إعداد- هديه سالم:
إن تقدم النساء في مختلف مجالات الحياة بات أمراً جلياً وإن كان ذلك في مجتمع يحكمه الذكور حيث لم تعد المراكز الوظيفية المتقدمة حكراً على الرجال من دون غيرهم· هذا ما خلص إليه تقرير نشرته صحيفة ''الفاينانشال تايمز'' والذي يشير إلى أن الكفاءة العالية والاجتهاد المتواصل مهارات فريدة تتحلى بها النساء العاملات في تايلاند مما قادهن إلى تبوؤ مراكز عليا في مختلف مجالات العمل·
وعندما أرادت الآنسة ''نيما تشاندلر'' المدير الإداري لـ ''مؤسسة نانسي تشاندلر لأعمال الجرافيكس'' في أن تضم أحد الرجال إلى طاقم عملها أبدت النساء امتعاضاً شديداً تجاه هذه الفكرة، موضحة الموقف في قولها: ''لقد كان هناك استياء أو بمعنى أصح رعب بين صفوف النساء العاملات في المؤسسة، خاصة وأن النساء ومن واقع رؤية أكثر كفاءة وحرصاً على العمل·''
وتشير الصحيفة إلى أنه وفي بلد مثل '' تايلاند '' حيث تعتبر النساء من ضمن مواطني الدرجة الثانية لم يعد أمراً مستغرباً في أن يحققن إنجازات عظيمة ويتبوأن مراكز عالية بين أصحاب الياقة البيضاء· حيث تبين الحكايات تفضيل عدد من المديرين تعيين النساء في المراكز القيادية فضلاً على زيادة أعدادهن بالمقارنة مع العقود الماضية، وإن كانت هناك وجهة نظر تتلخص في أن النساء لا يعتبرن أكثر كفاءة من الرجال إلا أنهن في الحقيقة الأفضل· وذلك يبرز مدى الجهد الكبير الذي بذلته النساء في اختراق السقف الزجاجي في عالم الأعمال· وحول هذا الأمر يقول نائب رئيس إحدى المؤسسات المالية في تايلاند: '' إننا لا نتبع سياسة معينة في التوظيف، إلا أن الواقع يثبت لنا مراراً وتكراراً في أن أكثر المتقدمين نشاطاً وحماسةً هم من النساء، وهذا ما يفسر وجود خمس عشرة سيدة ورجلين في مكتبي والأمر ذاته في الأقسام الأخرى حيث الأعداد الكبيرة من النساء مقابل الأعداد الضئيلة من الرجال·'' مشيراً إلى الطلاقة اللغوية والقدرات الاجتماعية التي تتمتع بها النساء مما يعينهن على التعامل الأمثل مع العملاء بالمقارنة مع الرجال·
و يقول أحد المهندسين الذين يعملون في إحدى أبرز شركات الهندسة في تايلاند: '' يطغى على النساء المديرات الصرامة والقسوة حيث نراهن في بادئ الأمر على درجة عالية من اللطافة والاستعداد التام لتقبل الإرشادات، ولكن ما أن يتعلق الأمر بالمفاوضات حتى يصبحن أشبه بصخور الجرانيت في صلابة الرأي، إلا أن الحقيقة تقال في أنهن أكثر تركيزاً ونشاطاً واجتهاداً من الرجال·''
وقال أحد المسؤولين في إحدى الشركات التي لا تضم رجالاً سواه: '' إن الرجال في تايلاند باختصار يخططون ويصارعون ويحققون المراد ثم يقضون بقية الوقت في الراحة، وهذا عكس ما تقوم به النساء اللواتي لا يكلن من العمل المتواصل ليل ـ نهار·'' موضحاً أن المفهوم السائد حول المجتمع التايلاندي في أن الغلبة فيه للذكور لا يعني إطلاقاً أنه كثيراً ما يحدث في أن النساء يسحبن البساط من تحت أقدام الرجال·
ومن جهة أخرى توضح ''ثيتيبورن أونسوارانج'' رئيس قسم الموارد البشرية في إحدى الشركات إلى أن للنساء قدرة كبيرة في العمل ضمن روح الفريق الواحد على النقيض من الرجال الذين يجدون صعوبة في بناء علاقات جيدة مع نظرائهم المتفوقين إلا أن السيطرة لا تزال تحت قبضتهم في المجالات المرتبطة بالهندسة والتخطيط الاستراتيجي· ولاحظت ''أونسوارانج'' تبوؤ النساء للعديد من المراكز القيادة في عدد من المواقع المهمة بعد الطمع والجشع الذي أحدث الأزمة الآسيوية عام ،1997 قائلة: ''لقد أثبتت النساء بطموحهن الرائع تفوقاً ملموساً في كافة مجالات العمل، مما مكنهن من تولي زمام القيادة في عدد من البنوك التجارية المنتشرة في البلاد حيث لم يعد أمراً مستغرباً في الإعلان عن أن مدير البنك امرأة·''
وتشير الإحصائيات إلى أن النساء يشغلن ربع المراكز القيادية العليا و 40 % من المراكز القيادية المتوسطة، إلى جانب سيطرتهن على معظم الوظائف في الشركات الصغيرة المملوكة للأجانب وذلك لما تبين من خلال التجارب العملية قدرتهن على العمل ضمن الفريق·
وقال أحد خبراء التدريب السابقين في أحد البنوك: ''لقد حققت النساء التايلانديات إنجازات رائعة خاصة وأن من بينهن عدد كبير من العازبات حيث تزيد فرصتهن في الحصول على تعليم عالٍ ومن ثم الحصول على فرص عمل جيدة· ولقد عمدت البنوك في الماضي على اتباع سياسة غير رسمية في تعيين الرجال فقط بسبب ما يفترضونه في أن مصير النساء للزواج وهو الأمر الذي يفقدهن الرغبة في مواصلة سير العمل، إلا أن الوضع الآن مختلف تماماً حيث الحرص الشديد والحماس المتقد للحياة العملية بين جميع النساء ·''
عدد اليوم
