الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التدخين سلوك مرضي يخل بتوازن النظم البيئية

التدخين سلوك مرضي يخل بتوازن النظم البيئية
22 أكتوبر 2011 23:28
البيئة لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين مستخدمها، ويتفق العلماء في الوقت الحاضر على أن مفهوم البيئة يشمل جميع الظروف والعوامل الخارجية، التي تعيش فيها الكائنات الحية وتؤثر في العمليات التي تقوم بها، فالبيئة بالنسبة للإنسان الإطار تمثل الذي يعيش فيه والذي يحتوي على التربة والماء والهواء، وما يتضمنه كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة من مكونات جمادية، وكائنات تنبض بالحياة. هناك مظاهر شتى من طقس ومناخ ورياح وأمطار وجاذبية ومغناطيسية، ترتبط بعلاقات مع عناصر البيئة، فالحديث عن مفهوم البيئة إذن هو الحديث عن مكوناتها الطبيعية وعن الظروف والعوامل التي تعيش فيها الكائنات الحية، وإن كانت البيئة هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر. عامل حيوي إن أول ما يجب على الإنسان تحقيقه حفاظا على هذه الحياة، أن يفهم البيئة فهما صحيحا بكل عناصرها ومقوماتها وتفاعلاتها المتبادلة، ثم أن يقوم بعمل جماعي جاد لحمايتها وتحسينها، وأن يمارس علاقاته دون إتلاف أو إفساد، هكذا تؤكد الدكتورة سهام عبدالواحد قورة أستاذ مادة العلم والحياة بجامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، قائلة: إن للإنسان دورا في المحيط البيئي وفي صحة البيئة على كوكب الأرض، حيث يعتبر أهم عامل حيوي في إحداث التغيير البيئي والإخلال الطبيعي البيولوجي، فمنذ وجوده وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وكلما توالت الأعوام ازداد تحكماً وسلطاناً في البيئة، وخاصة بعد أن يسر له التقدم العلمي والتكنولوجي مزيداً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لازدياد حاجته إلى الغذاء والكساء. وتوضح الدكتورة سهام أن الإنسان وراء قطع أشجار الغابات، وتحويل أرضها إلى مزارع ومصانع ومساكن، كما أفرط في استهلاك المراعي بالرعي المكثف، ولجأ إلى استخدام الأسمدة الكيمائية والمبيدات بمختلف أنواعها، ومن أبشع ما يمكن أن يعتاد على فعله الإنسان التدخين، الذي تصل أضراره إلى الآخرين، ويعتبر سبباً من أسباب التلوث الهوائي، وتساهم مخلفاته من علب السجائر الفارغة وأعقاب السجائر والكبريت في إفساد البيئة التي يعيش فيها الإنسان، كذلك يزيد التدخين من القاذورات وهذه كلها عوامل فعالة في الإخلال بتوازن النظم البيئية، ينعكس أثرها في نهاية المطاف على حياة الإنسان. التدخين السلبي وتضيف د. سهام، أن للتدخين أضرار على البيئة حيث يعد الدخان من أكثر عوامل تلوث البيئة، لاحتوائه على ذرات وغازات، وتحتوي الذرات على أكثر من أربعة آلاف مادة معظمها سام أو مؤذ، بينما تحتوي الغازات على 500 مادة ضارة، ويستنشق غير المدخنين الذين يتعرضون لدخان التبغ من البيئة، كمية لا بأس بها من هذه المواد الضارة، ولو كان من حق المدخن أن ينتحر ببطء من باب الحرية الشخصية، فإنه ليس من حقه أن يقتل الآخرين بالسموم التي ينفثها في كل مكان. فالدخان المنبعث من أفواه المدخنين يلوث الهواء الذي يستنشقه غير المدخنين، ويعرضهم