الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عطلة نهاية الأسبوع تفقد معناها وتحتجز الأسر في البيوت

عطلة نهاية الأسبوع تفقد معناها وتحتجز الأسر في البيوت
8 أكتوبر 2012
مع كم الواجبات المدرسية التي يعود بها الطلبة يوم الخميس إلى البيت، لم تعد عطلة نهاية الأسبوع هدفاً للراحة وفرصة للاسترخاء، بحسب الواقع الذي تعيشه غالبية الأسر، إذ إن الضغوطات التي يفرضها ضيق الوقت أمام مراجعة الأخطاء وإعادة دراسة ما فات وحفظ وحل المسائل المطلوبة، تحول الأجواء إلى معسكر. وتضع أولياء الأمور في توتر ينقلونه حتما إلى أبنائهم الذين لا يرون خلال الـ”عطلة نهاية الأسبوع” إلا الكتب ولا يسمعون إلا ما تقوله صفحاتها. نسرين درزي (أبوظبي) - عند تحليل المعنى الحقيقي لعبارة عطلة نهاية الأسبوع، يجد الأهالي أنهم وأبناءهم على مدى أيام طويلة لا ينعمون خلال السنة الدراسية بعطلة حقيقية ولا بخفة الظل التي تميز يومي الجمعة والسبت. وبدلاً من التخطيط للخروج بقصد الترفيه واستعادة النشاط لبدء أسبوع آخر من العمل والمذاكرة، ترى الأمهات تحديداً يضعن خطط الطوارئ في البيت. فهن يستيقظن باكرا خلال “عطلة نهاية الأسبوع” وربما أبكر من أيام الأسبوع، بنية الانتهاء سريعاً من الواجبات المنزلية وتحضير الأبناء للدراسة. والذين بدورهم يجدون أنفسهم خلف المقاعد من جديد، وإن اختلفت المواقع، يغوصون في بحر من المواد العلمية والأدبية حيناً والتحاليل والاستفسارات المعقدة حيناً آخر. وكلما حاولوا الهرب إلى منفذ للهو الذي يحلمون به طوال الأسبوع، كانت أمهم بالمرصاد تردد عبارتها الشهيرة “لا وقت للعب”. فوق طاقتهم بالنظر إلى المشهد العام داخل غالبية الأسر التي لا يزال أبناؤها في المراحل التعليمية الأولى، يتضح أن الأمهات هن أكثر من يعاني تراكم أعباء الدراسة على الأبناء يومي الجمعة والسبت، إذ يقتصر دور الآباء عموماً على الإشراف أكثر منه على التدريس والتحفيظ والتسميع والتصحيح والتصويب. وكل ذلك يتطلب ليس فقط الوقت الكافي وإنما الصبر والقدرة على الشرح وإيصال المعلومة مبسطة وأقرب ما يكون إلى إمكانات الطفل على الاستيعاب. ولأنه ليس أفضل من الأم في معرفة نقاط الضعف الدراسي لدى ابنها، وليس أشد منها حرصاً على مستواه التعليمي، نجدها تستغل كل دقيقة من الـ”عطلة نهاية الأسبوع”. وذلك لتوضح له ما فاته من قواعد لم يفهمها في المدرسة ولتساعده على إنهاء ما هو مطلوب منه من واجبات ليوم الأحد والأيام المقبلة. وتتحدث غنوة أسعد عن حال التوتر الذي يصيبها مع كل عطلة نهاية أسبوع، حيث تفاجأ بكم الواجبات المطلوبة من ابنها، وهو لا يزال في الصف الابتدائي الأول. وتقول إنه من غير الجائز أن يطلب من طفل لم يكمل عامه السادس بعد، أن يمضي الـ”العطلة” بكامله في المذاكرة بدلاً من المرح مع أصحابه والخروج مع أسرته. وتذكر أنها منذ بداية السنة الدراسية لم تعرف طعماً للراحة، ولم تقم وأسرتها بأي برنامج ترفيهي ليومي الجمعة والسبت بسبب ضيق الوقت. وتؤكد غنوة أنها تفضل المكوث في البيت ومتابعة واجبات ابنها عن القيام بأي مشروع آخر، مع أنها تتألم للمجهود الذي يبذله في الدراسة. وتنتقد الهيئات التعليمية التي