الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«دراما الشحاذين» تعالج قضية الطغيان بمشهدية جاذبة

«دراما الشحاذين» تعالج قضية الطغيان بمشهدية جاذبة
21 أكتوبر 2013 23:57
تواصلت مساء أمس الأول على خشبة ندوة الثقافة والعلوم بدبي فعاليات الدورة السابعة من مهرجان دبي لمسرح الشباب، بعرض مسرحية “دراما الشحاذين” لفرقة مسرح بني ياس، وتأليف الكاتب الكويتي بدر ناصر محارب، وإخراج الشاب حميد المهري. تتناول المسرحية قضية ثقافية غاية في الأهمية، كونها تلامس البنية الذهنية في النسق الثقافي، الذي يهيمن على طبيعة الشخصية الإنسانية بالمعنى الفطري، أي أن الرغبة بالتسلط أو السيطرة، هي نزعة أصيلة في الذات، ولكن طغيانها يتعاظم كلما جنح المجتمع بسلوكه وعاداته اليومية إلى ما يسمى “البطريركية الأبوية”، بحيث يسعى الفرد بكل طاقاته وجهوده لاستخدام كافة الوسائل الأخلاقية أو غيرها، لفرض نموذجه أو حضوره على كل المستويات، وإلغاء الآخرين من دون تردد، ما إن تتاح له الفرصة بالهيمنة في مختلف المواقع الاجتماعية، حتى ولوكان في عالم المشردين أو المتسولين، كما فعل “جاك”، (يقوم بدوره الممثل حسن بلهون) حينما قتل صديقه “نيل” (يقوم بدوره الممثل عبد الله بن حيدر)، الذي استضافه في الملاذ، وما وطأت قدماه المكان حتى راح يفرض سلطته، التي وصلت إلى حد تقرير مصائر المقيمين قبله، ولما حاول “نيل” الاحتجاج على ظلمه أو جوره لم يتررد “جاك” بقتله، بسطوة شهوة التسلط. وهي السمة الغالبة بشكل عام على طبيعة الشخصية العربية في العصر الراهن. تحكي مسرحية “دراما الشحاذين” قصة المسحوقين، المرميين على هامش المجتمع، المطحونين بعذابات الجوع والتشرد، من خلال مجموعة من المتسولين، ساقتهم الأقدار للتجمع في مبني حكومي مهجور. فيلتف الكاتب بدر ناصر محارب، على تقديم الاحتجاج أو الاعتراض بصورة مباشرة أو فجة، بصياغة درامية تتلفع بالكوميديا، مستعيناً بأسماء أجنبية، أطلقها على شخصيات المسرحية، بغرض التفلت من عيون الرقيب. استجابة مشهدية من جهته استجاب المخرج الشاب حميد المهري، مع فرقة “مسرح بني ياس”، لغاية النص بشكل أقنع الحضور، وربما أرضاهم وأدهش بعضهم إلى حد ما، من خلال التقطيع المشهدي، أو اللوحات البصرية، التي كادت أن تنافس اللوحات التشكيلية بترفها الفني الباذخ، حيث اعتمد المخرج على الغلالات الشفافة من كل الألوان، كأقنعة جللت جميع الشخصيات منذ إطلالتها الأولى على المسرح، حتى نهاية العرض، بالإضافة إلى تزويدهم بفوانيس للمشاركة بلعبة الإضاءة، من تحت الغلالة حيناً، وحيناً آخر تخرج منها لإضاءة الوجوه، وتشكيل بعض الزاوايا في فضاء المسرح، الذي غلبت عليه الظلمة، مازاد من الإبهار في عموم المَشاهد التمثيلية، وهو مع كل ذلك يلجأ لتقسيم الممثلين إلى مجموعات تتقارب وتتباعد بانسجام وتناغم، وتكشف عن وجوهها في لحظات الأداء، بما يكفي لتفاعل الممثل مع الشخصية التي يؤديها، ثم يعود إلى مكانه باللوحة، التي تبدو وكأنها أوابد آثارية مستقرة في لحظة ما، ثم تدب فيها الحياة، وتشارك بحراك يجسد مرارة الواقع بصراعه وعذاباته، وبعضها يتحول إلى مساند أو كراسي أو ما شابه ذلك. وتتوالى اللعبة المشهدية، على شكل لوحات بانورامية متحركة بتنسيق جذاب. تفوق السينوغرافيا بمقابل التقطيع الرشيق والبديع في اللوحات المشهدية، بدى أن الممثلين لم ينالوا حظهم الكافي من عناية المخرج، حيث بدت سيطرة الممثل على الشخصية التي يؤديها غير مقنعة في بعض اللقطات. ويمكن القول: إن السينوغرافيا تفوقت على آداء الممثلين، أي أن المخرج أبدى اهتماماً باللوحات المشهدية، أكبر بكثير من اهتمامه بالممثلين، لجهة أدائهم وتفاعلهم مع الشخصيات التي يتقمصونها. الندوة عقب العرض عقدت ندوة تطبيقية تناولت المسرحية، من جميع جوانبها، بمشاركة كاتب “دراما الشحاذين” بدر ناصر محارب، ومخرج المسرحية حميد المهري وتقديم الفنان عبد الله صالح. وتراوحت مداخلات الحضور بين الاستحسان والتشجيع والإعجاب، باستثناء بعض الأسئلة المستوضحة عن أسباب لجوء الكاتب إلى الأسماء الأجنبية، وتعليق الآخر على الهنات التي رافقت العرض بالعربية الفصحى. في حين أعرب الفنان أحمد الجسمي عن رضاه على المنجزات الشبابية، معتقداً أنها تجاوزت ما كان متوقعاً منهم، لأن مسألة الانتقال بالعروض إلى اللغة العربية الفصحى ليست بالمسألة السهلة، لأنها عملية شاقة في هذا الوقت، نسبة إلى المعطيات التعليمية، وطوفان البث على الفضائيات ووسائط الاتصال الرقمية من دون ضوابط، مؤكداً أن اعتماد العربية يتطلب خبرات وإمكانيات كبيرة وجهوداً مضاعفة من الجميع، إدارة وممثلين ومهتمين من دون استثناء. فخر بالتجربة من جهته قال المخرج حميد المهري في ختام الندوة: إنه سعيد بما سمعه من الأساتذة والنقاد والحضور عموماً، ويستطيع القول: إنه فخور جداً بهذه التجربة، وإنه فخور أكثر بتعاون جميع الممثلين معه، مؤكداً أنه أراد أن يقدم العمل برؤية مختلفة.. وربما تكون خفيفة بعض الشيء، لأنه يعتبر نفسه من الهواة وليس محترفاً بالمعنى الأكاديمي، طالباً المعذرة من الجميع، إذا ما خانه لسانه في التعبير عن أفكاره، خلال الإجابات عن جميع الأسئلة، لأنه يعيش الفعل المسرحي بوجدانه وكيانه، أكثر مما يتعايش معه على مستوى الرؤى والأفكار، حسب تعبيره.
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©