الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجزائر تطلق حملة واسعة لتنظيف مدنها وقراها من النفايات

الجزائر تطلق حملة واسعة لتنظيف مدنها وقراها من النفايات
8 أكتوبر 2012
حسين محمد (الجزائر) - شرعت الجزائر مؤخرا في حملة واسعة لتنظيف الآلاف من المدن والقرى والتجمعات السكنية ومحيطها من كل أشكال القمامات والنفايات، وتجميلها بعد أن لوحظ في السنوات الأخيرة انتشارُها الواسع والعشوائي في مختلف المدن والأحياء السكنية وفي مقدمتها مدينة الجزائر؛ ما يسيء إليها كعاصمة وواجهة للبلد، وجندت السلطات إمكاناتٍ مادية ومالية وبشرية كبيرة لإنجاح الحملة واستعادة الوجه الجميل لمختلف المدن والتجمعات السكنية وتنظيف البيئة. وأكد مسؤولون أن «عملية تجميل الجزائر العاصمة لن تكون ظرفية، بل ستتواصل بمجموعة من المشاريع التكميلية التي تهدف إلى جعلها لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط». مكبات عشوائية عقد مجلس وزاري مشترك بين وزارات الداخلية والبيئة لدراسة وضعية البيئة والمحيط في البلد، وقرر الشروع بحملة وطنية واسعة لتنظيف آلاف المدن والقرى والتجمعات السكنية الحضرية والريفية وتخليصها من المكبات العشوائية للنفايات والقمامات التي باتت تتراكم وتنتشر بشكل عشوائي في شتى مناطق البلد حتى تجاوزت الـ5 آلاف مكب. وأعلنت الحكومة تخصيص مبلغ 150 مليار دينار جزائري لاقتناء عتاد إضافي كالآليات والمعدات الثقيلة والشاحنات وتشغيل آلاف الشباب لإنجاح العملية، ونصّب المجلس الوزاري المشترك هيئة إدارية تابعة لوزارتي الداخلية والبيئة وأسند لها الإشراف على عملية التطهير ومتابعة تفاصيلها وتوفير كل الوسائل لتحقيق أهدافها. وأرسلت وزارة الداخلية تعليمات إلى ما يُسمى «الجماعات المحلية» من ولاياتٍ ودوائر وبلديات طالبتها فيها بالانخراط في العملية على المستوى المحلي وتسخير كل الإمكانات البشرية والمادية لها، والسهر على إنجاحها. ولاحظت وزارة الداخلية التفشي الواسع للنفايات والتردي الكبير للمحيط في مختلف المدن والقرى والأحياء السكنية، وإن نالت المدنُ الكبرى النصيب الأكبر من «التردي»، حيث انتشرت بشكل عشوائي أماكنُ صبِّ النفايات، سواء تعلق الأمر بالمنزلية أو ببقايا مواد البناء التي ترميها مؤسسات البناء في أي مكان، أو غيرها من أنواع النفايات الصلبة والسامة، وهو ما اعتبرته الوزارة «آفة وطنية خلفت وضعاً بيئياً خطيراً»، وحمَّلت الوزارة المسؤولين المحليين نصيباً من المسؤولية عن ذلك، بسبب «سوء تسيير» ملف متابعة الإزالة اليومية للنفايات برغم كل الإمكانات المسخرة لها في السنوات الأخيرة، كما حمَّلت المواطنين نصيبَهم من المسؤولية، من خلال رميهم العشوائي للنفايات، وهو ما اعتبرته الوزارة «سلوكاً غير حضاري». ودعت المسؤولين المحليين إلى الانخراط الجدِّي في عملية تنظيف المحيط، وتسخير كل الإمكانات له، وإحصاء كل النقاط السوداء التي تتفشى فيها النفايات لإزالتها، من الأحياء والتجمعات الحضرية والمساحات الخضراء وأقبية العمارات والطرقات والأسواق والمذابح وحتى المقابر والوديان والمستنقعات التي تراكمت فيها النفايات والمواد السامة. وجاءت هذه الحملة بعد أن لاحظت السلطاتُ أن مؤسسة النظافة المكلفة بجمع النفايات يومياً، قد تجاوزتها الأحداث ولم تعد قادرة وحدها على أداء مهمتها، لمحدودية قدراتها. استنفار واسع فور استكمال الاستعدادات على المستوى المحلي بـ»تجنيد نحو 50 ألف عامل وأكثر من 9 آلاف آلية»، بحسب وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية، شُرع بتنفيذ الحملة في 13 سبتمبر الماضي في عدد من أحياء الجزائر العاصمة، وفي مقدمتها «القصبة» و«باب الزوار» و«بابا الوادي» و«باش جراح» و«برج الكيفان». وأحياء أخرى تعاني أكثر من غيرها