ترهق الطلبة الصغار بما هو فوق طاقتهم وتطالبهم بحفظ الكثير من الصفحات وحل الكثير من المسائل الحسابية خلال الـ”عطلة نهاية الأسبوع”. والذي ترى فعلاً أنه فقد قيمته الأصلية كفترة للراحة والاستمتاع بوقت الفراغ مع الأسرة. ينفرون من العلم وتقول مها حلاق، وهي أم لـ 3 بنات في المرحلة الابتدائية وموظفة في أحد المصارف، إنها لا تتعب في أمور التدريس خلال أيام الأسبوع بقدر ما تعانيه يومي الجمعة والسبت، إذ إن مدرسة بناتها تعتمد أسلوب طرح معظم واجبات الأسبوع يوم الخميس، لا سيما الصعبة منها والتي تحتاج إلى التركيز. وتذكر مها أنها مع تفهمها للأمر، غير أن المزعج فيه عدم تحمل الجهة التعليمية أي أعباء إضافية لبذلها مع الطلبة. وكأن المدارس تترك المسائل الدقيقة للأهل كي يتكبدوا أمر المذاكرة لأبنائهم وأحياناً كثيرة إعادة شرح الدرس من جديد. وتعتبر أنه من حق الأطفال أن يستريحوا في عطلة نهاية الأسبوع من أجواء الدرس وأن يتستمتعوا لبعض الوقت. وأنه من غير المنطقي أن يمضوا أيام الجمعة والسبت في الحفظ والكتابة، تماماً كما هو الأمر في أي يوم آخر. وتوضح مها أنها عندما اعترضت إلى المدرسة بشأن ساعات الدراسة الطويلة التي تمضيها مع بناتها في البيت، كان الرد بأن الطالب في المراحل التعليمية الأولى لا يحتاج إلى أكثر من ساعة دراسة في اليوم. وهذا ما تراه مستحيلاً في ظل الواجبات المطلوبة. الأمر نفسه بالنسبة لمريم الحمادي التي تشير إلى أنها تركت وظيفتها لعدم قدرتها على متابعة الأمور الدراسية لأبنائها في ظل العمل. وتعتبر أن الكم الهائل من الدروس التي تطلب أسبوعياً من الطلبة الصغار والكبار، تجعلهم ينفرون من العلم، لا سيما أنهم لا يجدون الفرصة للعب أو الترفيه حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع. ومريم، وهي أم لبنتين وولدين في مختلف المراحل التعليمية، ترى أنه من غير الصحيح ما يقال إن الصغار يتطلبون جهداً أكبراً في التدريس من الكبار. وتؤكد أنها مثلما تتعب في غرس المعلومة في ذهن ولديها في الصفين الثاني والخامس، فهي تشقى في تنظيم وقت ابنتيها الأكبر ومساعدتها في حل المسائل الحسابية وتسميع مواد الحفظ المطلوبة منهما. وتذكر مريم أن حال البيت ينقلب يومياً إلى ما يشبه المدرسة الداخلية، إذ لا وقت بعد الساعة 4:00 عصراً لأي شيء آخر غير المذاكرة. وما تعتبره إجحافاً في حق الطفولة، أن أجواء التوتر الدراسي تمتد حتى عطلة نهاية الأسبوع، التي تحولت لتصبح الفرصة الوحيدة لمراجعة الواجبات الصعبة وحل المسائل المعقدة. نفق التدريس بالانتقال إلى خالد التميمي الذي بات يتلمس معاناة زوجته في تدريس الأبناء، فهو يعرب عن دهشته من تحول مفهوم المدارس إلى وسيط بين الطلبة والبيت. ويقول إن الأهالي، إذ يرسلون أبناءهم إلى المدرسة، يتوخون من القائمين عليها أن يؤدوا رسالتهم النبيلة في شرح المعلومات الدقيقة لأبنائهم. وأن يبذلوا أقصى جهد ممكن أمام مختلف مستويات الطلبة، بحيث لا يضطر الأهالي إلى أن يمارسوا دور المعلمين في البيت، الأمر الذي يستغرق منهم المزيد من الوقت الذي يفترض أن يمضوا جزءاً منه في المذاكرة والجزء الباقي في الاسترخاء والقيام بالهوايات الرياضية