الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليستر وجهان للاستثناء

15 فبراير 2017 22:34
في مثل هذا الوقت من السنة الماضية، كنا نتعقب منبهرين ومشدوهين المسيرة الخرافية بل والأسطورية لنادي ليستر سيتي، وقد كان يمسك بلجام أعظم دوريات العالم، ويتقدم بهامات مرفوعة وبإرادة جماعية ليصنع واحدة من معجزات كرة القدم، أن يصبح مع نهاية الموسم الكروي المنقضي بطلاً ولا أروع للبرميرليج، متقدماً بعشرات الأميال عمن يفوقونه مالاً وشهرة وموهبة في تصيد الألقاب. أذكر أنني كنت ممن بالغوا في التشكيك في قدرة الثعالب على فك طلاسم الدوري الإنجليزي، كنت مثل الكثيرين أنتظر متى تزول الدهشة وتسقط الغشاوة ويبصر الكبار هذا الذي يجري من حولهم، ليوقفوا التيار المعاكس للتاريخ، إلا أن ليستر بمدرب ملفوظ اسمه رانييري وبهداف دخل بأسهم صغيرة لبورصة القيم اسمه فاردي وبعبقرية عربية اسمها رياض محرز، تمكن من وضع أجمل خاتمة لما اصطلحنا عليها بالملحمة أو وصفناها بالمعجزة. ومع انطفاء كل الأضواء التي أحاطت بليستر، وهو يحقق لقب الدوري الأول له بإنجلترا، برزت كثير من الأسئلة التي تستفهم عن جدارة ليستر في الانتماء لمن يقبضون بالمفاتيح السحرية ويقفون باستمرار في طابور المتنافسين على التيجان. وكان من حقنا جميعاً أن نرمي بهذه الأسئلة، ليس إنكاراً لقدرة الثعالب على تكرار المعجزة، ولكن رغبة في معرفة ما إذا كان ليستر بهذا اللقب قد اصطف مع النوابغ، لذلك نقف اليوم حزينين على حقائق كرة القدم الصادمة التي ينطق بها حال ليستر، وهو يقف على بعد 39 نقطة من مرتبة كان يحتلها العام الماضي وهي اليوم محجوزة لتشيلسي، بل إنه بات على بعد نقطة واحدة من المرتبة التي تؤدي إلى القسم الموالي، وأقوى الحقائق الصادمة تلك التي تقول إنه لا أحد يمكن أن يعيش على صدى التاريخ، ومهما قبض فريق على الأنجم ذات وقت، فلا واحدة منها يمكن أن تنير له الدرب المظلم. كان الاستثناء الرائع والجميل الذي نظمنا فيه شعراً، هو أن يرفع ليستر درع الدوري بموازنة تقل عشرات المرات عن السواعد الكبرى للكرة الإنجليزية، وبلاعبين نصفهم بدأ مغموراً ونصفهم الآخر ما كان يحلم بعشر هذا الذي تحقق، أما العادي والطبيعي، فهو أن يصبح ليستر كتاباً مفتوحاً لكل الأندية، تسهل قراءته ويتيسر اختراقه بعد أن سقطت عن أعين منافسيه الغشاوة وزال عنهم السحر. هل نتعجب من هذا التحول الغريب الذي طرأ على ليستر، فأحاله إلى نادٍ بلا بريق ولثعالب بلا مكر؟ بالقطع لا، فتاريخ كرة القدم فيه العشرات من ليستر.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©