الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

العلماء: «التوكل على الله» مقرون بالعمل والإنتاج

العلماء: «التوكل على الله» مقرون بالعمل والإنتاج
7 يناير 2016 22:39
أحمد مراد (القاهرة) دعا الإسلام الحنيف إلى العمل والجد والإنتاج، ونبذ الخمول والكسل، وجاءت دعوة الإسلام للعمل مقترنة بمبدأ التوكل على الله سبحانه، وحتى لا يكون تواكلاً ومدعاة للكسل وترك العمل، اشترط الدين الحنيف أن يكون التوكل على الله مصحوباً بالأخذ بالأسباب ومباشرة الأعمال. وأكد علماء الدين أن دعوة الإسلام إلى التوكل على الله جل شأنه لم تكن أبداً بأي حال من الأحوال دعوة إلى القعود والخمول والتكاسل، وإنما لبذل الجهد والعرق من أجل خيري الدنيا والآخرة، موضحين أن قيمة التوكل تعني اللجوء إلى الله في كل الشؤون والأحوال والظروف والأوضاع، وهو متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، بل يفرق بين التوكل والتواكل. من أعظم الأسباب ويوضح د. أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن التوكل على الله تبارك وتعالى يكون بالثقة بما عنده جل شأنه، واليأس مما في أيدى الناس، وقد قيل: صدق الاعتماد على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة، وتوكيله الأمور كلها إليه، وتحقيق الإيمان بأنه لا يعطي ولا يمنع ولا يضر ولا ينفع سواه، وهو من أعظم الأسباب التي يحصل بها المطلوب، ويندفع بها المكروه، قال الله عز وجل: (... فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، «سورة آل عمران: الآية 159»، ويقول جل شأنه: (... وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)، «سورة إبراهيم الآية 11»، ويقول كذلك سبحانه وتعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ...)، «سورة الفرقان: الآية 58»، وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطانا»، وقوله (صلى الله عليه وسلم) أيضاً: «أعقلها وتوكل»، ومن دعاء نبي الله موسى عليه السلام: «اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى، وأنت المستعان، وبك المستغاث، وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بك»، وقال سعيد بن جبير التوكل على الله جماع الإيمان»، وقال ابن القيم: «التوكل نصف الدين، والنصف الثاني الإنابة، فإن الدين استعانة وعبادة، فالتوكل هو الاستعانة، والإنابة هي العبادة. ويضيف: ومن وصايا رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل»، وأوضح (صلى الله عليه وسلم) الذين يدخلون الجنة بغير عذاب ولا عقاب ولا حساب فقال: «هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون»، ومن التطبيقات العملية لمبدأ التوكل على الله هو ما وقع في أحداث الهجرة النبوية، حيث أخذ النبي (صلى الله عليه وسلم) بالأسباب، وفعل ما يجب عليه، ثم توكل على الله، ويظهر ذلك جلياً في قول أبي بكر (رضي الله عنه): قلت للنبي (صلى الله عليه وسلم) وأنا في الغار، لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا، فقال (صلى الله عليه وسلم): «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما». ويؤكد أن قيمة التوكل على الله جل شأنه تعلي الإيمان والإسلام، وفيه راحة البال وسكينة النفس، واللجوء إلى الله (جل شأنه) في كل الشؤون والأحوال والظروف والأوضاع، وفيه قطع الرجاء فيما عند الناس، بل تفصيل وتحقيق قول الله (عز وجل): «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ»، ومعلوم أن الأسباب محل حكمة الله وأمره ونهيه، والتوكل عليه متعلق بربوبيته وقضائه وقدره، والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، بل يفرق بين التوكل والاتكال، فالتوكل على الله مطلوب، والاتكال مذموم ومرفوض. صفة المسلم ويشدد د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، على ضرورة ألا يكون التوكل على الله مدعاة للتواكل والسلبية وترك الأعمال، مؤكداً أن التوكل على الله يتطلب مباشرة الأعمال، وأن يؤدي كل مسلم ما هو مطلوب منه على أكمل وجه. وأوضح أن التوكل على الله صفة المسلم الحق الذي لا يتكاسل عن أداء رسالته في الحياة، وفي نفس الوقت يعمل لأجل آخرته، وفي هذا الشأن قال الله تبارك وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)، «سورة الأنفال: الآية 2»، هذا إلى جانب أن التوكل على الله يتضمن التسليم لأمره وقضائه، والاعتصام به، والتعلق الدائم به في كل حال. ويقول: لقد ذكر القرآن الكريم قيمة التوكل في أكثر من موضع، والتكرار هنا جاء للتنبيه على عظمة ومنزلة هذه القيمة، بالإضافة إلى حث المسلمين على التمسك بها، ومن الآيات القرآنية التي ذكرت قيمة التوكل قول الله عز وجل: (... فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)، «سورة آل عمران: الآية 159»، وفي آية أخرى يأمر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وسلم) بالتوكل، فقال جل شأنه: (وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى? بِاللَّهِ وَكِيلًا)، «سورة الأحزاب: الآية 33» العمل والاجتهاد أكد د. سالم عبد الجليل، من علماء الأزهر، أن دعوة الإسلام إلى التوكل لم تكن أبداً بأي حال من الأحوال دعوة إلى القعود والخمول والتكاسل، وإنما هي دعوة لبذل الجهد والعرق من أجل خيري الدنيا والآخرة، وهو الأمر الذي يظهر في حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي قال فيه: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقتم كما ترزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً»، حيث إن عبارة «تغدو خماصاً وتروح بطاناً» دليل على العمل والجد، فالطيور تتحرك وتذهب وتروح لطلب الرزق، ولا تمكث في أعشاشها حتى يأتي إليها الطعام، ومن ثم ليس في هذا الحديث النبوي الشريف أي إشارة أو دلالة على الخمول والتكاسل عن الكسب، مع العلم أن هناك فرقاً شاسعاً بين التواكل والتوكل، فالتواكل يرادف الخمول والكسل، بينما التوكل يرتبط بالعمل الجاد والإنتاج المثمر. ويقول: السيرة النبوية الكريمة تعلمنا التوكل على الله سبحانه وتعالى في الأمور كلها، وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) القدوة والمثل في التوكل على الله في كل أموره، وكان كثيراً ما يقول: «اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت»، والتوكل نوعان، الأول توكل في حصول ما يحبه الله ويرضاه من الإيمان واليقين والصلاة والصيام والحج وغير ذلك، والثاني توكل في جلب حوائج العبد الدنيوية أو دفع مكروهاته، فعلى كل مسلم ومسلمة أن يعمل ويجتهد، ويأخذ بالأسباب ومباشرة الأعمال، ولا يركن للخمول والكسل، فالخمول والكسل مفسدة للشعوب، وتدمير للحضارات.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©