أو النشاطات الترفيهية الأخرى. ويلفت خالد إلى أنه وزوجته باتا يسترقان الفرصة المناسبة لاصطحاب أبنائهما في نزهة أو في زيارة إلى الأقارب. وهذا ما يلاحظانه عند الكثير من العائلات التي ما عادت عطلة نهاية الأسبوع تعني لها الخروج من الروتين، وإنما الدخول في نفق التدريس. ويعلق سعد الدين شهاب على التناقض بين دور البيت والمدرسة، مشيراً إلى أن كلاً الجهتين ترمي المسؤولية على الجهة الأخرى. ويرى أنه مع الأحقية في مفهوم الاسترخاء خلال عطلة نهاية الأسبوع، غير أن مذاكرة الواجبات المدرسية مطلوبة بشكل يومي. وإن كان ذلك أكثر كثافة يومي الجمعة والسبت، فإنه من باب الحرص على المزيد من التمكن التعليمي. ويقول سعد الدين الذي يعاني مثله مثل باقي أولياء الأمور من تراكم دروس أبنائه وتكديسها إلى الـ”عطلة نهاية الأسبوع”، إنه مقتنع بمبدأ تنظيم الوقت. وهذا ما يشكل نقطة خلاف بينه وبين زوجته التي تبالغ برأيه في أمور مراجعة الدروس والتمحيص في الأخطاء وما شابه. ويؤكد سعد الدين أن التوفيق بين وقت الفراغ ووقت الدراسة، أمر لابد منه حتى لا يطغى أحدهما على الآخر. ويوضح أن الطالب الذي لا يشعر بمتعة الـ”عطلة نهاية الأسبوع” لن يدخل في أجواء الأسبوع المقبل بنفسية جاهزة. في حين أن تفريغ طاقة اللعب وحاجة الطفل عموما إلى المرح والركض واللهو بمختلف أوجهه، أمور تساعده على الفصل بين الجد والفراغ. وتمنحه طاقة للاستيعاب وملء دماغه بالمعلومات الجديدة بعدما نظفه من بقايا الأرق مع عطلة نهاية الأسبوع. مفهوم تنظيمي توضح الأخصائية التربوية ماريان الحاج أنه من الخطأ أن يخلط الأهالي بين حاجة الطفل للدراسة وحاجته للراحة. وتؤكد على ضرورة التعاطي مع الحاجتين بالقدر نفسه من الأهمية، إذ من غير المنطقي أن يحرم الطفل من اللهو أو أن يهمل الأمور التعليمية. وتذكر أن مسألة المبالغة في الواجبات المدرسية التي تعطى أثناء عطلة نهاية الأسبوع، ما هي إلا لمزيد من التأكيد على اكتساب المعلومات اللازمة. والسبب أن المنهج الدراسي مبني بشكل مترابط، ولا يمكن للطالب أن يستوعب الدروس الجديدة ويتأقلم معها، ما لم تكن المعلومات السابقة واضحة تماماً لديه. وتقول ماريان إن التدريس الجيد في البيت قد لا يتطلب الكثير من الوقت في حال كان الطالب مستعداً نفسياً للمراجعة بعد قسط كاف من الراحة. والأمر بمفهومها التنظيمي لا يحتاج لأكثر من جدول منطقي لتوزيع المهام والنشاطات الأخرى، يتناقش فيه الأهل مع أبنائهم. وتشير الأخصائية التربوية إلى ضرورة التنبه الى أن فترة العصرية والمسائية من يوم الخميس تدخل ضمن حسابات الـ”عطلة نهاية الأسبوع”، ومن الممكن استغلالها في الخروج والترفيه عن الطلبة، بدلاً من يوم السبت أو فترة ما قبل الظهر من يوم الجمعة، والتي يمكن تخصيصها للمذاكرة. وتؤكد ماريان أن إجازة نهاية الأسبوع فيها متسع من الوقت للقيام بأكثر من أمر سواء للطلبة أو أولياء الأمور، وهي لا توافق على مسألة الإعجاز في تدبر الأمر إلا في حالات نادرة تتعلق فبأوقات الامتحانات. أما ما عدا ذلك فترى أنه أمر طبيعي ولا بد من التعامل معه بانسيابية وواقعية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©