الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس النموذج الاقتصادي الياباني

21 أكتوبر 2013 23:49
بكثير من المقاييس، ارتفعت ثروة اليابان، فقد ارتفعت سوق الأسهم في طوكيو نحو 65 في المئة منذ الخريف الماضي. وفي الربع الثاني، سجل الاقتصاد نمواً بنسبة 3,8 في المئة، في إيقاع أسرع من بقية الاقتصادات المتقدمة. وأخيراً، ارتفعت الأسعار وهو شيء جيد لليابان، ولكن المزاج في طوكيو وسط رجال الأعمال والاقتصاديين مازال متأرجحاً بشكل غريب بين الحماس للحوافز المالية والنقدية التي دشنها رئيس الوزراء شينزو آبي، والقلق من احتمال ألا تطبق الإصلاحات الهيكلية الموعودة. وهذا قلق ستدركه دول أخرى، فما يثير قلق الشركات في اليابان يثير الشركات حول العالم. ففي غمرة الجدل العالمي الذي لا ينتهي عن أهمية ميزانية الاقتصاد الكبير والسياسات النقدية، يتجه قليل من الانتباه في الغالب إلى تحديات السياسة التي يمكن أن تكون حاسمة في إعادة تنشيط اقتصاد متداع. ويحتاج كثير من البلدان إلى الاهتمام بهذه التحديات بما في ذلك دول في أوروبا مثل فرنسا وإيطاليا، والدول الصاعدة مثل الهند، بل والولايات المتحدة ذات التوجه قصير النظر إلى الاستهلاك بدلًا من الادخار والاستثمار. واليابان مقيدة دون شك بتقاليدها الجامدة مثل أي بلد آخر. فعلى رغم أن بعض الصناعات الهادفة لتنشيط التصدير (السيارات تحديداً قبل الإلكترونيات) ما زالت قادرة على المنافسة، فإن الاقتصاد المحلي يجد نفسه مقيداً بسبب البيروقراطية والتقاليد وكثرة اللوائح. وبسبب هذا، وعد «آبي» بأن يطبق حزمة كبيرة من الإصلاحات في الاقتصاد الصغير، من السماح ببيع العقاقير عبر الإنترنت إلى زيادة عدد النساء في قوة العمل، وتوسيع الرعاية للأطفال إلى إضفاء الطابع التجاري على النشاط الزراعي المترنح. ولكن حتى الآن، لم يجر تقديم تفاصيل دقيقة عن أي من مفردات القائمة الطويلة التي وضعها «آبي» لنفسه فيما يتعين عليه القيام به من الإصلاحات الهيكلية، والتي تسمى «السهم الثالث»، ناهيك عن تطبيقها. وحتى خلال زيارة قصيرة لليابان، فمن السهل رؤية إلحاح الحاجة إلى إصلاح في مجال الاقتصاد الصغير. ومع أخذ كل شيء في الاعتبار، فإنتاجية عمال اليابان، تبلغ 71 في المئة من إنتاجية عمال أميركا وهي تتساوى مع إيطاليا، وبينما ما زالت اليابان بلداً ثرياً، فإن العائد على رأس المال ما زال غير مرض. وخذ على سبيل المثال، تأثير مستويات تشغيل عدد كبير من الموظفين بسبب الموقف الراسخ هناك المعارض لثقافة تسريح العمال، وبينما كنا نشرب الأنخاب، تحسر صديقي الأميركي الذي يعمل في بنك ياباني كبير، على افتقار البنك لأنظمة حاسوب متقدمة وهو ما قال إن سببه وجود عدد كبير من الموظفين، ما يجعل أداء العمل يدوياً أقل تكلفة. وبعض الصناعات الأخرى يربكها عدم الكفاية التسييرية الملحوظ ومنها الرعاية الصحية والبيع بالتجزئة والزراعة. فمتوسط عمر المزارع الياباني 66 عاماً ومساحة مزرعته خمسة أفدنة تقريباً، ويحصل على نصيبه من الدعم الحكومي السنوي البالغ نحو 50 مليار دولار. ومعدل الوقت اللازم في اليابان لإنشاء شركات جديدة هو نصف معدل الولايات المتحدة ونتيجة لهذا فإن عدد الشركات ينكمش، وتحل اليابان في المرتبة الأخيرة بين 24 دولة متقدمة في مستوى النشاط الاستثماري، وتحتاج البلاد أيضاً إلى إصلاحات منظمة للشركات، مثل تشكيل مجالس إدارة أقوى لفرض إصلاحات على الشركات الكبيرة المتضخمة. وتشبه اليابان الولايات المتحدة كثيراً في حاجتها إلى اتباع نهج أفضل في مجال الضرائب: تضييق ثغرات التهرب ومعدلات أقل من الضرائب على الدخل وغيرها من الإجراءات، فمع التعافي الاقتصادي للبلاد ينبغي أن يتم الحصول على المزيد من العائدات لجسر الفجوة في عجز الموازنة. وحتى إذا مضى رئيس الوزراء قدماً في تنفيذ أفكاره بحماس، فإن اليابان ستواجه تحديات هيكلية كبيرة. وعلى سبيل المثال، فرغم تراجع عدد السكان، إلا أنه لا أحد في اليابان، وهو مجتمع مغلق في الأساس، يتحدث جدياً عن إصلاح قوانين الهجرة الصارمة بشكل استثنائي، ولا يتوقع كثيرون تعديلات كثيرة في سياسات العمل الجامدة. ومع هذا فبعض عناصر خطة «آبي» ستجدي نفعاً فيما يبدو، فلكي يحفز القدرة على الشراء لدى المستهلك، حث الشركات اليابانية على المساعدة في دعم السيولة ووفرة المال بزيادة الأجور. ونتيجة لهذا بدأ إنفاق المستهلك يرتفع خاصة على سلع الرفاهية. وداخل متجر «دايمارو» بالقرب من محطة قطار طوكيو أقيمت منافذ بيع جديدة لماركات، مثل «برادا» و»بوتيجا فينيتا». وزاد أخيراً الطلب على القروض والاستثمارات الاقتصادية أيضاً. ولكن طوكيو التي تبدو شديدة البريق في حداثتها تشعر كما لو أنها بعيدة عن أن تكون على أحدث طراز مقارنة بمدن مثل شنغهاي. وقد تجلى إحساس بالكآبة هذا الصيف عندما خفتت أضواء المكاتب وارتفعت درجات الحرارة، وتم التخفف من الملابس الرسمية الصارمة مع معاناة البلاد من نقص في الكهرباء بعد حادثة الزلازل الذي نجمت عنه كارثة مفاعل فوكوشيما النووي. ومع الأخذ في الاعتبار بعض إخفاقات اليابان في الماضي، فمن غير المحتمل أن تصنف البلاد مرة أخرى باعتبارها عملاقاً اقتصادياً معجزاً. ولكن «سهماً ثالثاً» قوياً قد يعيدها على الأقل إلى المباراة، ويقدم درساً مهماً لدول متقدمة أخرى. ستيفن راتنر محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©