الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحد من تلاعب التلفزيون

20 أكتوبر 2013 21:03
وفّر التلفزيون أمتع لحظات المشاهدة «المجانية» لأجيال القرن الماضي ولا يزال، كان أيضاً أكثر الوسائل الإعلامية هدفاً لسهام الاتهامات. واللافت أن النقد العنيف الذي تعرض له على امتداد عقود لم ينجح في تقويم استخدامات هذه الآلة أو الصناعة الضخمة، ولا في زيادة وعي الناس بمخاطر مشاهدة التلفزيون، بل استمرت معدلات المشاهدين بالارتفاع حتى بلغت أرقاماً قياسية في العالم قاطبة إلى أن حضر الإنترنت والأجهزة الرقمية، وحان الوقت- كما يبدو- للحد من نفوذ الصندوق العجيب. في توقعنا هذا لا نعتمد فقط على تمنيات، بل على تحولات خريطة الإعلام ككل. فشبكات التواصل الاجتماعي عامة ومواقع تشارك الفيديو خاصة، وتوفير تقنيات رقمية تتيح الإنتاج الفردي للصورة التلفزيونية من قبل ملايين الهواة والشهود المنتشرين في كل الزوايا، كل ذلك يسهم في تعميم ثقافة إنتاج الفيديو والصورة، فينزع عن التلفزيون بعضاً من سحره، وينتزع من القيّمين على القنوات بعض السلطة التي طالما حُسدوا عليها، أو هوجموا بسببها من قبل كثير من المنظرين الاجتماعيين طيلة النصف الثاني من القرن الماضي. ويعلم مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي إلى أي درجة يبلغ تأثير لقطات الفيديو والصور على حيوية علاقاتهم عبر هذه المواقع. ويعلم المتابعون لوسائل الإعلام أن هذه الممارسات قد فتحت عصراً جديداً من الإعلام، عنوانه الرئيس: «التفاعل»، الشيء الذي كان التلفزيون التقليدي أكثر الوسائل عداء له. إنّ من سمات هذا العصر ما سمّيناه أكثر من مرّة بالتواصل الأفقي، حيث المصدر والمتلقي واحد، فالإبلاغ يتم من جمهور المستخدمين وإليه مع تفاعل فوري مباشر. ويُفترض بهذا التواصل الجديد أن يُقزّم معادلة الإعلام السابقة القائمة على علاقة خطيّة باتجاه واحد (من المصدر إلى الجمهور بواسطة وسيلة أو قناة )، والتي تطبق أكثر ما تطبق في وسيلة التلفزيون التقليدية. ومن هذه المنطلقات مجتمعة، تُعتبر التغيرات التي تحيط بالتلفزيون نوعية، ونأمل أن تكون توقعاتنا بشأنها حقيقية، علّ ذلك يخفّف من الصفة «الشيطانية» التي تلصق به، ولاسيما تحوله إلى وسيلة تُعنى فقط بمصالح المتنفذين أو الساعين للربح على حساب الجمهور، لدرجة الانفصام عن الواقع وعن نبض المجتمع والناس وأحلامهم، أو الوقوع في أسر خطاب دعائي حزبي وفئوي أو «تهريج» معاناة الناس بحجة تسليتهم والترفيه عنهم بينما هم- في كثير من البلدان- بالكاد يؤمنون لقمة العيش. في ظل تحولات الإعلام الجديد، قد تتراجع أهمية التلفزيون كمصدر أخبار ومصدر ترفيه، ولكن ما يجب أن نتمسك به هو جعل شاشة التلفزيون متفاعلة حقاً مع المشاهدين، ووسيلة تساعدهم على الارتقاء بالفن والذوق والتعبير أكثر عن الذات وآمالها وأحلامها وأداة حوار اجتماعي وثقافي وتحفيز على الإبداع واستنهاض طاقات المجتمع، وليس تضليله أو إيقاظ غرائزه التنافسية، الاستهلاكية والحيوانية، سواء في السياسة أو في الاقتصاد أو في باقي نواحي الحياة، أي كما تفعل الكثير من القنوات الآن، ومنذ سنوات طويلة. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©