الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجورجيون يخذلون «ساكاشفيلي»

8 أكتوبر 2012
كاثي لالي موسكو أعلن يوم الثلاثاء الماضي الرئيس الجورجي المنتهية ولايته، ميخائيل ساكاشفيلي، الذي حكم البلاد بدون منافسة تقريباً لتسع سنوات، خسارة حزبه في الانتخابات التشريعية وانتقاله إلى صفوف المعارضة. وهذا المنعطف المفاجئ الذي شهده تاريخ جورجيا ما بعد الاتحاد السوفييتي جاء إثر انتخابات حفلت بالأخطار المحدقة بذلك البلد الصغير الواقع على الحدود الجنوبية لروسيا، الذي لا يتجاوز عدد سكانه 4,5 مليون نسمة. ولكن مع ذلك يمثل الانتقال الديمقراطي الأول من نوعه في جورجيا فرصة لتطوير الديمقراطية الفتية في ذلك البلد، وتقديم نموذج للأنظمة الاستبدادية الأخرى في المنطقة. وعن نتائج الانتخابات نفسها تقول "تامار شجوشفيلي"، رئيسة جميعة المحامين الشباب الجورجية: "إنها المرة الأولى في حياتي التي أشعر فيها بأن لدينا ديمقراطية في هذا البلد، وأعتقد أن أغلبية الشعب الجورجي تقاسمني هذا الشعور". وكان الحزبان الرئيسيان اللذان خاضا المنافسة الانتخابية، سواء حزب ساكاشفيلي، أو منافسه الملياردير "بيدزينا إيفانيشفيلي"، قد قادا حملة انتخابية قاسية تبادلا فيها مختلف أنواع الاتهامات إلى درجة أن البعض توقع نشوب أعمال عنف، وتخوف آخرون من اندلاع حرب أهلية بسبب حدة الانقسامات ومرارتها في حال رفض الطرف المنهزم الاعتراف بالخسارة والإصرار على أن الانتخابات مزورة. ولكن بقبول ساكاشفيلي للنتيجة واعترافه بالخسارة تبددت هذه المخاوف. وقد أعلن ساكاشفيلي يوم الثلاثاء الماضي اعترافه الواضح بالهزيمة قائلًا: "أعبّر عن احترامي لقرار الغالبية التي شاركت في الانتخابات"، مضيفاً في تطمين آخر للمراقبين أن البرلمان سيمضي قدماً لانتخاب رئيس وتشكيل حكومة. غير أن إيفانشفيلي لم يكن رده بذات النبرة التصالحية حيث وصف الإصلاحات الديمقراطية التي أقرها سلفه بالأكاذيب. وقد سارع البيت الأبيض إلى تهنئة جورجيا بهذه المحطة الديمقراطية المهمة في تاريخها، حيث جاء في بيان صادر عن البيت الأبيض: "لقد قدم المواطنون الجورجيون نموذجاً في المنطقة والعالم من خلال انتخابات حرة وتنافسية مارسوا فيها حقوقهم الديمقراطية، وأكدوا من خلالها التزامهم بانتقال سلمي للسلطة". وحظيت الانتخابات بمتابعة المئات من المراقبين الدوليين بما فيهم فرق من المعهد الدولي الجمهوري والمعهد الوطني الديمقراطي الأميركيين، وهو ما عبر عنه النائب في الكونجرس "ديفيد درير" من المعهد الجمهوري الدولي قائلاً: "لقد شهدنا إحدى أكثر الانتخابات نزاهة في تاريخ البلاد". وفي تصريحات قد تفاجئ زملاءه في واشنطن أضاف "درير" أنه مع أعضاء آخرين في الكونجرس مصممون على مساعدة الجورجيين والبرلمان الجديد لتطوير العمل لتجاوز الانقسامات السياسية في البلد. وبحسب النتائج النهائية يبدو أن ائتلاف "الحلم الجورجي" الذي يقوده إيفانشفيلي قد فاز بنسبة 54 في المئة من الأصوات فيما أحرزت الحركة الوطنية المتحدة التي يتزعمها ساكاشفيلي 41 في المئة من أصوات الناخبين، علماً بأن هذا الأخير كان قبل الانتخابات يسيطر على 79 في المئة من المقاعد البرلمانية. وكان ساكاشفيلي الذي وصل إلى السلطة بعد ثورة سلمية قد خطا خطوات مهمة على طريق الإصلاح الديمقراطي والقطع مع واقع الاقتصادي المتدهور للبلد الذي ورثه مطلع 2004، فقد نجح فريقه في القضاء على آفة الجريمة لتصبح شوارع مدن جورجيا آمنة في النهار كما الليل، هذا بالإضافة إلى ضرب الفساد الذي كان ينخر البلاد في الفترة ما بعد عهد الاتحاد السوفييتي، وإعادة لبعض الثقة إلى جهاز الشرطة الذي فقد احترامه في وقت من الأوقات. ولكن على رغم هذه الإنجازات يرى منتقدوه أنه عمد إلى تهميش المعارضة السياسية، فهو بأغلبيته البرلمانية التي سمحت له بتغيير الدستور بسهولة قاد البلاد دون مراعاة القانون ودون رقابة من السلطات الأخرى في الدولة. وفي هذا الإطار قام حزبه بإعادة توزيع السلطة من خلال تمرير قرار لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد انتهاء فترة ولاية ساكاشفيتلي يقضي بإقامة نظام برلماني بدل النظام الرئاسي الحالي يقوده رئيس وزراء ينتخبه أعضاء البرلمان. وهذا التغيير أثار بعض الشكوك حول عزم ساكاشفيلي البقاء في السلطة كرئيس للوزراء على غرار ما قام به بوتين في روسيا. ولكن على رغم الانتقادات لابد أيضاً من الاعتراف بفضل ساكاشفيلي في دفع جورجيا نحو الديمقراطية أكثر من أي بلد آخر كان خاضعاً للاتحاد السوفييتي السابق عدا بلدان البلطيق بسبب استقلالها مبكراً. غير أن الرئيس المنتهية ولايته دخل في صراع ما روسيا أفضى إلى حرب كارثية في 2008 انتهت بخسارة البلاد لحوالي 20 في المئة من أراضيها. وعلى رغم التوقعات بتحسن العلاقات مع روسيا في ظل إيفانشفيلي الذي جمع جزءاً من ثروته في روسيا، إلا أنه من غير المتوقع أن تتطور العلاقات بشكل كبير بين البلدين. وكما يوضح ذلك "ميخائيل مارجيلوف"، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الغرفة الأولى للبرلمان الروسي، يبدي كل من إيفانشفيلي وساكاشفيلي رغبتهما القوية في الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو الأمر الذي تعارضه موسكو بشدة، كما أن الحزبين الجورجيين معاً يتطلعان إلى علاقات جيدة مع الولايات المتحدة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©