لنفس المخاطر التي تهدد حياة المدخن بل ربما لخطر أشد، وتعرف هذه الظاهرة بالتدخين السلبي، وهو يمثل اعتداء صارخا على حق غير المدخنين في استنشاق هواء نظيف خال من التلوث، ويجعلهم مدخنين رغم أنوفهم ولذلك تهتم الحكومات بحصر المدخن في أماكن مخصصة له، بعيداً عن الآخرين حفاظا على صحتهم. وتؤكد الدكتورة سهام، أن المدخنين يعتقدون أن التدخين يساعدهم على الاسترخاء في مواقف الشدة والقلق والكرب، لكن الأدلة العلمية تؤكد عكس ذلك، فالقلق والعصبية والتململ مظاهر رئيسية للكرب والضغوط النفسية، وهي في الوقت ذاته سمات بارزة في المدخنين كجزء من شخصية المدخن أو من حلقة القلق المفرغة التي يدور فيها، وارتباط التدخين بتلك المواقف أصبح عادة سيئة نمارسها كل يوم في الأفراح والمآتم ومختلف المناسبات الاجتماعية، وتدعمها وتحث عليها وترسخها في أذهاننا بعض المسلسلات التلفزيونية السطحية، والأفلام الهابطة التي يحلو لمؤلفيها ومخرجيها أن يصوروا أبطالها المدللين وهم يشعلون السيجارة، إزاء التعرض لموقف عصيب أو لضغط نفسي من أي نوع. وتوضح د. سهام: في الوقت الذي يتناقص فيه عدد الأشخاص المدخنين في الدول المتقدمة، يحدث العكس تماما في بلدان العالم الثالث الفقيرة، حيث إن عدد المدخنين في البلاد النامية في تزايد مطرد، وحرص المدخن على السيجارة يفوق كثيرا حرصه على رغيف الخبز، وينفق الكثيرون حوالي نصف دخلهم على التدخين، وتؤكد البحوث أن ثلث المدخنين على الأقل يلقون حتفهم بسبب التدخين، ما أثار اهتمام كافة الهيئات الصحية العالمية، فتبنت تلك الهيئات والحكومات التي تتبعها إعداد وتمويل برامج مدروسة لمقاومة التدخين. حق غير المدخنين وتضيف د. سهام: على النقيض من ذلك فإن المدخنين في بلادنا لا يعبؤون بأي تعليمات، وتراهم ممسكين بسجائرهم في أكثر الأماكن ازدحاما مطلقين سحب الدخان الكثيفة في وجوه الحضور، وذلك يعد اعتداء على حق غير المدخنين في أن يستنشقوا هواء نقيا. موضحة أن الغرض من مكافحة التدخين هو درء الويلات الناجمة عن الأمراض والوفيات المبكرة. وما تجره من آلام بشرية بسبب التدخين أو الحد منها على الأقل، وتهدف التشريعات المناهضة للتدخين إلى تقليص التدخين خاصة عند اليافعين من الوقوع في براثن هذه العادة السيئة، وحماية حق غير المدخنين في استنشاق هواء نظيف، وتوفير الحافز لشن حملة عامة ضد التدخين. وحري بالإنسان العاقل بعد اتضاح الأضرار البالغة للتدخين ألا يقع أسيرا لهذه العادة، التي تذهب المال وتجلب الكثير من الشرور ليس على المدخن وإنما على البيئة المحيطة به. واجبات نحو البيئة تقول الدكتورة سهام عبدالواحد قورة: البشرية تحتاج إلى أخلاق اجتماعية عصرية ترتبط باحترام البيئة، ولا يمكن أن نصل إلى هذه الأخلاق إلا بعد توعية حيوية توضح للإنسان مدى ارتباطه بالبيئة، وأن يحصل على جرعات توعوية تثقيفية حول حقوقه وحقوق البيئة عليه، وأن يعرف واجباته نحو البيئة، فليست هناك حقوق دون واجبات، وأن يعلم أن هناك علاقة اعتمادية داخلية بينه وبين بيئته، فهو يتأثر ويؤثر عليها، وأن مصلحة الإنسان الفرد أو المجموعة تكمن في تواجده ضمن بيئة سليمة، لكي يستمر في حياة صحية سليمة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©