الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

(سعادة المؤمن)

8 فبراير 2018 22:53
الحمد لله الذي أنعم علينا بالإسلام وشرح صدورنا للإيمان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وأصحابه أجمعين.. وبعد: يقول الله تعالى في كتابه الكريم: {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } (سورة العصر الآية 1-3). لقد جاءت سورة العصر في غاية الإيجاز والبيان، لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقاوته، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره. (لقد أقسم تعالى بالعصر وهو الزمان الذي ينتهي فيه عمر الإنسان‏، وما فيه من أصناف العجائب‏، والعِبَر الدالة علي قدرة الله وحكمته‏، على أن جنس الإنسان في خسارة ونقصان، إلا من اتصف بالأوصاف الأربعة وهي‏(‏ الإيمان‏)‏ و‏(‏ العمل الصالح‏)‏ و‏(‏ التواصي بالحق‏)‏ و‏(‏الاعتصام بالصبر‏)‏ وهي أسس الفضيلة‏،‏ وأساس الدين‏،‏ ولهذا قال الإمام الشافعي:‏ لو لم ينزل الله سوى هذه السورة لكفت الناس) (صفوة التفاسير للصابوني 3/‏600)‏.‏ إن السعادة لا تكون إلا بالإيمان والعمل الصالح، فهما من أهم أسباب السعادة، كما قال تعالى:{فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى* وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى*قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا*قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}(سورة طه الآية 123-126). مَنْ هم السعداء ؟ إن الله عز وجل قد كتب الحياة الطيبة والسعادة لعباده المؤمنين المتقين، الذين يعملون الصالحات ويخلصون الدين لله، ويتمسكون بالإسلام ويهتدون بهدي القرآن، كما جاء في قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (سورة النحل الآية 97)، فهؤلاء العباد تبقى نفوسهم راضية مطمئنة، وقلوبهم بالإيمان واليقين عامرة، وصدورهم من الغش والحقدِ خالية، وأمورهم مجتمعة غير مشتتة، تراهم راضين بقضاء الله وقدره، مستسلمين لأمره وحكمه، عاكفين على توحيده وتقديسه وعبادته، غناهم في نفوسهم، لا ينظرون إلى ما في أيدي الناس، ولا يمدون أعينهم إلى متاع الحياة وزينتها، ولا يحسدون أحداً على ما آتاه الله من فضله كما جاء في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: ( مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ فَقَالَ أَبُو ?هُرَيْرَةَ:? ?فَقُلْتُ : ?أَنَا ?يَا ?رَسُولَ ?اللَّهِ، ?فَأَخَذَ ?بِيَدِي ?فَعَدَّ ?خَمْسًا ?وَقَالَ : اتَّقِ ?الْمَحَارِمَ ?تَكُنْ ?أَعْبَدَ ?النَّاسِ، وَارْضَ ?بِمَا ?قَسَمَ ?اللَّهُ ?لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ ?إِلَى ?جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، ?وَأَحِبَّ ?لِلنَّاسِ ? مَا ?تُحِبُّ ?لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، ?وَلا ?تُكْثِرِ ?الضَّحِكَ، ?فَإِنَّ ?كَثْرَةَ ?الضَّحِكِ ?تُمِيتُ ?الْقَلْبَ) (?