السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

رئيس مسلم لأميركا.. بعد ألف عام!

15 فبراير 2007 01:53
الاتحاد - خاص: أكثر من 4 آلاف جماعة دينية في الولايات المتحدة، بعضها يقدم القرابين للشيطان، وهناك، بالطبع، مّن يفاخر بوصف الدولة العظمى بالمفاعل الثقافي والبشري، وإن كان ''صامويل هانتنغتون'' يدقّ ناقوس الخطر خوفاً حتى من اللاتينيين·· الآن عضو مسلم في الكونجرس· ''بات روبرتسون''، وصفه بالقنبلة· ولكن هناك ذلك المسلم الآخر ''زلماي خليل زاد'' الذي عُيِّن مندوباً لأميركا في الأمم المتحدة، فهل بدأ المسلمون يشقّون طريقهم إلى المؤسّسات السياسيّة الحسّاسة هناك ؟·· هذا ما يحاول التقرير إلقاء الضوء عليه· أولئك الغامضون ثمّة جوانب ملتبسة في شخصية الرئيس الأميركي الثالث ''توماس جيفرسون'' كتب عنه الكثير، وعلى نحو مثير· رغم أخلاقه العالية، وهو مَنْ ساهم في صنع الدستور وقال: ''لتكن أصابعنا في هذه اللحظة هي أصابع الملائكة''، فقد ظهرت ظلال حول زواج غير شرعي من خادمة أنجبت منه أطفالاً· ربما كانت الخادمة زنجية، لكن الذي لفت الانتباه هو ما ورد في أوراق بسيطة لأحد ضباط البحرية من أن ''جيفرسون'' ربما اعتنق الإسلام·· والواقع أنه حين أعلنت طرابلس الحرب على الولايات المتحدة في 10 يونيو ،1801 كانت تتعدّد لقاءاته مع ضباط البحرية في ما يتعلق بتلك الحرب التي امتدت حتى عقد معاهدة سلام في الرابع من يونيو ،1805 لا بل انه التقى أشخاصاً ''غامضين'' من احدى مناطق شمال افريقيا· وبعد هذه اللقاءات، كان يردّد عبارات لا يردّدها سوى الشرقيين حسبما ذكر الضابط ويدعى ''روبرت رافيتز''· لا أحد آنذاك كان يعرف شيئاً يذكر عن الإسلام، لكن ''رافيتز'' كان تقريباً من يُوصف اليوم بـ''ضابط اتصال''، وأوحى بأن يكون أولئك ''الغامضون'' قد أثروا في ''جيفرسون'' رغم ''نقائه البروتستانتي''، واعتباره أن المسيحية وصلت معها إلى جوهرها الحقيقي البعيد عن الطقوسية الرومانية الحادة· مصحف في مكتبته الرئيس الثالث الذي ألغي في عهده استيراد العبيد، ودون أن يوقف ذلك التجارة اللاشرعية لتلك ''السلع البشرية''، كان مولعاً جداً بالكتب· لم يكن يقتنيها للزينة أو للأبهة، وإنما كان يقرأ بعمق· بالطبع لم يكن يتقن العربية، ولكن يفترض أن يكون هناك مَنْ فسّر له آيات من القرآن، إذ لا يعقل أن يضع مصحفاً في مكتبته لمجرّد أنه كتاب مقدّس لمجموعة من الناس بعيدين في اللغة، كما في الثقافة، كما في الجغرافيا· على هذا المصحف أقسم العضو في الكونجرس ''كيث اليسون''· أنه المسلم الوحيد· مصحف ''جيفرسون'' بدا كما لو أنه ''الحل القومي'' للمشكلة التي أثارها متحفظون متشدّدون، من بينهم الداعية الديني ''بات روبرتسون'' الذي حذر من وجود تلك ''القنبلة'' في تلة الكابيتول، ليضيف، بضيق الأفق إياه، سائلاً ''ما إذا كنا نريد إفساد علاقتنا بالسماء بعدما أفسدنا بالأرض''· ولكن هناك الباحث ''نورمان وايتهيد'' الذي استغرب الحملة، معتبراً أنّ الولايات المتحدة تكتظ بالعقائد المختلفة، وبعضها بعيد جداً ويقول بتقديم القرابين إلى الشيطان ''أين إذاً الغرابة في أن يكون هناك مَنْ ينتمي إلى ديانة تقول بإلهنا نفسه؟''· المسلم الأفغاني اللافت انّ ''حدثاً'' إسلامياً آخر قد ظهر على الشاشة الأميركية· وهو تعيين مسلم، من أصل أفغاني، هو ''زلماي خليل زاد'' مندوباً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة· صحيح انّ ثمّة رجلاً أسود، ومشعاً، هو ''رالف بانش''، شغل المنصب منذ عقود، كما أن الرئيس ''جيمي كارتر'' أوكل المهمّة إلى أسود آخر هو ''اندرو يونغ''، الدمث والمثقف الذي أزيح بفظاظة لمجرّد أن التقى ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في القصر الزجاجي· ولكن غالباً ما كان المنصب قصراً على ذلك النوع الأبيض جداً من الرجال والنساء (''هنري كابوت لودج''، ''جين كيركباتريك''، ''مادلين اولبرايت'' و''جون بولتون'')· من