الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيمان الجابري.. رحلة كفاح من التعليم المسائي وصولاً إلى الدكتوراه

إيمان الجابري.. رحلة كفاح من التعليم المسائي وصولاً إلى الدكتوراه
21 أكتوبر 2013 20:40
بعد توقف 12 سنة عن الدراسة، تابعت تعليمها في الفترة المسائية لتحصل على الدكتوراه في القانون الجنائي، وتطمح حالياً لأن تصبح وزيرة لتسهم بشكل أكثر فاعلية في خدمة وطنها ومساعدة أفراده، تلك هي صورة التحدي في أعظم معانيه، التي تجسدها مسيرة الإماراتية، المقدم الدكتورة إيمان الجابري، التي استطاعت من خلالها إبراز قدرة المرأة الإماراتية على تخطي الصعاب، والوصول إلى الأهداف التي وضعتها نصب عينيها، لتصبح في النهاية شريكاً فعالاً مع غيرها من أبناء الوطن في منظومة الرقي والتطور التي تشهدها الدولة في المجالات جميعها. تؤمن المقدم الدكتورة إيمان الجابري المرأة الوحيدة في هيئة التدريس بكلية الشرطة في أبوظبي للشباب، بقاعدة «سهل الأمور ولا تعسرها»، وتعتبرها من أهم الأساليب التي تستند إليها في حياتها العملية، حيث تهوى خوض المجالات الصعبة، وبمجرد أن تلين أمامها تتطلع لأمر أكثر صعوبة، وليس هناك سقف لطموحاتها، فبعد أن توقفت 12 سنة عن الدراسة بسبب صفعة قوية تلقتها على وجهها من معلمتها، تابعت تعليمها في الفترة المسائية لتحصل على الدكتوراه في القانون الجنائي، وتتطلع لتصبح وزيرة لتساعد الناس من بني وطنها بما اكتسبته من خبرات متنوعة عبر مسيرة حياتها. هكذا اختزلت المحامية الجابري، تجربتها وسردتها أمام جموع منتدى مبادلة للشباب 2013، الذي شكل منصة كبيرة لتلاقي رواد في مجالات مختلفة لتقديمها أمام ما يزيد على 600 شاب وشابة من مختلف الجامعات. صفعة القوة «الاتحاد» التقت الجابري، على هامش المنتدى لمعرفة المزيد عن تجربتها. تقول الجابري «كنت في الصف الأول إعدادي وعمري 13 سنة حين تلقيت صفعة قوية على وجهي من طرف معلمتي التي كانت تعتمد سياسة الضرب أسلوباً، على إثر ارتكابي خطأ في الرياضيات، ولم تكتف بالضرب، بل أهانتني أمام البنات وجرحتني وهددتني بتنزيلي للصف السابق في حال أخبرت الإدارة، ومن ساعتها قررت ترك الدراسة والجلوس في البيت». وبعدما تلقت الجابري الصفعة على وجهها قررت العمل وانقطعت عن الدراسة، لكنها وجدت صعوبة في الحصول على وظيفة من دون شهادات تعليمية عالية، واستمرت على هذا الحال 12 سنة، إلى يوم أنير دربها وعزمت على استكمال دراستها، وعملت في الصباح موظفة وفي المساء طالبة، إلى أن امتحنت في الثانوية العامة ودخلت كلية القانون وقررت الحصول على أعلى المراتب، وكلما حصلت على شهادة سعت للأعلى منها، ووفق قولها، كانت تواصل الليل بالنهار من أجل التحصيل، وتواصل اليوم سعيها للحصول على شهادة التأهيل لدرجة الأستاذية (البروفيسور)، بحيث استكملت كل شروطها منذ بدأتها قبل 10 سنوات من الآن، كما استطاعت الجابري خوض مجال التدريس في كلية الشرطة في أبوظبي بعد أن كان هذا العمل حكرا على الرجال. المحاضرة الأولى تقول الجابري، التي بدأت رحلتها مع العمل الشرطي في عام 1992 في شرطة دبي، وواصلت مشوارها الدراسي أثناء العمل، وحصلت على الدرجة الجامعية الأولى في الحقوق عام 1996 وطلبت نقلها للعمل محققة في مراكز الشرطة، لتكون أول إماراتية تعمل في هذا المجال، وبعدها حصلت على درجة الماجستير، ثم درجة الدكتوراه في القانون الجنائي: «حين تقدمت بطلب الالتحاق بهيئة التدريس وقبول طلبي والسماح لي بالتدريس في الكلية، قررت التراجع عن هذا الموضوع خاصة أن أول محاضرة أقدمها تعلقت بـ «الاغتصاب»، وكانت من المواد المقررة في رمضان، فاجتمعت عوامل الصعوبة في أول يوم من دخولي للكلية، عندما سمعت الخبر قررت الانسحاب والعدول عن فكرة التدريس وقدمت طلبا بذلك، لكن العميد مصطفى شهاب رفض الموضوع، وأذكر أنه كتب في أسفل الورقة ممنوع بشكل كبير، واستدعاني وقال: أنت اسمك إيمان، فعليك أن تؤمني بعملك، وشجعني، وحثني على ضرورة تحدي الموقف وإثبات ذاتي من الخطوة الأولى، وكان شديد اللهجة وغير متساهل، ما جعلني أتراجع عن قراري، رغم استيائي وما أحمله من خوف، وأدركت فيما بعد أن مراده دعمي وتقويتي». شدة ورحمة في ظل