الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أبناء يؤكدون: «تربية حرمة» وسام نعلقه على صدورنا

أبناء يؤكدون: «تربية حرمة» وسام نعلقه على صدورنا
19 أكتوبر 2013 18:41
كثيرة هي الأسباب التي تجعل الأم مسؤولة عن تربية الأبناء، منها وفاة الزوج أو الانفصال، لتتولى هي المهمة الشاقة بجدارة وتفان، كي تصل بأبنائها إلى «بر الأمان»، ويصبحون على مستوى عال من الأخلاق والتربية الصحيحة. وفي النهاية يستهزئ بعض أفراد المجتمع من أبنائها لتفوقهم وإبداعهم وتميزهم، باعتبارهم نتاج «تربية حرمه» أو «تربية ست»، كما يحلو لهذا البعض أن يصفهم. ومهما تعددت الأسماء يحق للأبناء أن يفخروا بوجود هذا النموذج من الأمهات، التي لولاها ما وصل أحدهم إلى مركز مرموق يفتخر به أمام نفسه والمجتمع الذي يعيش فيه. هناء الحمادي (أبوظبي) - لا توجد زوجة بعد أن يتوفى زوجها تتمنى أن تتحمل مسؤولية الأبناء، خاصة إذا كانوا في سن الشباب، فمثل هذه المهمة تجدها الكثير من الأمهات هماً ثقيلًا وهي بمفردها، لكنها تجد نفسها مجبرة على استمرار الحياة وتربية الأبناء، بشكل صحيح على قدر استطاعتها لتقوم بدور الأم والأب معا، على الرغم من تقليل الكثير من أفراد المجتمع لهذا الجهد، حتى إن عبارة «تربية حرمة» كثيراً ما تقال لتنتقص من أداء المرأة في هذا الإطار، لكن جمعة راشد (طبيب أسنان) يفتخر بأن يقال له «تربية حريم»، لأن والدته نجحت في تربية إخوته، وبفضلها تخرج الجميع في الجامعات، وانخرطوا في مجالات الحياة المختلفة، يقول: «أفخَر بكل الأمهات اللواتي اضطرتهنّ ظروف وفاة الزوج أو الانفصال عنه إلى القيام بدور التربية كاملاً، فتخرّج على أيديهنّ أبناء صالحون، تميّزوا وأبدعوا داخل محيطهم الاجتماعي، لذا فمن واجبنا أن ندحض كل المقولات والاعتقادات الخاطئة بهذا الشأن». فخر الأبناء قالت الطالبة الجامعية بثينة خالد: «أنا ممن يفخر أن يقال لي «تربية حرمة»؛ لأن هذه المرأة نجحت في تربية أبناء يعجز عشرات الآباء عن بلوغ مثلها مع أبنائهم، مضيفة: «عندما توفي والدي كان عمري ست سنوات، فتولت أمي تربيتي أنا وإخواني الذكور، دون أن يترك لنا والدي دخلاً مادياً نستطيع العيش منه، لذا كان يتوقع المحيطون بها أن تتزوج ليكون زوجها عائلاً لها ولأبنائها، ولكنها رفضت عدداً من الخاطبين، واختارت العمل، فكانت رجلاً وامرأة وأباً وأماً، تعمل لتنفق علينا وتربينا تربية صارمة إذا احتاج الأمر إلى الصرامة، وحنونة إذا جاء وقت الحنان، علمتنا جميعاً وربتنا وزوجت إخواني». وحين يقال: «لا تنتظر أن تخرج المرأة رجلاً يعتمد عليه»، فإن هذه المقولة غير صحيحة، وفق تجربة الشاب حمدان عبدالله (مدير قسم)، الذي يفتخر دائماً أنه من تربية حرمة، في هذا السياق قال: «سافر الوالد لظروف عمله وأنا في عمر 9 سنوات وربتنا الوالدة أنا وشقيقتان، وكانت تربية رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وعلمتنا الدين والخلق الرفيع والمبادئ وعزة النفس وكل شيء رائع بهذه الدنيا، وكانت شديدة العقاب أيضاً ومع ذلك كنا نحبها حباً جماً». ويضيف: «ثم ترك الوالد السفر بعد ذلك بعشر سنوات، بعد ما كان يأتينا كل سنة بضعة شهور. وأنجبت الوالدة توأماً، وأشرف على تربيتهما أبي وللأسف لم يصلا إلى ما وصلنا له من تعليم جامعي، ويختلفون عنا كثيراً من حيث كل شيء لتدليله لهما». وأكد حمدان: «لا أستحي من تربية أمي، فالأم كالرجل وأشد من بعض الرجال أحياناً، وتربي ابنها على حب الشهامة والكرم والطيب، بل وتضعه على المحك مع ما يريده المجتمع الذي تعيش فيه، وتدربه على أن يكون هو رجل البيت القادم، وتحمله المسؤولية، مؤكداً على أن التربية المتوازنة ليست حكراً على الأب دون الأم». تربية سليمة انتقدت