الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أعباء عائلية مكلفة.. وعملية قتل بمشاركة الجمهور!

أعباء عائلية مكلفة.. وعملية قتل بمشاركة الجمهور!
15 أكتوبر 2015 03:42
عصام أبو القاسم (كلباء) تواصلت مساء أمس الأول أنشطة مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، الذي تنظمه إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام في الإمارة، بالمركز الثقافي لمدينة كلباء. وارتفع سقف المنافسة أكثر مع عرضي الليلة قبل الأخيرة للمهرجان الذي قدم آخر عروض دورته الرابعة مساء أمس، وينتظر أن يحتفل بالفائزين بجوائزه مساء اليوم الخميس. وشهد الجمهور أولاً، مسرحية «الرجل الذي صار كلباً» للكاتب الأرجنتيني أوزفالدو دراجون، ومن إخراج الإماراتي خليل إبراهيم، وقد جاءت مماثلة، في جانب من موضوعها، لمسرحيتين سابقتين قدمتا في اليومين الأولين للمهرجان. واشتغلت على موضوع العلاقة بين البشر والحيوانات؛ وهو ما ظهر، بصورة ما، في مسرحية الافتتاح «قضية ظل الحمار»، وكذلك مسرحية «جثة على الرصيف» للكاتب سعد الله ونوس، ويشغل الكلب جانباً مهماً في بنيتها الأساسية. الرجل والكلب في «الرجل الذي صار كلباً»، عمد المخرج إلى استخدام تقنية «مسرح داخل مسرح»؛ فبدت الحكاية التي تسرد قصة رجل (أدى الدور أحمد رجب) اضطر إلى قبول تأدية دور «كلب حراسة» في مشفى، حين فشل في العثور على مهنة يعيل بأجرها أسرته، بدت الحكاية، كما لو أنها مستعادة من زمن غابر وجرت وقائعها في مجتمع مغاير، وهو ما تجلى أيضا في الحلول البصرية التي صاغ عبرها المخرج فضاء عمله، حيث اكتفى بمجسم صغير لمروحة طاحونة هواء ليرمز إلى «المصنع»، كما جرّد «الحديقة» في مجسم لغصن شجرة، والمشفى مجرد شعار يحيل إلى الهلال الأحمر، إلخ.. يبرز العمل، في وجهه الظاهر، الثمن الباهظ الذي يجب على الرجل أن يدفعه حين يرتضي بالتقاليد والأعراف السائدة، فيفتح بيتاً وينتقي زوجة (بدرية آل علي) في مجتمع معدم. بيد أن مقاربة المخرج الشاب مضت إلى إظهار «الرجل» في هيئة مثيرة للسخرية والاستهزاء، ولعله فعل ذلك حتى يبين قسوة أرباب العمل. السؤال الذي يطرح هنا: أيمكن قبول فكرة أن كل من قابلهم الرجل الفقير، هم قساة وبلا رحمة؟ في جزء متقدم من العمل، وبحكم الاعتياد على مهنته الجديدة، راح الرجل يحاكي الكلب الذي يقوم بدوره، في حركاته وسكناته، ومع ما كان يتعرض له من ضغوط من طرف مديره، أخذ يتمثل تصرفات الكلب ويمثلها في القفص المخصص له كما في طريق عودته من العمل وفي الحديقة العامة وفي بيته. الزوجة التي اضطرته إلى أن يعمل كلباً، ستحمله أيضا، في نهاية الأمر، على أن يعيش حالة مريعة من جلد الذات، وذلك حين تحبل ويغمرها الخوف من أن تلد كلباً! شارك بالتمثيل في العرض: عبد العزيز الزرعوني، في دور مدير المشفى، وعلي العامري في دور مدير المصنع. نزعة الشر أما العرض الثاني، الذي جاء تحت عنوان «شكسبير منتقماً» من إعداد وإخراج مهند كريم، فبدا جريئاً في مقترحه المضموني وجديداً في أسلوبيته، مقارنة بالتجارب السابقة للمخرج العراقي الشاب الذي ظفر بجائزة أفضل عرض في الدورة الماضية من المهرجان. شكّل كريم نص العرض من ثلاث لوحات اقتبسها من مسرحيات الكاتب الانجليزي وليم شكسبير، وهي «عطيل» (قام بالدور نبيل المازم) و«هاملت» (أحمد