السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سيف الزري: فن التصوير يخلق مساحة خصبة للتواصل مع المتلّقي

سيف الزري: فن التصوير يخلق مساحة خصبة للتواصل مع المتلّقي
19 أكتوبر 2013 00:25
إبراهيم الملا (الشارقة) - تتضامن أعمال المصور والفنان سيف حميد الزري مع معطيات بصرية ذات رونق تراثي خاص، يكتمل في نسيجه العام مع انتباهات جمالية تتجه وبشكل مكثف نحو التفاصيل الغاربة واللحظات المنسية، والتي ما زالت تتنفس حضورها رغم قسوة التبدلات والتحولات الاجتماعية، ورغم هجمة الحداثة العمرانية المهيمنة على المكان، والطاغية على صفاء أزمنة ما زالت أجراسها ترنّ في مخيلة الطفولة، والتي تبدو مثل وعد مضيء في ذاكرة هذا الفنان المنتمي لذاته البعيدة، والمسترسلة نحو الاكتشافات الأولى لطعم ورائحة وظلال الحياة الفطرية البسيطة، والبيوتات المتجاورة وسط الحواري و”الفرجان” و”السكيك”، وما يتناثر حولها من شغب أليف، وانشغالات طاهرة، ومسكونة بالمودّة والحنين الفائض. ومن خلال موقعه كرئيس لجمعية الإمارات للتصوير الضوئي يعمل سيف الزري على تأكيد دور الصورة الفوتوغرافية في إثراء المشهد الفني المحلي، والاستفادة كذلك من الفنون البصرية والتشكيلية المقاربة لهذا الفن ولطموحاته في استقطاب المواهب الإماراتية والمقيمة، وذلك من خلال إقامة الورش والدورات التخصصية وإقامة المعارض الفردية والجماعية والمشاركة في المناسبات الفنية الكبرى في الدولة وفي المحافل الخارجية. مناخات الطفولة وللتعرف على تفاصيل هذا الشغف الفني وبدايات ارتباطه بالكاميرا، وكذلك طموحاته في تطوير فن التصوير الفوتوغرافي والترويج لدور وأهمية الثقافة البصرية، التقت الاتحاد بسيف الزري، الذي أشار بداية إلى أن تجربته مع فن التصوير الضوئي بدأت في العام 2005 ومن دون الركون أو الاستئناس لاتجاه أو منهج محدد في هذا الحقل، وأضاف أنه تعامل حينها مع مختلف المحاور والمواضيع التي يمكن لهاوي التصوير أن يتناولها مثل الطبيعة الخارجية والألعاب الرياضية والتصوير الداخلي في الاستوديو، وغيرها من المواضيع المفتوحة في أفق البحث وتجريب الأدوات والقدرات الفنية. وأوضح الزري أنه وبعد مرور فترة من الزمن على هذا الرصد المتشعب لمواضيع التصوير، شعر أنه يدور في حلقة مفرغة من التكرار وتقليد الآخرين من أصدقائه الشغوفين مثله بفن التصوير، ومن هذه النقطة بالتحديد اختار أن يلجأ لموضوع محدّد، وأن يخلص له ويستفيض في التعاطي معه، فكان اختياره للمعالم التراثية المهددة بالتلاشي هو هدف ومجال يمكن له أن يخلق مساحة فنية وعاطفية خصبة، وتتقاطع مع هوسه الذاتي بتفاصيل ومناخات الطفولة ومع المشاهد البعيدة والمناظر المستعادة من عمق هذه الطفولة ومن مروياتها وحكاياتها العصية على التشويش والنسيان. سيرة الأمكنة ومن هنا لاحظ الزري ــ كما أشار ــ إلى أن ربط الصورة الفوتوغرافية بالمكان سوف يؤكد البصمة الأسلوبية لعمله الفني، بينما الارتهان للأفكار وحدها سوف تعيده من جديد لمتاهة المواضيع وتعددها ولا نهائيتها، وعطفا على هذا التوجه ــ كما قال ــ استثاره سؤال حول البعد المعرفي والثقافي الذي يمكن أن تمنحه الصورة للمتلقي، وأن على الصورة أن تمتلك مضامين ودلالات مكثفة وقادرة على خلق حالة من الجدل والحوار والتماسّ مع الوعي الذاتي والخبرة الحياتية لهذا المتلقي أو لهذا الآخر. واستطرد الزري قائلا: “ارتأيت أن أتعامل