تشجيع رئيسها قررت الجابري، مواجهة الموقف، تقول «في المحاضرة هناك من أراد الانسحاب من القاعة، ومنهم من تلفظ ببعض الكلام، فكان علي أن أحسم الموضوع، وتعاملت بشدة لأرجع الهدوء للصف ونجحت في تقديم المحاضرة، وخرجت من الموقف بنجاح وقوة، ومن خلاله اكتشفت نفسي، وقلت الصعوبات من شهر إلى آخر، لكن بات الموقف يتكرر منذ ذلك اليوم إلى اليوم منذ 10 سنوات، حيث كلما دخلت على مجموعة شباب حديثي العهد بالكلية أتعرض لنظراتهم، وصمتهم، ولكن بمرور الوقت استطعت التعامل مع الموقف، بعدما كان في البداية يشكل لي حرجا، ومع توالي الأيام أصبحت مستمتعة أكثر بعملي لما فيه من فوائد للطلاب والمجتمع، وإسهام في إنجاح المنظومة التعليمية بالكلية، بوصفي أحد أفرادها، وأصبحت أقابل ردة فعلهم بابتسامة وأنهج أسلوب الشدة والرحمة في آن خلال تعاملي مع الطلاب». تبسيط الدروس إلى ذلك، تورد الجابري أنها تؤمن بقاعدة تبسيط الأمور وعدم تعقيدها، وكونها مرت بتجربة جعلتها تتوقف عن الدراسة طويلاً، فإنها أسست لنفسها أسلوبا متفردا في التدريس أساسه التبسيط وبناء المعلومة على القصة. وتوضح «من المتعارف عليه أن مادة قانون العقوبات من المواد الصعبة وأغلب الطلاب لا يحبونها، ما جعلني أتبع طريقة بسيطة في تعليمها، حيث أعتمد في شرح المحاضرة قصصا من الخيال وقصصا من الواقع وفي هذا الإطار فإن مهنتي في المحاماة وكوني أترافع أمام المحكمة، جعلتني أستقي قصصا واقعية من الحياة، كما أنني أعتمد على الرحلات الخارجية للمحكمة للتعرف على بيئتها وطريقة الحكم، وتشمل الدروس جانبا نظريا وآخر عمليا، وبعد أسبوع من كل محاضرة نناقش ما تم تدريسه، ما يجعل الطلبة يشاركون بآرائهم وأفكارهم، فتتبين لي نقاط الضعف والقوة، وهذا يساعدني على الزيادة في الشرح أو الاكتفاء بما قدمت». تقدير الرجال وتشير الجابري إلى أن الترهيب والشتم، الذي تلقته من طرف معلمتها، جعلها تؤسس لمفهوم جديد في التدريس يعتمد على إنشاء بيئة صحية في الصف مبنية على الاحترام وتقبل الآخر واحترام مشاعره وعدم إيذائها، موضحة أنها لا ترغب في تكرار الموقف الذي عاشته فيما قبل، وأصبحت تعمل على تبسيط المعلومة ومناقشتها لتثبيتها في الذاكرة، رغم أنها لا تتسامح أبدا أمام استهتار البعض». تؤكد الجابري أنها رسمت لنفسها خريطة طريق في مجال عملها ما جعلها تظفر بتقدير الجميع، مؤكدة أنها تفضل العمل مع الرجال أكثر من النساء، وتلفت إلى أنها تعودت على ذلك في حياتها. وتضيف «عندما أتعامل مع النساء أتعب أكثر من تعاملي مع الرجال الذين أجدهم عمليين أكثر، يحترمون ويقدرون المرأة، لهذا كل طلابي رجال، وانعكس ذلك على حياتي الخاصة، وتركت طبيعة عملي أثرها القوي على حياتي الشخصية، خاصة أنني ألاقى احتراما كبيرا من طرف الرجال الذين أعمل إلى جانبهم، وهم تعودوا على العمل معي، ومن المواقف التي أذكرها في هذا الصدد أنه كان هناك احتفال كبير يحضره أكثر من 200 رجل، يجلسون على الأرض لتناول الغذاء، وحين هممت بالدخول ترددت ووقفت على الباب، وكنت بين نارين: فإذا خرجت أحرجهم وأحرج نفسي وإذا دخلت قد يفهمها البعض خطأ، انتبه أحد الضباط لموقفي وناداني بقوله: تفضلي ابنتي» فكسر القواعد وجعل وجودي بينهم عادياً، وكنت مصدر ترحيب واحترام». إغماء وخوف من المواقف الصعبة التي تعرضت لها الدكتورة إيمان الجابري، التي تعد أول امرأة تعمل محققا في الإمارات، أثناء عملها، أنها ذهبت لمعاينة جثة مع طالبين متدربين، وكانت المرة الأولى في حياتها التي تمسك فيها جثة، فانسحب الطالبان من المكان بعدما أصابتهما حالة من الإغماء، أما الجابري فظلت صامدة وأكملت عملها لنهايته، لكن ظلت الكوابيس ومشاعر الخوف تلازمها فترة من الزمن. مسيرة نجاح تعودت إيمان الجابري على اختراق الصعوبات ومواجهتها، بل كلما طوعت إحداها تطلعت تبحث عن مجال آخر أكثر صعوبة، ما دفعها لاستكمال دراستها للحصول على شهادة الأستاذية . وتقول إنها أنجزت 6 بحوث لتوفي بمعايير هذه الشهادة منها نشر ثلاثة بحوث في مجلات محكمة في الدولة، وعضوية في هيئة تدريس». مؤكدة أنها استوفت كل الشروط منذ بدايتها قبل 10 سنوات إلى الآن.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©