الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

فيء الكلام - الحب

15 فبراير 2007 01:35
يقول التاريخ الثقافي للحب إن من الاستثناء أن يكون هناك حالات حب كاملة ·· أي حالات حب ناجحة يستمر فيها الحبيبان في تواصل شعور جميل · دائماً هناك نظرة أولى، حرف أول، كلمة، جملة، لمسة، سلام، حكي وانتشاء·· يمر الزمن ويتمنى الاثنان ألا يسقط ( الزمن) ألا ينهار، ألا يحدق الاثنان بعد وقت طويل أو قصير ويجدان أنهما في صحراء الشعور وكأن كل نبضة كانت كذبة أو كانت وهماً · في تاريخ الحب علاقات يكون فيها زمن السعادة، الانتشاء والسمو والنسيان والتسامح والبهجة والفرح والرغبة في الطيران، نصف مكتملة· وفي تاريخ الحب علاقات غير محققة، فيها ألم وعذاب وتشظٍ وضياع وسقم وشغف ووجد وانتحار· في تاريخ الحب الكثير من الألم والقليل من السعادة· لكن هل هذا هو الحب؟ هل فعلاً المصير دائماً هو الفراق والملل؟ اعتقد ليست هذه حقيقة الحب، فالدروس الكبيرة تقول إن الحب الحقيقي هو الذي يدفع المحب إلى منطقة الجمال و ليس إلى منطقة التقهقر والخذلان والموت والانتحار والرغبة في الاختفاء عن الكون·· الحب يشبه إنساناً نهض تواً في صباح باكر بجسد مليء بالصحو والأمل والتفاؤل، يلتقي أول اليوم بنظرة ناصعة وعين صافية، جسد يضع قدميه على الأرض ويدرك عقله مدى ثقله وخفته في آن ومدى جماله وصدق تماسه مع السماء والأرض والهواء، مع الشمس والليل والقمر والماء· ليس هناك نوع واحد من الحب هناك أنواع عديدة منها الحب الذي يدفعك من دون أن تدري إن من تحبه ليس في منطقة فهمك للحب وتمر في حبك هذا في نفق من العذاب، الألم، الغيرة، السهر، السهاد، الخوف والقلق، ثم تجد نفسك في صحراء من المشاعر، ومن تحبه ينسحب ويدعك وحدك تنظر أمامك وخلفك وتكتشف فجأة، ربما بعد زمن بعيد بأنك قد تهت وانك في قفر و تريد أن تشفى، أن تعود إلى الحياة· هذا هو الحب المريض، حب يموت بل هو ميت سلفاً، حب عاجز ولا أمل منه كي يجدد· وهناك النوع الصحي الجميل الحب الذي يكبر في كل يوم ويتمادى في الاتساع، يحتوي الجسد كله، الروح والعقل والنفس، أن يحرض إلى تسلق أعالي الجبال والطيران، حب مدرك من خلال الوعي· وكيف يكون هذا الحب الذي يمكنه أن يستمر إلى هذا الحد من الاتساع الجميل؟ يقول النفساني والفيلسوف الألماني أرك فروم ( 1900 ـ 1980 ) في كتابه ''فن الحب'' العجز حالة مؤقتة فالقدرة على الوقوف والمشي على القدمين هي الحالة الدائمة والشائعة ·· وهذا يعنى أن الحب هو الصحو الذي يمكنه أن يكون الحالة الدائمة حالة القدرة على الوقوف والمشي على القدمين·· فإذا لم يحقق الحب هذه القدرة على المشي، فإنه حب مريض والمرض دائماً حالة مؤقتة بالنسبة للجسد· ومن كلام فروم هذا علينا أن ندرك الوقت الذي يكون فيه حبنا مريضاً ومتى علينا مغادرته إلى حب صحي· في كتابه ''فن الحب'' يريد اريك فروم أن يدفعنا إلى المنطقة الأعظم للحب وهي الحب الذي يمكنه أن ينتشر وأن يوجه ليس لمحبوب( حبيب حبيبة وبالعكس) بل للحياة كلها ولكل البشر· وهنا لا يمكن أن تكون محباً إلا إذا تمكنت من حب أكبر من الحب الموجه لذات واحدة، حيث الحب النقي يأتي بعد القدرة على حب الحياة والجمال أينما وجد، حب يذهب كما يقول فروم إلى المركز وليس إلى الأطراف· بالريح التي تأتي من كل الأمكنة بالنار التي تشتعل في صدري منذ تفتح الوعي بروح البلاد التي تسكن نور العين ببحرها والغيوم التي تشاكس الشمس لن يزّلَ الوقت من أصابعي وسأكتب الحب حتى تطير الأشجار سعد جمعة saadjumah@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©