الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مؤتمر كوبنهاجن لتغير المناخ خطوة مهمة نحو الأمام

مؤتمر كوبنهاجن لتغير المناخ خطوة مهمة نحو الأمام
5 يناير 2010 22:39
لقد قيل الكثير حول مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ والذي عقد مؤخراً في العاصمة الدنماركية كوبنهاجن. يرى البعض أن القمة قد فشلت في تحقيق أهدافها، بينما يرى البعض الآخر أن القمة كانت ناجحة. وعلى الرغم من ذلك، فإن القمة، التي استقطبت ما يقارب 40 ألف مشارك و119 من رؤساء الدول، قد وجهت اهتمام العالم إلى الحاجة الملحة لمواجهة تحديات التغير المناخي ومن هذا المنظور، أعتقد أن مؤتمر كوبنهاجن يمثل خطوة مهمة نحو الأمام حيث وضعت نتائج المؤتمر حجر الأساس الذي بالإمكان البناء عليه خلال السنة القادمة. وقد وَلَّدَت الفترة التي سبقت قمة كوبنهاجن لبعض من الناس طموحات وتوقعات غير عادية مما جعلت خيبة أملهم أمراً لا مفر منه. فالأهداف كانت واسعة النطاق وتمثلت في محاولة إشراك الولايات المتحدة وتوليتها قيادة المبادرات الدولية، وإقناع الدول المتقدمة تقنياً بالموافقة على أهداف ملزمة، والالتزام بعدم زيادة درجة الحرارة العالمية على 2 درجة مئوية، بالإضافة إلى التزام الدول المتقدمة بتوفير الدعم والتمويل الكافي، والتزام الشفافية والوضوح من جانب المؤسسات، ووضع أهداف عالمية للحد من الانبعاثات الكربونية، والتفويض بوضع معاهدة عالمية ملزمة قانونياً. ولو كنا لنحكم على هذه الأهداف الطموحة جداً فإن مؤتمر كوبنهاجن قد فشل في التوصل إليها. وعلى الرغم من ذلك كله فإن المؤتمر لم يفشل ذلك الفشل الذريع على الإطلاق. فالاتفاقية التي توصلت إليها 25 دولة تمثل خطوة مهمة، حيث تضع حجر الأساس للتوصل إلى اتفاق أكثر شمولاً في المستقبل. وإن لم تكن الاتفاقية مرضية تماماً، فإنها لا تزال حلاً أفضل من وضع معاهدة محدودة الأهداف، أو الأسوأ من ذلك وضع معاهدة لا يمكن تنفيذها على الإطلاق. الحد من الانبعاثات وعلى الرغم من عدم تلبيتها للتوقعات العامة، فإن الاتفاق يلزم أكثر الدول الملوثة في العالم للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة فيها، ومساعدة الدول المتقدمة للدول النامية عن طريق توفير مبلغ 30 مليار دولار لتمويل الجهود الرامية لخفض هذه الانبعاثات. أما الهدف المستقبلي فيتمثل في جمع مبلغ 100 مليار دولار سنوياً من القطاعين العام والخاص بحلول عام 2020 لمساعدة الدول النامية في بناء اقتصاد منخفض الكربون. وقد اتفقت الأطراف الموقعة على الاتفاقية أن تخضع إجراءات التمويل المقدمة للدول النامية إلى تحقيق ومراجعة دولية. وتتيح الاتفاقية الوقت الكافي لجميع الدول للتحضير للمرحلة المقبلة. ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، فإن تأخير التوصل إلى معاهدة دولية سيسمح لمجلس الشيوخ بالتركيز على تمرير مشروع قانون طال انتظاره حول التغير المناخي في عام 2010. وتقوم الصين كذلك بوضع اللمسات الأخيرة على سياساتها البيئية وأهداف كفاءة استخدام الطاقة في الوقت الذي تنجز فيه خطتها الخمسية التنموية الثانية عشرة. كما أن لدى الدول النامية في جميع أنحاء العالم الوقت الكافي للقيام بترتيبات الخفض المناسبة حسب احتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية وأولوياتها الوطنية، بينما الدول المتقدمة بحاجة إلى إعادة النظر في الآثار المترتبة عن سياساتها على اقتصادات الدول النامية ولاسيما تلك التي تعتمد اعتماداً