أخرجه الترمذي)?، ?فالإيمان ?والعمل ?الصالح ?سبيل ?الحياة ?الطيبة ?الكريمة، ?ووسيلة ?الاستقرار ?والهدوء، ?وأساس ?الاطمئنان ?والعيش ?الرغيد، ?فلا ?تَطِيبُ ?الحياة ?لأحدٍ ?إلا ?في ?الجنة، ?لأنها ?حياة ?بلا ?موت، ?وغنى ?بلا ?فقر، ?وصحة ?بلا ?سقم، ?وسعادة ?بلا ?شقاوة. ما هي السعادة الحقيقية؟ من المعلوم أن السعادة ليست مالاً يجمعه الإنسان، ولا منصباً يتبوؤه، ولا جاهاً يتقلده، ولا كثرة أولاد يزهو بهم على الآخرين، ولا صحة يتجبر بها على عباد الله. إن السعادة الحقيقية تكون بالإيمان والتقوى، والعمل الصالح، ولزوم المساجد، والإيمان بالقدر خيره وشره، والرضى بما قسم الله عز وجل، والاستقامة في القول والعمل، والتحلي بالأخلاق الفاضلة، والإكثار من ذكر الله عز وجل، واتباع هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، كما قال رسولنا محمد – صلى الله عليه وسلم- في الحديث: (سَبْعَةٌ‏? ?يُظِلُّهُمُ ?اللَّهُ ?تَعَالَى ?فِي ?ظِلِّهِ ?يَوْمَ ?لا ?ظِلَّ ?إِلاَّ ?ظِلُّهُ:? ?إِمَامٌ ?عَادْلٌ ?، ?وَشَابٌّ? ?نَشَأَ ?فِي ?عِبَادَةِ ?اللَّهِ، ?وَرَجُلٌ ?قَلْبُهُ ?مُعَلَّقٌ ?فِي ?الْمَسَاجِدِ،? ?وَرَجُلانِ ?تَحَابَّا ?فِي ?اللَّهِ، ?اجْتَمَعَا ?عَلَيْهِ ?وَتَفَرَّقَا ?عَلَيْهِ، ?وَرَجُلٌ ?دَعَتْهُ ?امْرَأَةٌ ?ذَاتُ? ?مَنْصِبٍ ?وَجَمَالٍ، ?فَقَالَ: ?إِنِّي ?أَخَافُ ?اللَّهَ، ?وَرَجُلٌ ?تَصَدَّقَ ?بصَدَقَةٍ،? ?فَأَخْفَاهَا ?حَتَّى ?لا ?تَعْلَمَ? ?شِمَالُهُ ?مَا ?تُنْفِقُ ?يَمِينُهُ، ?وَرَجُلٌ ?ذَكَرَ ?اللَّهَ ?خَالِيًا ?فَفَاضَتْ? ?عَيْنَاهُ). (أخرجه البخاري) فكأنما حِيـزت له الدنيا بحذافيـرها أخرج الإمام الترمذي في سننه عن عُبَيْد الله بن مُحْضِنٍ الخُطَمِيِّ- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ ?أَصْبَحَ ?مِنْكُمْ ?آمِناً ?فِي ?سِرْبِهِ، مُعَافىً فِي جَسَدِهِ، ?عِنْدَهُ ?قُوتُ ?يَوْمِهِ، ?فَكَأَنَّمَا ?حِيزَتْ ?لَهُ ?الدُّنْيَا) (?أخرجه الترمذي)?. لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على البشرية بنعم عديدة لا تُعَدّ ولا تُحصى وفي مقدمتها نعمة الإسلام، ومن أهم هذه النعم: نعمة الأمن، فهي من أفضل النعم التي أنعم الله بها على البشرية جمعاء، وكذلك نعمة الصحة، فهي من أجلّ النعم، حيث إنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالدين، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، كما أن نعمة القوت والرزق من أجلّ النعم، فقد حرص الإسلام على أن تعيش البشرية حياة كريمة تأكل من خير الله، ورحم الله القائل: (إِذَا اجتَمَعَ الإِسلامُ وَالقُوتُ لِلفَتى.. وَكَانَ صَحِيحًا جِسمُهُ وَهُوَ في أَمنِ/‏ فقَد مَلَكَ الدُّنيَــــــا جَمِيعًا وَحَازَهَا.. وَحُقَّ عَلَيهِ الشُّكــــــرُ للهِ ذِي المَنِّ). نسأل الله تعالى أن يمتعنا جميعاً بالأمن والأمان والصحة والعافية، وأن يقينا شر الأمراض، لأن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©