الصعب القول إنّ ''خليل زاد'' ما برح ينتمي إلى الثقافة الأفغانية، مع أن الأراضي الأفغانية كانت موطن السحر للرحالة، حتى أن ''ألفرد أنغلز''، شريك ''كارل ماركس'' في وضع ''رأس المال'' زار كابول عام 1959 وافتتن ببيوتها البيضاء وحدائقها الغنّاء، فيما دخلت شخصية ''روكسان''، الفتاة الافغانية التي أحبها الاسكندر ذو القرنين (وتقول الاسطورة أنها تحوّلت إلى زهرة خشخاش بسبب الأسى الذي أنتجه النسيان) في التراث الأدبي الأوروبي· العولمة ترعرعت هناك يفترض أن يكون قد اغتسل بالثقافة الأميركية· إنه مدافع شرس عنها، وهو القريب جداً من الاستراتيجية الراهنة التي رسمت حدوداً ثقافية وجغرافية جديدة، ومثيرة، للشرق الأوسط· في كل الأحوال لم يتخلّ عن إسلامه· وحين يطرح تعيينه أمام الكونجرس قد يكون هناك مَنْ يثير تلك المسألة الحسّاسة، وإن كان الأميركيون يفاخرون بأنهم نموذج للقرية الكونيّة· العولمة ترعرعت في أميركا، كما يقول ''جورج شولتز''·· إلى أي مدى تغيّرت أميركا لتقبل بمسلم في ذلك المنصب الحسّاس· لا يكفي أن يكون مثقفاً، ومشبّعاً بتقنيات اللغة الانجليزية، كما أن علاقته بالاستراتيجية الأميركية هي علاقة ايديولوجية ؟ الذين كتبوا في الموضوع استذكروا أن الأميركيين انتخبوا، في مطلع الستينات من القرن الفائت، كاثوليكياً هو ''جون كنيدي''· نجوم البروتستانتية كانوا يقولون إنّ السماء انتظرت ظهور ''مارتن لوثر'' و''جان كالفان''، رجلي الإصلاح الديني اللذين أنتجا البروتستانتية، لكي تأمر برحلة ''كريستوف كولومبس'' واكتشاف العالم الجديد· كانوا يصفون الكاثوليكية بأنها مستودع الظلمات، مع أنّ الملكة ''ايزابيلا'' التي غطت الرحلة اسبانيةجدا وكاثوليكية جداً·· اليهود·· اليهود أيضاً اجتاحوا المناصب· صحيح أنّ أياً منهم لم يصل إلى الرئاسة، لكن ''جو ليبرمان'' ترشح نائباً للرئيس مع ''آل غور''، فيما شاهدنا ''وليم كاهين'' في البنتاغون، و''هنري كيسنجر'' و''مادلين اولبرايت'' في وزارة الخارجية· إنهم في كل مكان، لاسيما في الغرف الداخلية جداً· ولم تعرف الإدارات أي شخصية إسلامية رغم أن الجالية الإسلامية تعد بالملايين، وهناك المئات من أساتذة الجامعات اللامعين·· ولكن حين يكون هناك مجال لأن يصبح ''كولن باول'' وزيراً للخارجية، بعدما شغل منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، وكذلك الزنجية الأخرى ''كوندوليزا رايس''، يصبح من الطبيعي التساؤل: ومتى يصبح ''زلمان خليل زاد'' وزيراً للخارجية؟ عادة يقال هناك وزير خارجية في واشنطن وآخر في نيويورك· الانتقال جغرافي فقط، وأميركا تتغير· لا مجال للمبالغة، صحيح أن المسلمين بالملايين، ولكن حتى الآن ليس هناك سوى عضو واحد في الكونجرس، هو زنجي واعتنق الإسلام، أي انه لم يأت من مصر أو باكستان أو لبنان أو ماليزيا· لا وجود لأي حاكم ولاية مسلم أو حتى لأي عمدة مدينة· وعلى هذا الأساس، رأينا، على الشاشات، مَنْ يتوقع، إذا ما استمر التغيّر في إيقاعه الحالي، أن ينتخب الأميركيون رئيساً مسلماً بعد 200 عام وربما بعد ألف عام· ولكن ماذا يكون رأي ''صمويل هانتنغتون''، صاحب نظرية ''صدام الحضارات'' في هذه الحال، وهو الذي دق ناقوس الخطر لأن اللاتينيين (الهيسبانيك) يجتاحون الولايات المتحدة من الداخل· قال إنّ أميركا تتحوّل إلى دولة ملوّنة· عقود قليلة ويتحوّل البيض فيها إلى أقلية، وإن كان الأسقف الكاثوليكي ''هنري ماتيوس'' قد ردّ عليه بغضب، معتبراً انّ ''هانتنغتون'' إنما يحذر من ''الغزو الكاثوليكي''، ولكن بمصطلحات مقنّعة·· ولكن مجرد وجود ''كيث إليسون'' في تلة الكابيتول يعني أن شيئاً ما، وجوهرياً، قد تغيّر· أيضاً ''زلماي خليل زاد'' يتكلم في نيويورك باسم الولايات المتحدة· لا بد أن يكون قد علق شيء ما من تلك الثقافة القديمة في ذاكرته· وجهه لا يزال أفغانياً· مَنْ يستطيع أن يهرب من وجهه؟ الإجابات متعدّدة·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©