الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوباما... خطة دفاعية سيئة ضد رومني

10 أكتوبر 2012
تخيلوا أن فريقاً من فرق رابطة كرة القدم الوطنية الأميركية(الرجبي) كان متقدماً على خصمه بعشر نقاط كاملة- أي أنه متفوق عليه تفوقاً تاماً ولم يعد متبقياً على نهاية المباراة سوى أربع دقائق- مما يعني استحالة أن يلحق به الفريق المهزوم، وبدلاً من أن يسعى لزيادة غلته علها تفيده في الأوقات الحاسمة من المسابقة إذا به يقرر أن يلعب مدافعاً، ويكون حائط صد لمنع المنافس من التقدم. هذا هو ما فعله باراك أوباما تماماً في الثالث من أكتوبر الحالي، وما مثل في نظر الكثير من المراقبين خياراً سيئاً حقاً له ولحملته وذلك لسببين: أنه ليس متقدماً بنفس العدد من النقاط كالفريق المشار إليه أعلاه آنفاً، أي بعشر نقاط كاملة، وإنما متقدم فقط بنقطة أو نقطتين. الثاني: أنه مثلما يحدث عندما يتبنى فريق طريقة دفاعية في مباريات رابطة كرة القدم الأميركية فإنه يسمح لخصمه بتحقيق تقدم تدريجي بطيء سعياً لتقليص فارق النقاط، وهذا بالضبط ما حدث مع رومني. قال الرئيس في نهاية المناظرة: "إنها لمناظرة فظيعة"، ولكنه ربما يكون الشخص الوحيد في القاعة الذي ظن أنها كذلك- على الأقل بالنسبة له. والحقيقة أن إيقاع أدائه المرهق خلال الليلة بكاملها، كان يمثل نقيضاً يدعو للحزن مع إيقاع "رومني"، وحيويته المتفائلة، وبلاغته الخطابية، وسلاسته المتدفقة، في ذكر الأرقام والحقائق حتى وإنْ كانت بعض تلك الحقائق موضع تساؤل. الواقع أن أوباما لم يتقاسم خشبة المسرح مع "رومني" على النحو الذي يجب أن يكون. فموهبته في الأساس تتمثل في خطابيته الملهمة. وفي رأيي أنه لا يوجد من هو أفضل منه في ذلك في جيله بأكمله. ومن المؤكد أن "رومني" ليس أفضل منه في هذا الجانب، غير أن المناظرات تتطلب طائفة من المهارات الأخرى المختلفة تماماً. ومن سوء حظ أوباما في هذا السياق أن الأمة الأميركية قد استمعت مؤخراً لبيل كلينتون وهو يلقي خطاباً في المؤتمر العام للحزب "الديمقراطي"، ذلك لأن أوباما عندما يلقي خطاباً عاماً فإنه عادة ما يبدو متحذلقاً أو متفلسفاً في أنظار المستمعين، في حين يبدو كلينتون وهو يلقي خطاباً، وكأنه يستمتع بأحلى هواية له في حياته. لم يحاول أوباما أبداً أن يتبنى خطة هجومية تجاه رومني. فهو لم ينتقد رومني مثلاً على وصفه لما يقرب من 47 في المئة من الأميركيين بأنهم قوم كسالى عديمي الحيلة، استمرأوا الاعتماد على الحكومة في كل شيء. كما لم يثر موضوع المرأة، ورأي رومني فيه. ولم ينتقد ما اشتهر عن رومني من تقلب سياسي. فرومني عندما خسر مناظراته من قبل أمام مرشحين مثل "تيد كنيدي" وغيرهم فإن تلك الخسارة حدثت تحديداً عندما كشف عن تقلبه البهلواني في المواقف، وعجز عن أن يدافع عنه. لماذا لم يستعد أوباما مثلاً عبارة تيد كنيدي اللاذعة عندما قال إن رومني " متعدد الخيارات بشأن قضية الإجهاض؟". الطريقة التي يمكن بها مهاجمة "رومني"، هي أن تشير إلى المواقف المختلفة التي يتخذها في الحياة العامة والآراء المتناقضة مع هذه المواقف التي يعبر عنها في حملته، ثم القيام بانتقاده من خلال القول إنه رجل على استعداد لعمل أي شيء من أجل الفوز بالانتخابات، وأنه رجل من دون مبادئ أوعقيدة .