سعاد الملا، (أرملة)، الذين ينتقدون الزوجة التي تربي أبناءها الذين يقال عنهم «تربية الحريم»، وكأن كل من حاد عن التربية السليمة هو تربية حريم، ومن حظي بتربية الأب فهو لا محالة ممن يشار إليه بالبنان أدباً وخلقاً ورجولة، مضيفة: «لا زلنا في مجتمع اعتاد أن يقول لكل ناجح «ولد أبوه»، وكل فاشل «ولد أمه!» وأوضحت أنه «كانت تتناثر أمامها الكثير من علامات التعجب التي تفرض عليها السؤال الأهم: هل أنا «كأرملة» قادرة على خوض تلك التجربة بنجاح وأقصد هنا تربية أبنائي بمفردي؟» وجعلتها الظروف تعرف الإجابة الصحيحة، إلى ذلك، قالت الملا: «الحمد لله ها هم أبنائي في مراكز مرموقة، كل واحد منهم يفتخر بما وصل إليه من تميز وإبداع وتفوق، ويعتزون بتربيتي أمام الجميع، مؤكدين أن تربية حرمة ليس عيباً ولكن العيب هو من يخفى رأسه في الأرض، خجلاً من الأم التي ربته وسهرت على راحته وفي النهاية ينكر ذلك». بدوره، ذكر خميس المناعي (رب أسرة)، أن مقولة «تربية الحريم»، جاءت لأن هناك الكثير من الأبناء يتأثر بكثرة الدلال، فالأم حين تجد أبناءها يشــعرون باليتم، تجتهد كثيراً بعطائها السخي في تربيتهم لتعوضهم عن وفاة والدهم، وخوفاً من أن تفقدهم، تعتنى بهم أكثر من اللازم فيتولد لدى البعض منهم نوع من الدلال الزائد والخوف من تحمل المسؤولية. من هنا قد يعيش بعضهم في فجوة بين ما يريده المجتمع الرجولي، وما تربى عليه في البيت. وقال المناعي: إن «المرأة تاريخاً وحاضراً هي صانعة المبدعين، بل هي نصف المجتمع وإذا أردنا رجالاً عظاماً فعلينا تعليم المرأة ما هي العظمة؟، هكذا قال روسو: «إن الأبطال يصنعون ولا يولدون»، ونابليون وهو القائد التاريخي قال: «إن الأم التي تهز سرير ابنها بيمينها، لتهز العالم بيسارها». مصارعة الأمواج عن تجربتها، تقول عالية الحوسني: «توفي زوجي بعد سبع سنوات من زواجنا، وترك لي ثلاثة أطفال، وساعتها أظلمت الدنيا في وجهي، وشعرت بأنني أصارع موجاً قاسياً بمفردي، خاصة أنني رفضت الزواج، وقررت أن أنذر نفسي لهؤلاء الصغار، وجاهدت كي أحسن خلقهم، بل أصررت على أن يتلقوا تعليماً على مستوى عال، ومع مرور الأيام أصبح الصبية رجالاً يشار إليهم بالبنان، في الخلق القويم والمنزلة العلمية». وتشير الحوسني إلى أنها واجهت في البداية نظرة قاسية من المجتمع، لكونها رفضت الزواج، لكن سرعان ما حصدت إعجاب الناس، وأصبحت مثلاً يحتذي به، وتؤكد أنها فخورة لأنها استطاعت أن تجتاز أزمة موت الزوج، ومن ثم الاهتمام بأولادها حتى أصبحت لهم الأم الحنون، والأب الرحيم، والموجه في كل شؤون حياتهم. الشعور بالنقص حول هذه الظاهرة، قالت الاستشارية الأسرية، هند البدواوي: إن الأم هي التي تربي الأبناء، سواء كان الزوج موجوداً أو متوفى، فالتربية تقع بالأساس على كاهل المرأة، والرجل هو العمود الفقري الذي يلبي كافة احتياجات الأسرة، لكنه شريك أيضا في مساندة الزوجة في التربية. وأوضحت أنه مع الأسف هناك من يعتقد في مجتمعنا أن الأم وحدها لا تستطيع أن تربي ولداً ناجحاً، والحقيقة أن عشرات الأبناء تربوا على أيدي أمهاتهم؛ فقد نشأ «أحمد بن حنبل» في حضن أمه بعد وفاة أبيه؛ فأصبح إماماً من أئمة الدنيا. وأكدت البدواوي «بالنسبة لمقولة «تربية الحريم»، فلا يقول هذه العبارة غير الذي يشعر بالنقص والهروب من المسؤولية تجاه اهتمامهم بتربية أولادهم، لذلك نجدهم عندما يتصرف الابن تصرفا إيجابيا ينسبونه إليهم، والعكس صحيح، وهذه من مشكلات مجتمعنا، أي التستر خلف مقولات استفزازية. وتلفت إلى مقولة «الأم مدرسة إذا أعدتها أعدت شعبا طيب الأعراق»، موضحة أهميتها في التأكيد على دور الأم، ولذلك لم يوصف الأب بالـ «مدرسة».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©