مع المواضيع والأمكنة التي تجسّد ذاكرتي الشخصية، سواء تلك الأمكنة التي عايشتها في طفولتي، أو تلك التي زرتها مع والدي وأنا صغير، وحتى من خلال صنع خيال بديل لهذه الأمكنة والتقاط ما يماثلها في المنطقة الشرقية مثل خورفكان ودبا وكلباء المشتملة على البيوت والأبواب وتفاصيل البناء القديم، والتي لم يعد لها وجود الآن في مدينة الشارقة الحديثة”، وحول التكنيك الذهني الذي اتبعه لتنفيذ هذا التوجه الفني الخاص، أشار الزري إلى أنه عمل على عدة مشاريع متسلسلة، بدأها بمشروع: “الراوي” الذي يجسد تفاصيل “الفريج” أو الحي القديم في منطقتي الخان والمرقاب بالشارقة، حيث شارك بهذه السلسلة في الدورة الثانية من مسابقة الشيخ منصور بن محمد للتصوير الضوئي في العام 2010 واستطاع أن يفوز بالجائزة الكبرى في المسابقة. أبعاد تجريدية وأضاف الزري بأنه عمل بعدها على مشروع آخر بعنوان: “ذاكرة السوق” لرغبته في توثيق ملامح الأسواق القديمة الباقية في الشارقة ودبي، وما يتخللها من مشاهد الطفولة البعيدة عندما كانت الأسر تصطحب أبناءها لشراء حاجيات الدراسة ومتطلبات الأعياد وكذلك الزيارات المختلفة لسوق الخضار والأسماك والتي ما زالت تتشكل كفضاءات زاهية وملونة في مخيلة الأهالي والأطفال وكبار السن المعاصرين لتلك الفترة. وأوضح الزري أن مشروعه الثالث حمل عنوان: “كتابات على الجدران” وثق من خلاله الرسومات والآراء الذاتية والخيالات العاطفية للشبان والمراهقين في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات والتي كانت مطبوعة على الحوائط وتعبر بشفافية وصدق عن المناخ الاجتماعي السائد في تلك الأزمنة، والتي ما زال بعض الأشخاص الذين كتبوها على الجدران ــ كما أوضح الزري ــ موجودين وبعضهم تفاعل مع الصور واستعاد جانبا من ذكرياته اليانعة في تلك الأحياء الشعبية القديمة. وفي سؤال حول مدى التلاقي والانفصال بين فن التصوير الضوئي والفنون التشكيلية الأخرى، أكد الزري أن فن التصوير الضوئي استفاد من دون شك من الفنون البصرية الأخرى ومن التقنيات الجديدة أيضا التي أضفت أبعادا رمزية وتجريدية على العمل الفوتوغرافي، وأوضح الزري أن هذا التداخل لا يؤدي بالضرورة إلى انتفاء استقلالية فن التصوير الضوئي، لأن المصور في النهاية هو القادر على إضفاء بعد شخصي وأسلوب خاص على عمله، بحيث يخدم فكرة هذا العمل ويستفيد من الاتجاهات التشكيلية المعاصرة مع الاحتفاظ بالشروط القياسية لفن التصوير ومن دون مبالغات جمالية وزائدة تقلل من تأثير وقيمة الفكرة الموجهة للمتلقي. الثقافة البصرية وعن دور جمعية الإمارات للتصوير الضوئي في نشر الثقافة البصرية وتعميمها في المجتمع، قال الزري إن الجمعية تسعى من دون شك إلى تجسيد الأهداف التي أنشأت من أجلها، وأن عليها ترجمة رؤى وتوجيهات المسؤولين الذين احتضنوا الجمعية ودعموها ماديا ومعنويا وفي مقدمتهم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الذي وفر للجمعية مقرا جديدا في منطقة الرماقية بالشارقة ومزودا بكافة التجهيزات الحديثة الملبية لخطط الجمعية وبرامجها القائمة على تنظيم المحاضرات والدورات التخصصية للفئات العمرية المختلفة، وإقامة المعارض الفردية والجماعية المشجعة للمواهب المحلية والمقيمة، وخلق مناخ من التنافس والتميز وتنمية الثقافة الذاتية والتذوق الجمالي للفنون.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©