من تراكم النفايات بفعل الكثافة السكانية العالية وانتشار الباعة الفوضويين بها على نطاق واسع، وفضلت السلطاتُ أوَّلاً إزالة الأسواق الفوضوية التي كانت تخلف يوميا «أطناناً» من النفايات، وسخر المسؤولون في الحملة إمكانات مادية وبشرية كبيرة، ففضلاً عن عمال النظافة التقليديين، جندت السلطات المحلية الآلاف من العمال والفاعلين في الجمعيات وحتى المتطوعين من سكان الأحياء الذين أسهموا في الحملة بطيب خاطر لتنظيف أحيائهم. وفي مدينة الرغاية (30 كلم شرق الجزائر)، كان انخراطُ السكان واسعاً، كباراً وصغاراً، وجندوا وسائلهم الخاصة لمساعدة السلطات، يقول بشير مصار، أستاذ رياضة «هي حملة كنا ننتظرها طويلاً لتنقية أحيائنا التي انتشرت فيها النفايات بشكل واسع، حيث أصبحت الأكياس السوداء تعمُّ مختلف زوايا الأحياء وتشوّه المنظر العام، وتنبعث منها روائح كريهة تسد الأنفاس، كما تعتبر مرتعاً للبعوض والحشرات الضارة التي تحوِّل حياة السكان في الصيف إلى جحيم، بالإضافة إلى تفشي الأمراض الجلدية وأمراض ضيق التنفس». بينما يقول فريد بن خالد «ديننا يحثنا على النظافة وإماطة الأذى عن الطريق، لكننا للأسف أصبحنا نرى سكاناً يرمون أكياس نفاياتهم في كل مكان دون أي إحساس بالمسؤولية، هذه الحملات يجب أن تستمر وأن لا تكون ظرفية، فهي في مصلحة الجميع، ويجب أن لا ننتظر السلطات لتقوم بها، بل هي مسؤولية السكان أيضاً». كان السكان يجمعون القمامات وبقاياها من الطرق ثم بدأوا يزيلون الأعشاب الضارة وبقايا مواد البناء من المساحات الخضراء، ما أعطى الحي منظراً جميلاً بعث الارتياح في نفوس السكان بعد نحو 4 ساعات من بداية العملية. وأعلن ولد قابلية بعد بداية الحملة أنه «تمّ تحديد أكثر من 5 آلاف مكب عشوائي وإزالة 83 ألف طن مع بقاء العملية متواصلة». وقال وائل دعدوش، الأمين العام للجمعية الوطنية للتصدي للآفات الاجتماعية، إن العملية «ستستمر نحو ثلاثة أشهر حتى تحقق أهدافها في كل أنحاء الوطن»، بينما أعلنت الداخلية تجنيد شرطة مكلفة بمراقبة البيئة ومنع عودة مظاهر الرمي العشوائي للنفايات بعد إتمام عملية التنظيف الواسعة. مطالب بمعاقبة «الملوثين» إلى ذلك، يطالب مواطنون بسنِّ قانون يعاقب كل من يُضبط وهو يرمي نفايات أو بقايا مواد بناء أو غيرها من النفايات الصلبة والسامة في غير الأماكن المخصصة لها، بغرامات مالية كما هو واقع بأوربا وبلدان الغرب، وأعلن وزيرُ البيئة والإقليم عمارة بن يونس أنه سيتم قريباً سنّ «قانون خاص بوضع النفايات ورفعها». وأضاف «قواعد النظافة واحترام المحيط يجب أن تُحترم، ينبغي لنا أن نمرّ مباشرة إلى العمل، والعقوبات ستمس المتجاوزين». ووعد الوزير بأن «وجه الجزائر سيتغير قريبا وبشكل جذري سيلاحظه كل المواطنين، وبخاصة في المدن الكبرى»، بينما قال والي الجزائر محمد كبير عدّو، إن عملية تجميل الجزائر العاصمة «لن تكون ظرفية، بل ستتواصل بمجموعة من المشاريع التكميلية التي تهدف إلى جعلها لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط». من جهتهم، يأمل المواطنون أن تنجح العملية وتتواصل حتى تحقق أهدافها برفع مئات الآلاف من أطنان النفايات ودفنها في مراكز ردم تقني، وتحويلها لاحقاً إلى حدائق كما جرى مع مفرغة وادي السمَّار. ويعترف مواطنون بمسؤوليتهم في تدهور البيئة ببلدهم، ولكنهم يحمِّلون المسؤولية للسلطات أيضاً بسبب سلبيتها وتسيُّبها اتجاه مختلف المظاهر المسيئة إلى البيئة منذ سنوات طويلة، ويتمنى مواطنون ألا تكون العملية مؤقتة، وأن تتواصل بأشكال أخرى، ومنها الحرص على عدم عودة الرمي العشوائي للنفايات، وكذا تجنيد المواطنين لتنظيف أحيائهم بين الفينة والأخرى وعدم انتظار ذلك من السلطات وحدها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©