الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

هكذا يهوي الإنسان بقيمه ويفتك بمشاعر الحب

هكذا يهوي الإنسان بقيمه ويفتك بمشاعر الحب
14 أكتوبر 2015 01:29
عصام أبو القاسم (كلباء) تواصلت مساء أمس الأول أنشطة مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة الذي تنظمه ثقافية الشارقة بمسرح المركز الثقافي في كلباء، وتجددت مع العرضين اللذين شهدهما الجمهور على التوالي، نزعة توشك أن تميز شغل المخرجين في هذا المهرجان على مدار دوراته الماضية، وهي عدم التهيُّب من النصوص والاجتراء على نسخها الأصلية، سواء عبر الإعداد والتوليف أو بتطعيمها ببعض اللمحات والمواقف الجديدة، تحييناً وتحديثاً. جثة ونوس في هذا الإطار، جاء العرض الأول الذي قدم في اليوم الثاني للمهرجان، والذي اعتمد على نص «جثة على الرصيف» للكاتب السوري الراحل سعدالله ونوس، وهو من إخراج محمد جمعة، والذي أشادت به الندوة النقدية وامتدحت أسلوبه الإخراجي الذكي الذي تجلى، في مواضع عدة من العرض، في خطوط حركة الممثلين التي جاءت متقاطعة بين الحركة والسكون، للدلالة على الحالات الانفعالية والفيزيائية للشخصيات، وكذلك في توظيف الإضاءة وتخليق العتمات لتطهير الخلفية القاتمة والسوداوية التي تجري أمامها أحداث المسرحية. على أن ما كان لافتاً أكثر من أي شيء آخر في العرض، هو حشد المخرج لسبعة ممثلين إضافة إلى ممثلة قامت بالدور عنود البلوشي لتشخيص المسرحية فوق الخشبة، خلافاً لما يقترحه النص الأصل الذي يعتمد على أربع شخصيات «متسول، شرطي، سيد، وجثة». الجثة (قام بالدور منصور المطروشي) لمتسول مات جوعاً وبرداً، والمتسول الآخر (خميس اليماحي) هو صديق هذا الرجل الميت، وهو جائع حتى أنه لم ينتبه لموت صديقه، أما الشرطي (خليفة ناصر) فحارس القصر، ومهمته تلزمه طرد هذين المتطفلين. يمر السيد (عادل سبيت) وكلبه، وحين يعلم بجثة الرجل الميت يقترح أن يشتريها ليغذي بلحمها كلبه، ولكنه ما يلبث أن يتردد ويطلب فحص الجثة خشية أن تكون مضرة بصحة كلبه. وهنا، يصعب الحال على المتسول الحي/‏‏ الميت، فيقترح أن يبيع نفسه بدلاً من الجثة! على هذا النحو صوَّر العمل، الذي كتبه ونوس أوائل ستينيات القرن الماضي، التردي الأخلاقي الذي استرخص الإنسان فأضحى لا يساوي شيئاً، حياً كان أو ميتاً، طالما لا يملك المال أو المكانة الاجتماعية أو السلطوية. وشارك بالتمثيل في العرض أيضاً: مطر صابر، خالد عبيد، مانع خميس، على خليل، حسن محمد، حمد المطروشي، عبد الله عبد الرحمن. الإسكافية العجيبة أما عرض «الإسكافية العجيبة»، نص غارسيا لوركا وإخراج دينا بدر، فبدا أميناً للبناء الأساسي للعمل الذي كتبه الشاعر الإسباني، ولكنه لم يخل من بعض التدخلات، فلقد اختزلت واختصرت المخرجة بعض الجمل الحوارية والشعرية من النص الأصلي. يحكي العمل قصة إسكافي (سامح قابيل) متقدم في العمر (55 سنة)، تزوج إسكافية شابة (ولاء حامد) ولكن الأمور بينهما لم تتطور كما أرادها، فالزوجة، زيادة على صغر سنها، مرحة ومرحابة لدرجة تغمر الزوج بالشك الذي يكبر ويزداد استعاراً بداخله وخصوصاً حين يبدأ الانشغال بكلام أهالي القرية حولها. وعلى وقع كلام الناس حولهما، تتوالى المواجهات بين الزوج وزوجته، فالزوج الذي يصله كلام الناس حول زوجته اللعوب، يذكر الزوجة كيف أنه رفعها من وهدة الفقر وقاسمها معيشته، والزوجة بدورها، التي تسمع كلام الناس حول زوجها غير القادر على الإنجاب، تذكره كيف أنها أهدته شبابها ومنحته الحياة. لا يقوى الزوج على المتابعة، فيهجر البيت والقرية. في المجمل، وعلى رغم أن مضمون النص كان طاغياً إلا أن العرض بدا جاذباً ببساطته وانضباط عناصره، تكويناته وألوانه وموسيقاه وتنقلات ممثليه وتنفيذ إضاءته ومؤثراته الصوتية، وعلى نحو يدل على أن فترة تحضيره ليست قصيرة سبقت تقديمه. شارك في التمثيل أيضاً: محمد معز، محمد قابيل، فيصل موسى، ناصر البحري، شهاب علي، عادل حسين.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©