الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأزمة الأوكرانية.. من يستسلم أولاً؟

26 يناير 2015 22:58
أصبح مطار دونيتسك أرض خراب لا يستطيع استقبال الطائرات باستثناء طائرات الهليكوبتر من كثرة الحفر في مدارجه. وكل جانب يواصل القتال للسيطرة عليه. ويعتبر الأوكرانيون المطار رمزاً لنهوضهم العسكري بعد هزائم الصيف الماضي الثقيلة. لكن المطار بحالته هذه يمثل عبث السعي لأي حل عسكري للصراع. وتاريخ المطار كرمز بدأ من أيام الرئيس فيكتور يانوكوفيتش. فبينما كانت أوكرانيا تستعد لاستضافة بطولة أوروبا لكرة القدم عام 2012 تم توسيع المطار ليخدم عشرة ملايين مسافر في العام. وأصبحت عملية تطوير المطار أكثر البنود كلفة في ميزانية 2012 بإنفاق 800 مليون دولار، وفي عام 2013، لم يأت إلى المطار إلا 1.1 مليون مسافر. وتوقع «بوريس كوليسنكوف» المسؤول عن مشروعات البنية التحتية في ظل حكومة يانوكوفيتش عام 2013 أن المطار سيصبح أكبر مركز للسفر الجوي في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. وبعد ذلك بعامين، أصبح المطار أخطر المناطق. وفي سبتمبر الماضي وقعت أوكرانيا والمتمردون المدعومون من روسيا اتفاق «مينسك» لوقف إطلاق النار الذي دعا الجانبين إلى احترام واقع الحال على الأرض الذي ترسخ بعد هجوم للجيش الأوكراني سحقته وحدات من الجيش الروسي أرسلتها موسكو للانقاذ. ولم تذكر وثائق «اتفاق مينسك» تحديداً المطار، لكن في وقت كتابتها كان المطار واقعاً تحت سيطرة الجيش الأوكراني، لكن المتمردين قاتلوا عليه. لذا وحتى بعد وقف إطلاق النار استمر القتال. والأوكرانيون الذين كانوا في أمس الحاجة إلى نموذج للبطولة يدعم معنوياتهم، اتخذوا من الرجال المدافعين عن المطار رمزاً. وصف الرئيس الأوكراني «بيترو بوروشينكو» المقاتلين في المطار بأنهم رمز للروح الأوكرانية التي لا تُقهر ولقدرة الأوكرانيين على القتال. ويعتقد الرئيس أن المقاتلين إذا تخلوا عن المطار، فإن العدو سيصبح في كييف أو «ليفيف» القريبة من حدود بولندا بعد فترة قصيرة. ولاعجب إذن أن يستبسل الجنود الأوكرانيون في الدفاع عن المطار الذي تعرض للقصف. والمتمردون صامدون أيضاً، لأنهم يؤكدون أن الجيش الأوكراني يستخدم المطار كقاعدة يقصف منها «دونيتسك» معقل المتمردين. ولا يستطيع الصحفيون الاقتراب بما يكفي للتحقق من واقع الحال في المطار، بل يتعين على مراقبي الصراع الاكتفاء بالتقارير غير الدقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن الواضح أن الجانبين نسيا إطلاق النار. وجاء في تقرير لصحيفة أسبوعية تصدر في كييف أن المطار أصبح على الأرجح هدفاً لأنه «ذو أهمية رمزية»، لأن فقدانه يؤدي إلى «التشاؤم ويطرح أسئلة عن وجود خونة، ويؤدي إلى الحديث عن الهزيمة ليس فقط داخل صفوف الجيش الأوكراني، لكن بين السكان العاديين».لكن تأليف الأساطير يستحق العناء إذا كان الجيش يعتقد أن بمقدوره الانتصار. لكن في الوقت الذي تحدث فيه مسؤولون في كييف عن تزايد النشاط العسكري الروسي في أوكرانيا، يراهن بوروشينكو على ألا يتجاسر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مساعدة المتمردين مرة أخرى. ومن المقرر أن يتخذ الاتحاد الأوروبي في مارس المقبل قراراً بشأن ما يتعين عليه فعله بشأن العقوبات الاقتصادية ضد روسيا. لكن بوتين لا يطيق مذلة تفوق الجيش الأوكراني. وبصرف النظر عن رد الفعل الدولي، ستسحق روسيا دوماً آمال الجيش الأوكراني وهذا ببساطة لأن الجيش الروسي أقوى وأفضل تدريباً. ومن باب التمني أن يعتقد المرء أن توازن القوة تغير منذ سبتمبر عندما انهار الأوكرانيون أمام مجرد بضعة آلاف من الجنود الروس. وفي تغريدة على «تويتر»، كتب بوروشينكو «أنا رئيس للسلام وليس للحرب».لكن الرئيس الأوكراني يعتمد على إذعان روسيا للضغوط الغربية وانخفاض أسعار النفط. وهذا رهان خطير للغاية، لأن روسيا تستطيع تحمل قدر كبير من الألم طالما بقي شعبها مؤمناً بعدالة قضية بوتين. ليونيد بيرشيدسكي * * روائي روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيو سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©