الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تبحث زيادة مواردها وخفض النفقات 20 مليار جنيه

الحكومة المصرية تبحث زيادة مواردها وخفض النفقات 20 مليار جنيه
10 أكتوبر 2012
محمود عبدالعظيم (القاهرة) - بدأت الحكومة المصرية خلال الأيام القليلة الماضية، اتخاذ سلسلة من الإجراءات المالية في إطار خطة اعتمدها مجلس الوزراء لتصحيح منظومـة الدعم لمواجهة العجز المتزايد في الموازنة العامة للبلاد. وتمثل هذه الإجراءات الجزء الأول من الخطة الرامية لزيادة الموارد السيادية للبلاد، بينما يستهدف الجزء الثاني من الخطة خفض النفقات الحكومية بنحو 20 مليار جنيه خلال العام المالي الجاري، ترتفع إلى 35 ملياراً في العام التالي، تمثل نحو 7% من إجمالي الموازنة العامة، البالغة 535 مليار جنيه. وتهدف الإجراءات الحكومية إلى تحصيل موارد مالية توازي القيمة الحقيقية للسلع والخدمات التي تقدمها لبعض القطاعات، إلى جانب تحقيق مبدأ وحدة الموازنة عبر إعادة تبويب الإنفاق العام والموارد، لتمثل الموارد باباً واحداً لمنع تسرب جانب من الموارد السيادية إلى جهات حكومية غير خاضعة للرقابة المالية، ودمج احتياطات وأرصدة الصناديق الخاصة في الموازنة العامة في إطار سياسة جديدة للشفافية المالية تقلل معدلات الفساد المالي في الجهاز الإداري للدولة. أسعار جديدة للطاقة وشملت هذه الإجراءات، تطبيق الأسعار الجديدة للطاقة التي تحصل عليها المصانع، وكذلك أسعار المياه وبقية الخدمات بأثر رجعي اعتباراً من أول يناير الماضي. كما بدأ تطبيق الزيادات المقررة وفق الجدول الزمني المعتمد على أسعار المواد الخام المحجرية والرمال التي تحصل عليها مصانع الإسمنت والسيراميك وبعض مصانع البتروكيماويات، والهادفة إلى الوصول بأسعار هذه الخامات إلى المعدلات العالمية التي توازي ستة أضعاف السعر القديم التي كانت المصانع تحصل به على هذه المواد على مدار السنوات الماضية، لا سيما أن هذه المصانع تبيع منتجاتها بالأسعار العالمية في السوق المحلية. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد”، فإن هذه الإجراءات تشمل سرعة إنهاء المنازعات الخاصة بالأراضي التي حصل عليها مستثمرون عرب ومصريون لإقامة مشروعات سياحية وعقارية عليها في وقت سابق بأسعار تقل عن قيمتها الحقيقية، حيث صدرت تعليمات بضرورة التوصل إلى حلول عاجلة لعدد من القضايا العالقة في هذا الملف. ومن المنتظر أن يحسم الاتفاق على إنهاء هذه المنازعات تحصيل فارق أسعار في حدود 20 مليار جنيه، تضاف إلى 7 مليارات جنيه أخرى يجري حالياً تحصيلها من العديد من الشركات المصرية التي حصلت على أراضٍ بغرض الاستصلاح الزراعي بطريق القاهـرة الإسكندرية الصحراوي، ثم قامت بتحويلها إلى أراضي بناء، الأمر الذي قررت معه الحكومة تحصيل 1,5 مليون جنيه عن كل فدان، مقابل توفيق أوضاع الملكية الخاصة بهذه المشروعات. وحسب هذه المعلومات، فإن هذه الإجراءات تشمل أيضاً تطبيق تحصيل المتأخرات الضريبية البالغة نحو 60 مليار جنيه عن أعوام سابقة، إلى جانب 15 ملياراً أخرى محل نزاعات قانونية بين مصلحة الضرائب والممولين، بالإضافة إلى بدء تطبيق الضريبة العقارية التي تسعى الحكومة من ورائها إلى تحصيل ثلاثة مليارات جنيه سنوياً، اعتباراً من شهر يناير المقبل، والبدء في الإجراءات الخاصة بتحويل ضريبة المبيعات التي تمثل نحو 60% من الموارد الضريبية للخزانة العامة، إلى ضريبة قيمة مضافة بناء على برنامج الإصلاح الهيكلي الذي تقدمت به الحكومة لصندوق النقد الدولي للحصول على قرض المليارات الخمسة، وهو الأمر الذي سوف تترتب عليه زيادة في حصيلة الضريبة بنحو 20%، لأن ضريبة القيمة المضافة سوف تشمل سلعاً وخدمات ومراحل تصنيع وتوزيع لم تكن تخضع في السابق لمنظومة ضريبة المبيعات. خفض عجز الموازنة وتأمل الحكومة المصرية في خفض عجز الموازنة البالغ 135 مليار جنيه