مستلزمات صناعة تكنولوجيا المعلومات وخفض الفئة الجمركية على خامات البلاستيك الداخلة في العديد من الصناعات سواء للتغليف أو التعبئة· كما شملت التخفيضات ايضا بعض الأصناف الطبية مثل العدسات اللاصقة من 32 في المئة الى عشرة في المئة واعفاء أدوية الأورام والقلب والسرطان والامراض المستعصية وكواشف الدم والخيوط الجراحية وأدوات الوقاية المهنية التي يستخدمها الاطباء وطواقم التمريض بالمستشفيات وإعفاء خام الفضة لتشجيع توطين صناعة المشغولات الفضية في مصر وتخفيض الرسوم الجمركية الى الحد الادنى على مستلزمات صناعة السينما· حماية المستهلك يقول محمد المصري -رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية- إن هذه التخفيضات تصب في صالح المستهلك وتنشط التجارة الداخلية وتعزز من قدرات المستهلكين فتتسارع دورات الانتاج اعتماداً على تصريف المخزون الكبير من السلع الاستهلاكية· وأكد أن هذه القرارات تهدف الى تصحيح مسار التجارة حيث إن هناك خطة لتحديث و''عصرنة'' التجارة الداخلية في مصر وخطة لتحديث الصناعة ولو تم تحديث الصناعة دون ان يواكب ذلك تحديث مماثل للتجارة فستكون الفائدة محدودة سواء للاقتصاد الكلي أو المستهلك الفرد· وحول استفادة التجار من هذه التخفيضات لحسابهم وعدم وصول آثارها للمستهلك قال المصري إن القطاع العريض من التجار -ثلاثة ملايين في عضوية الغرف التجارية- مصلحتهم الاساسية انخفاض الاسعار وليس ارتفاعها لان ارتفاع الاسعار يعني ركود وانخفاض معدل المبيعات وبالتالي تنخفض الارباح اما انخفاض الاسعار فهو يعني قدرة متزايدة للمواطنين على الاستهلاك وشراء المزيد من السلع وبالتالي تنشط الأسواق ويحدث رواج وتزداد المبيعات ومعها أرباح التجار· كما ان اي تاجر اذا كان يبيع سلعة أو اثنتين فهو في النهاية مستهلك لعشرات السلع الاخرى ويهمه انخفاض اسعارها يضاف الى ذلك تنشيط المنظومة الرقابية التي تتبعها وزارة التجارة حاليا وتستهدف حماية المستهلكين وهذه المنظومة كافية لكي تصل آثار التخفيضات الجمركية للمستهلك النهائي· وأوضح عدم تخفيض جمارك السيارات واحتفاظها بالمعدل الحالي للرسوم الى عام 2011 يستهدف حماية صناعة السيارات المحلية خاصة أن هذه الصناعة شهدت ضخ استثمارات في حدود عشرة مليارات جنيه خلال العامين الماضيين فقط بالإضافة الى دخول شركات عالمية كبرى لتصنيع سياراتها في مصر خلال العام 2006 ومنها شركات ألمانية وصينية وكورية وكان لابد من إعطاء هذه الشركات الكبرى فرصة لاستعادة استثماراتها بدلاً من تعريضها لضربة موجعة عبر تخفيض جمركي للسيارات المستوردة ومع ذلك سيستفيد المستهلك المحلي عند شراء سيارة ركوب مصنعة في مصر بعد أن تم خفض بعض البنود الجمركية لمكونات السيارات المستوردة من الخارج لان هذا الخفض سينعكس على الأسعار النهائية للسيارات· السلع الاستهلاكية في مقابل هذه الرؤية المتفائلة هناك الجانب الآخر من الصورة والمتعلق بتضرر قطاع كبير من منتجي السلع الاستهلاكية والمعمرة من القرارات الأخيرة ويعبر عنه محمد المنوفي -رئيس جمعية مستثمري السادس من أكتوبر- حيث يؤكد أن عدداً كبيراً من المصانع سيتأثر سلباً بهذه التخفيضات لأن المنتجات المحلية ستواجه منافسة سعرية غير عادلة أمام طوفان السلع المستوردة خاصة أنه قبل التخفيض كانت كميات كبيرة من هذه السلع تدخل الأسواق بطرق غير شرعية دون ان تسدد رسوماً جمركية الامر الذي كان يمثل ضغطاً على المنتجات المحلية المماثلة خاصة الملابس الجاهزة وغيرها من المنتجات الصينية التي تغزو السوق المصرية· وكان مطلوباً التمهيد لهذه القرارات حتى لا تمثل صدمة للقطاع الانتاجي وإعطاء فرصة للمصانع المحلية كمرحلة انتقالية تستطيع خلالها توفيق أوضاعها· وقال إن منتجات هذه المصانع لن تنخفض على الفور لأن الدورة الانتاجية تستغرق بين 4 و6 أشهر ومعظم المصانع تستورد المكونات والخامات لفترة طويلة سابقة على تصنيعها وبالتالي فإن المنتجات التي يتم طرحها خلال هذه الفترة هي اصلاً محملة برسوم جمركية سابقة على صدور التخفيضات الأخيرة ولا يمكن بيعها بأسعار تقل عن أسعار التكلفة· وقال جلال ابوالفتوح رئيس مصلحة الجمارك إنه فور صدور القرار الجمهوري تم طبع فئات التعريفة الجديدة وتوزيعها على كل المنافذ قبل بدء مواعيد العمل الرسمية مما أدى الى سيولة في العمل وعدم حدوث تكدس أو زحام في أول أيام التطبيق وتم تطبيق التعريفة على البضائع التي لم يسدد أصحابها الرسوم اما التي انهى أصحابها الإجراءات الجمركية فقد سرت عليها التعريفة القديمة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©