الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هل تستطيع «أوبك» تحدي أميركا؟

19 أكتوبر 2013 00:27
ستيفن موفسون محلل متخصص في شؤون الطاقة في شهر أكتوبر من عام 1973 (قبل 40 عاماً بالتمام والكمال)، فرضت الدول العربية الأعضاء في منظمة «أوبك» حظراً على شحن الصادرات النفطية إلى الولايات المتحدة بسبب دعمها لإسرائيل في حرب أكتوبر، وأعلنت عن تخفيض إنتاجها بين 5 و10 في المئة. وتعود الذاكرة بوزير الدفاع الأميركي الأسبق جيمس شيلزينجير إلى تلك الأحداث ليقول: «كنت جالساً على مكتبي في وزارة الدفاع عندما وصلتني برقية جاء فيها: بناء على أوامر صادرة عن جلالة الملك، وجدنا أنفسنا مجبرين على وقف التموين النفطي عن أسطولكم السادس وعن قواتكم العسكرية في غرب أوروبا. التوقيع: زكي اليماني وزير النفط السعودي». وقد أدت هذه الصدمة النفطية التي شهدها العالم عام 1973، إلى ارتفاع أسعار النفط بمعدل أربع مرات، وعرّضت الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين إلى حالة غير مسبوقة من العجز والضعف، وأصابت الإدارة الأميركية بالارتباك إلى درجة أجبرت الرئيس نيكسون على تحديد السرعة القصوى للسيارات فوق الطرق السريعة عند 80 كيلومتراً في الساعة لأنها تحقق أقل استهلاك ممكن للبنزين، وتخفيض درجة حرارة التدفئة المنزلية بست درجات، وإنقاص ساعات عمل محطات بيع الوقود والتخفيف من ساعات تشغيل أضواء الاحتفالات بأعياد الميلاد. وما لبث نيكسون أن فهم الدرس ليغدو بعد ذلك هو أول رئيس للولايات المتحدة يدعو إلى تحقيق الاستقلالية الكاملة في مجال الطاقة. والآن، وبعد أربعة عقود كاملة، هل ما زالت «أوبك» تمتلك قوة فرض سعر برميل النفط على الولايات المتحدة وأوروبا؟ وفقاً لبعض الاعتبارات، يمكن القول إن هناك شبهاً كبيراً بين عامي 1973 والآن. وعلى رغم الطفرة الإنتاجية للنفط الأميركي المحلي خلال السنوات الخمس الماضية، فإن الولايات المتحدة ما زالت تستورد أكثر من ثلث استهلاكها من النفط، وهي نسبة هبطت من 60 في المئة أواسط العقد الماضي ولكنها بقيت على نفس معدلها الذي كان سائداً قبل 40 عاماً (بسبب الزيادة المتسارعة في الاستهلاك). ونظراً للنمو الاقتصادي السريع، أصبحنا نستورد من النفط الخام أكثر بنحو 2,6 مرة مما كنا نستورد عام 1973. وهناك ما هو أكثر من، فنحن ندفع مقابل ذلك ثمناً باهظاً. وهذا ما تبحث عنه منظمة «أوبك». والآن، ما زال سعر النفط الخام المقدّر بناء على مقياس معدل التضخم الثابت، أعلى بأكثر من مرتين مما كان عليه بعد الحظر النفطي بخمسة أشهر. ويحدث هذا في وقت ما زالت فيه الأموال تتدفق دون انقطاع إلى صناديق الدول المصدرة. ومع تضاعف معدلات استهلاك النفط في الصين والهند ودول الشرق الأوسط ذاتها، تمكنت أسواقه من التماسك بسبب الفائض المحدود الجاهز للتصدير منه. وكان أهم إجراء احتياطي تم تبنيه في هذا الصدد قد تمثل في لجوء الولايات المتحدة إلى تخزين 696 مليون برميل من النفط الخام أو ما يعادل 100 يوم من وارداتها النفطية وقدرة مصافيها على التكرير، وذلك ضمن مكامن ملحية تمتد على طول شواطئ خليج المكسيك. ولقيت خطة تأمين المخزون النفطي الاستراتيجي دعماً من الكونجرس عقب فترة حظر تصدير النفط كجزء من قانون وقعه الرئيس الأسبق فورد في شهر ديسمبر من عام 1975. ومن أجل ضمان تدفق النفط بانتظام، عمدت الولايات المتحدة إلى تعزيز وجودها العسكري في منطقة الشرق الأوسط. وبعد الغزو السوفييتي لأفغانستان، واحتجاز الرهائن الأميركيين في إيران عام 1979، عمد كارتر إلى تشكيل قوات للتدخل السريع وأعلن أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً حيث تدعو الحاجة لضمان تدفق النفط من الخليج العربي. ثم جاء دور ريجان الذي عمد إلى تأسيس القيادة المركزية للولايات المتحدة التي تضمن للقوات الأميركية المزيد من الحضور القوي والإبقاء على مضيق هرمز مفتوحاً، حيث يتدفق عبره 17 مليون برميل من النفط كل يوم. ونظراً لأن الولايات المتحدة عاجزة عن تغيير الخريطة الإنتاجية النفطية، فإن في وسعها أن تكافح الاستهلاك الذي يحمل طابع الهدر والتبذير. وفي عام 1973، كان معدل فعالية استهلاك الوقود في السيارات هو الأخفض منذ الحرب العالمية الثانية. ومنذ تم تبني المعايير الميكانيكية الجديدة عام 1975، ارتفعت فعالية حرق الوقود في السيارات بمعدل 50 في المئة (بمعنى أن استهلاكها انخفض إلى النصف). وكانت النتيجة أن أصبح النفط الذي تمكنت الولايات المتحدة من تجنب استهلاكه بسبب التوفير، يفوق الطاقة الإنتاجية لأي واحدة من الدول المنتجة. كما أن النفط المخزون في المكامن الملحية أصبح يمثل منبعاً احتياطياً استراتيجياً مع أنه لا يؤثر على البيئة أبداً. ولكن، لسوء الحظ فإن الصينيين ما زالوا في المراحل الابتدائية الأولى لتعلم هذا الدرس حيث احتلت الصين في شهر سبتمبر الماضي موقعها لأول مرة كأكبر مستورد للنفط الخام في العالم. وتشكل ظاهرة التغير المناخي حافزاً جديداً لتخفيض الاستهلاك من المشتقات النفطية. وحتى لو كان النفط متوافراً بالغزارة المطلوبة وبالسعر المنخفض، فإن علماء المناخ يحذرون من أن المبالغة في إحراق الوقود الأحفوري ستكون لها عواقب كارثية على المناخ، وهذا عامل جديد لم يرد ذكره في عقد السبعينيات. كما أن التبذير في إحراق الوقود الأحفوري يؤثر في معدل إنتاج النفط المحلي في الولايات المتحدة الذي بلغ أعلى مستوى له عندما وصل إلى 9,6 مليون برميل يومياً عام 1970 ثم انخفض إلى 5 ملايين برميل يومياً عام 2008 ثم عاد الآن ليرتفع إلى 7,5 مليون برميل يومياً. ويعود الفضل في هذه الزيادة الأخيرة إلى تقنيات التنقيب والحفر في طبقات الصلصال (الطين المتحجّر) باستخدام تكنولوجيا جديدة تجمع بين الحفر من على مستوى سطح الأرض، والتكسير الهيدروليكي للطبقات الحجرية. وقد ساعدت هذه الطريقة اقتصاد الولايات المتحدة على عدم البقاء تحت رحمة الأحداث غير المتوقعة في منطقة الشرق الأوسط. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©