إلى 100 مليار فقط، مع انتهاء السنة المالية في 30 يونيو المقبل، وتقديم الحسابات الختامية إلى البرلمان لاعتمادها، حيث سيكون قد جرى انتخاب برلمان جديد في ذلك التاريخ بعد الانتهاء من الاستفتاء على الدستور الجديد. وعلى الجانب الآخر، تواجه الإجراءات الحكومية الرامية إلى إصلاح منظومة الدعم وزيادة الموارد السيادية للخزانة العامة بمقاومة شديدة من جانب بعض دوائر الأعمال التي ترى في عملية المحاسبة السعرية للطاقة والمياه بأثر رجعي نوعاً من ممارسة الضغوط الحكومية على المستثمرين وأصحاب المشروعات، وتتناقض مع التعهدات التي كانت قد أبدتها حكومات ما بعد الثورة بعدم انسحاب أي قرارات جديدة على أوضاع سابقة. وأبلغت جمعيات المستثمرين، التي تنضوي تحت اتحاد يضم نحو ثمانية آلاف منشأة صناعية بالبلاد، الحكومة برفضها لفكرة المحاسبة بأثر رجعي، وطالبتها بضرورة التشاور مع ممثلي دوائر الأعمال في أي قرارات تتخذها بهذا الشأن، تجنباً لآثار سلبية على العملية الاستثمارية بصفة عامة. وأشارت هذه الجمعيات في مذكرة رسمية إلى أن التوقيت غير مناسب لفرض أعباء جديدة على القطاع الصناعي على وجه الخصوص، في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها الاقتصاد الكلي، واستمرار عمليات الإضراب والاحتجاجات الفئوية، إلى جانب تحمل أصحاب المصانع فروق الأجور التي تقررت على مدار الأشهر الثمانية عشرة الماضية، والتي ترتب عليها تراجع أرباح بعض المصانع وتعرض مصانع أخرى للخسائر وامتناع البنوك عن تقديم التمويل الكافي الذي يلبي احتياجات المصانع. على الجانب الآخر، يحذر خبراء اقتصاديون من اللجوء إلى سياسة فرض ضرائب جديدة، سواء كانت هذه الضرائب ذات طابع جماهيري واسع النطاق مثل الضريبة العقارية أو ضريبة القيمة المضافة أو ضرائب ذات طابع قطاعي محدد، لأن هذه السياسة سوف تؤدي إلى مزيد من الانكماش والتباطؤ الاقتصادي، إلى جانب أن هذه الضرائب سوف تشكل عبئاً ومزيداً من الضغط على منشآت اقتصادية، ما قد يدفع هذه المنشآت للخروج من السوق لعدم قدرتها على الصمود، وبالتالي سوف تتراجع حصيلة الضرائب بصفة عامة. ثمن اجتماعي مرتفع ويؤكد الدكتور سلطان أبو علي، وزير الاقتصاد الأسبق، أن تصحيح منظومة الدعم يعد مطلباً ملحاً في هذه الظروف القاسية التي يمر بها الاقتصاد المصري، نظراً لتسرب جانب كبير من هذا الدعم إلى غير مستحقيه، ليتحول إلى مصدر للثراء غير المشروع لبعض الفئات، وبالتالي فإن هذه الخطوة من شأنها أن توقف الهدر المالي في الإنفاق العام، وتقلل من نسبة العجز في الموازنة. لكن هذا الإجراء يتطلب إجراءات أخرى موازية للتعامل مع الآثار الجانبية له، حيث من المؤكد أن بعض الفئات الاجتماعية سوف تتضرر من جراء ذلك، إلى جانب الثمن الاجتماعي العام الذي سوف تدفعه البلاد نتيجة قيام البعض باستغلال مثل هذه الظروف لتحقيق مكاسب إضافية، وحالة التضخم المتوقعة فور إلغاء بعض أنواع الدعم على بعض السلع، وبالتالي لا بد من التحسب لمثل هذه النتائج. وقال أبوعلي إن فرض ضرائب جديدة وإن طال بعض الشرائح والقطاعات الاقتصادية فقط بالتزامن مع تصحيح منظومة الدعم، سوف يعمق من الآثار السلبية لمثل هذه الإجراءات على هيكل الاقتصاد، وعلى قدرته المستقبلية على التعافي، لا سيما في ظل تمدد البطالة وفقدان الكثيرين وظائفهم في الفترة الأخيرة، وما يترتب على ذلك من آثار اجتماعية وخيمة. أما خبير التمويل رائد علام، فيشدد على ضرورة التركيز على تعظيم الموارد الحكومية، لا سيما أن ذلك ممكن وآثاره الجانبية على الاقتصاد محدودة، ومن ثم فإن عمليات إعادة تقييم الأراضي التي حصل عليها البعض بأسعار بخسة، أو رفع أسعار المواد المحجرية لمصانع الإسمنت والسيراميك، تصب في الاتجاه الصحيح، لأن الوضع السابق في هذا المجال كان ينطوي على خلل كبير.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©