أبو عرادة) و«ماكبث» (شريف عمر)، وبدت مقتبساته من النصوص الثلاثة مشتركة في انطلاقتها من علاقة ثلاثية الأبعاد، أضلاعها «الرجل والمرأة والسلطة»، فظهر عطيل، الرجل الشرقي المتوج بالبطولات، وقد هزّته الغيرة تجاه حبيبته ديدمونة (هلا بصّار)، في حين بدا هاملت، الذكي والمفكر، سليل الملوك، مقهوراً وشقياً يبحث عن كينونته، بعدما رآه من خفة أمه التي تزوجت عمه قاتل والده، فيما قدم ماكبث، الطامح والموعود بكرسي الملك، ولكن المتردد أيضا، وهو مستثار ومستفز بكلام زوجته التي كانت تحثه على قتل الملك ليحل محله. هل قصد شكسبير أن ينتقم من هذه النماذج البشرية، من خلال مسرحتها وتعريضها لكل هذه الاختبارات الوجودية، بمصائرها المأساوية؟ لعل هذا السؤال هو الذي دفع معد ومخرج العرض، إلى اقتراح هذه التجربة التوليفية، وعلى رغم اختلاف النصوص التي حكت قصصها وأزمنتها ومراتبها الاجتماعية، إذ انها تشترك في ميلها إلى الشر والثأر، وهي «ميديا» قاتلة أولادها، و«الليدي ماكبث» محرضة زوجها لقتل الملك، و«الزير سالم» الانتقامي! الملمح الإخراجي الأبرز في العرض، تمثل في التنويع على تقنية «المسرح داخل مسرح» التي وظفها المخرج توظيفاً مبدعاً، أثناء تشخيص الممثلين لمقاطع من المسرحيات الثلاث، ففي مرة، بدا فضاء العرض شبيهاً بمسارح فرق «الروك آند رول»، وفي مرة تالية، ظهر أشبه بنموذج المسرح التليفزيوني الذي كرسته برامج المسابقات في الفضائيات أخيراً، وفي مرة ثالثة بدا الفضاء مماثلا لصالة بروفات مسرحية. وتكاملت الجمالية التعبيرية العالية للمقاطع الحوارية التي انتقاها العرض مع الأداء البليغ للممثلين الذين اظهروا تمكناً واضحاً في اشتغالهم باللغة العربية الفصحى، وفي تنقلهم بين الأدوار وتفاعلهم مع الجمهور؛ هذا الجمهور الذي دعي، في نهاية العرض، لاختيار من يستحق القتل من بين الشخصيات الثلاث (عطيل وهاملت وماكبث)، ففعل ولم يتردد! كأن المخرج أراد بهذه اللمحة الذكية، التي انغلق عليها العرض، أن يؤكد على أن نزعة الشر ستظل باقية بين الناس وممدودة على كل الأزمنة. «المسرحيات القصيرة» يختتم برنامجه الثقافي الشارقة (الاتحاد) اختتمت إدارة المسرح بدائرة الثقافة والإعلام، أمس، في المركز الثقافي بكلباء، برنامجها الثقافي المصاحب للنسخة الرابعة لمهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة. شهد البرنامج جلسة لملتقى الشارقة الثالث للبحث المسرحي، قدم لها البشير عيسى أحمد، طرحت فيها الأستاذة بالمعهد العالي للفن المسرحي بالمغرب الدكتورة سميرة العسيري محتوى أطروحتها للدكتوراه بعنوان «الرؤيات الإخراجية في المسرح المغربي: رحلة النص من الكتابة إلى المسرح». ثم قدم الممثل والمخرج فريد الرقراقي الدكتور الدكتور نوفل العزارة، أستاذ بالمعهد العالي للفن المسرحي بتونس محتوى أطروحته للدكتوراه بعنوان: نحو أنثروبووجيا الحركة الجسدية: الأبعاد الثقافية في الوسط الاجتماعي التونسي، متناولًا بالحديث مفهوم الإنسان الدرامي، والمزايا التي قدمتها الأنثروبولوجيا للمسرح، وبخاصة عناصر المعاينة التي تطالب الممثل بمغادرة الخشبة. كما شهد ختام البرنامج الثقافي ورشة تكوينية بعنوان (فن البهلوان) بإشراف الممثل والمخرج سعيد آيت باجا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©