مثل هذه الانتقادات تنال من رومني، وتجعله يخرج عن طوره، وتجعل المستمعين لخطبه وأحاديثه يقللون من أهمية أي شيء يقوله. وقد دافع كبير مستشاري البيت الأبيض" ديفيد بلوف" على الطريقة"الوقورة والهادئة" التي استجاب بها الرئيس للمداخلات التي قام بها بعض المستمعين في برامج التلفزة والتي علقوا فيها على أدائه في المناظرة. ولكن ما قاله "بلوف" لم يكن هو ما رآه الناخبون المترددون، ولا هو ما رآه أنصار أوباما أنفسهم. فعندما تتجه حملة أوباما نحو التحفظ، والوقار، والهدوء، فإن ذلك يعد علامة على أنها باتت ضعيفة ومرهقة في نظر هؤلاء. فاستراتيجيات الحملة الأساسية تقول إن المرشح الذي يتمتع بميزة حب الجمهور وإعجابه هو المرشح الذي يتمتع بقدرة أكبر على تبني أسلوب هجومي في التعامل مع خصمه. وإذا ما كان السيد"بلوف" قد قال لأوباما إنه يجب أن يكون وقوراً وهادئاً، ويتجنب الهجوم على رومني ويتجنب وصفه بأنه متقلب، فيجب إعفاءه من وظيفته فوراً. قبل المناظرة قيل لنا أن رومني يعد مجموعة من الملاحظات والتعليقات اللاذعة على أداء الرئيس سوف تستقطب اهتمام الإعلام، ولكنه لم يفعل ذلك في الحقيقة، وإنما قام بشن مجموعة من الهجمات الموجزة البليغة وطرح سلسلة من النقاط الواضحة والمقنعة المتعلقة بصميم القضايا المطروحة. ووعد رومني"جيم ليهرر" منسق المناظرة أنه يحب الإذاعة الأميركية الوطنية، وأنه يحب مشاهدة برنامج بيج بيرد الكرتوني ولكنه سيعمل مع ذلك على قطع التمويل الممنوح للإذاعات العمومية. ووعد رومني أنه سيستخدم اختباراً بسيطاً لتحديد ما إذا ما كان يجب تقليص برنامج معين أم لا وهو: هل يستحق ذلك البرنامج اقتراض الأموال من الصين؟ بالنسبة للناخبين المترددين الذين يقفون في منطقة الوسط- فلا هم مع اليمين ولا هم مع اليسار- تعتبر مثل تلك الاستقطاعات الرمزية مهما كانت بسيطة في مقدارها نوعاً من الشجاعة التي قد تدعوهم لتفضيل مرشح على آخر. أما أوباما فلم يقل شيئاً ذا بال في المحاضرة يمكن أن يجتذب ناخباً لم يكن معه منذ البداية. أما رومني، على النقيض من ذلك، فقال العديد من العبارات الجيدة التي راقت للناخبين الذين لم يحزموا أمرهم بعد، أو استجابت للانطباعات العامة التي قد تكون لدى الناخبين المتذبذبين عنه. يصف المستشار السياسي الديمقراطي جيمس كارفيل ما تم في تلك المحاضرة بعبارة موجزة هي: أن رومني أراد أن يكون هناك في حين أن الرئيس لم يرد ذلك. بشكل عام يمكن القول إن الليلة كانت ليلة رومني وأن المتوقع هو أن يحصل على زخم كبير من ورائها. أما أوباما فإذا لم يحسن أداءه خلال المناظرتين القادمتين وظل أداؤه خلالهما مماثلاً لأدائه في المناظرة الأخيرة، فإن أوباما سوف يتعلم مجدداً كيف تبدو شيكاغو قارصة البرودة في فبراير. جيرمي دي ماير ارلينجتون - فرجينيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©