كبيراً على عائدات الوقود الأحفوري. كما أعتقد أنه من المهم جداً لجميع الدول أن تستعد لمواجهة الآثار الضارة الناجمة من تغير المناخ من خلال وضع استراتيجيات للتكيف من شأنها تقييم نقاط الضعف وإدارة المخاطر وتحديد تدابير الاستجابة الملائمة. وفي مفاوضات تغير المناخ، فإن دولة الإمارات تعد عضواً في مجموعة أوبك، بالإضافة إلى كونها عضواً في مجموعة دول عدم الانحياز ومجموعة الـ77+الصين. ويعتبر قطاع النفط والغاز من الدعائم الأساسية في اقتصاد دولة الإمارات، وهذه حقيقة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند صياغة موقف دولة الإمارات الدولي حول التغير المناخي. وعلى الرغم من ذلك فإن قيادتنا الرشيدة ذات النظرة المستقبلية الثاقبة ارتأت تنويع مصادر الطاقة لتكون أكثر نظافة في المستقبل لتخفيف الانبعاثات الكربونية ما يسهم في مكافحة التغير المناخي. وتهدف المشاريع الكبرى في دولة الإمارات كمدينة مصدر حيادية الكربون ومشروع شبكة التقاط وتخزين الكربون إلى إيجاد الحلول المتعلقة بمشاكل الانبعاثات الكربونية من مصادر التلوث المختلفة كالمدن ومحطات الطاقة والصناعات الثقيلة. وستتيح النتائج التي تتوصل إليها هذه المبادرات الفرصة لدولة الإمارات لتطوير السياسات واتخاذ التدابير اللازمة التي من شأنها أن تسهم في بناء اقتصاد الغد منخفض الكربون. وستتمكن دولة الإمارات من لعب دور مهم في الضغط من أجل مصالح المدن المستدامة وإدراجها ضمن معاهدات تغير المناخ في المستقبل. التقاط وتخزين الكربون أما فيما يتعلق بشبكة التقاط وتخزين الكربون، فإنه من المؤسف تأجيل اتخاذ قرار حول إدراج هذه التقنية ضمن آلية التقنية النظيفة مرة أخرى ومع ذلك، فإنني أعتقد أن هذا الموقف لا يعد موقفاً أبدياًً وأن دولة الإمارات ستستمر في العمل بالتنسيق مع منظمة أوبك وغيرها من الأطراف المعنية من أجل إدراج هذه التقنية المهمة ضمن آلية التقنية النظيفة. وفي الحقيقة فإن الحصول على دعم وتمويل للمدن المستدامة وتقنيات شبكة التقاط وتخزين الكربون التي تهدف إلى خفض الانبعاثات الكربونية في إطار معاهدة جديدة، مما لا شك فيه أنه يساهم في نشر هذه التقنيات على مستوى واسع النطاق. ويتيح الدعم الفعال لدولة الإمارات لهذه المبادرات لعب دور أكبر على الساحة الدولية. وفي الوقت نفسه، يحدوني الأمل في أن الأحداث القادمة كأسبوع أبوظبي لطاقة المستقبل والذي يتضمن انعقاد جلسة اللجنة العمومية للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، والقمة العالمية لطاقة المستقبل، وجائزة زايد لطاقة المستقبل، واجتماع اللجنة الاستشارية للطاقة والتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة ستساهم في دعم الحوار العالمي بشأن الحد من تغير المناخ والتكيف معه. لذا فإن السؤال المطروح بالنسبة إلينا حول مدى نجاح أو فشل مؤتمر كوبنهاجن يعد سؤالاً سيجيب عليه التاريخ. ولكن نحن مدركون بأنه خطوة مهمة للتوصل لاتفاق دولي في المستقبل القريب، ونحن اليوم على يقين بأن قادة العالم يدركون وبوضوح أهمية تنويع مصادر الطاقة للمساهمة في الحد من آثار التغير المناخي. لذا ينبغي على الدول الآن أن تقوم بتعزيز سياساتها الداخلية وتوفير الحوافز للقطاع الخاص لتسريع عجلة التطوير التقني ونشرها حتى يتسنى لنا تحقيق خطوات مهمة عند انعقاد المؤتمر المقبل للأمم المتحدة حول تغير المناخ في العاصمة مكسيكو سيتي في نوفمبر 2010.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©