الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صفقة «شاليط»... وتوازنات الداخل الفلسطيني

صفقة «شاليط»... وتوازنات الداخل الفلسطيني
19 أكتوبر 2011 23:31
ريبيكا كولارد رام الله احتشد آلاف الفلسطينيين في رام الله لاستقبال 100 فلسطيني من الأسرى. اجتمعت الجماهير داخل مقر المقاطعة التي تضم مكتب الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وخارجها، ورفرفت رايات العلم الفلسطيني وصور الأسرى عالياً لحظة الإعلان عن إطلاق سراحهم. و في غمرة مشاعر الفرح بالعودة وعناق أفراد العائلة المتجمهرين حولها داخل المقاطعة، تقول فاتن بسام السعدي ذات 26 ربيعاً وإحدى الأسيرات الـ27 المحررَات: "أنا سعيدة، وغير سعيدة في الآن نفسه. فالفرحة تغمرني لأنني تحررت من الأسْر، لكنني أشعر بالأسى لأنه ما زال هناك فلسطينيات أخريات يقبعن في السجن. آمل أن تتكلل الصفقة القادمة بالإفراج عن باقي الأسيرات". استطاعت "حماس بفضل عقدها صفقة تبادل 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي اختطفته حركة حماس سنة 2006 أن تكسب نقاطاً عديدةً في الضفة الغربية التي تُسيطر عليها حركة فتح. فبعد إحراز فتح لانتصار في الشهر الماضي عندما توجهت السلطة الفلسطينية ممثلةً "عباس" عضو حركة" فتح" إلى الأمم المتحدة لطلب الاعتراف والانضمام أو ما اصطلح عليه الفلسطينيون بـ"الاستحقاق" بعد أن تحدت إرادة الإسرائيليين وأمل الأميركيين في التراجع عن هذه الخطوة. وفي الأسبوع الماضي فقط، كان "عباس" يواصل جولاته لحشد الدعم لخطوة الاستحقاق الأممي. غير أن ألق هذا الدعم والترتيبات التحضيرية للاعتراف بدولة فلسطين خفتَ وخبَا ولو مؤقتاً في خضم مشاعر الفرح الفلسطيني العارمة لصالح الاحتفال بتنفيذ أكبر صفقة لتبادل الأسرى في تاريخ فلسطين. فحركة "فتح" لم تتمكن قط من تأمين إطلاق عدد كبير كهذا من المعتقلين! وفي اجتماع أمس الأول الذي عُقد خصيصاً بهذه المناسبة، هنأ رئيس السلطة الفلسطينية الأسرى بتحريرهم، لكنه اغتنم فرصة وقوفه أمام ذلك الحشد الكبير للترويج لأجندة معركة استحقاق الدولة الفلسطينية التي يعمل جاهداً لكسبها. إذ توجه إلى الأسرى وأفراد عائلاتهم وجميع الأتباع والمؤيدين الذين احتشدوا قائلاً "المحادثات السابقة التي خُضناها كانت مبنيةً على أساس حدود 1967، ولذلك فإنه لا بد من وقف بناء المستوطنات". وأثنى "عباس" على الأسرى ووصفهم بـ"أبطال الحرية"، لكنه ذكر الحشود بأن مقاربته غير العنيفة نجحت، وذلك في إشارة منه إلى أن هذه الصفقة تمت عن طريق التفاوض وأن صفقةً أخرى من إطلاق الأسرى ستعقب هذه الصفقة. وقد أدت زيادة الاستقرار في الضفة الغربية بقيادة محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض إلى تحقيق نمو اقتصادي قوي، وإلى إزالة العديد من نقاط التفتيش الإسرائيلية، وهو ما سهل حركة الفلسطينيين وتنقلاتهم. ويقول مروان السعدي، عم الأسيرة المحررَة فاتن السعدي "طبعاً نريد دولةً ووطناً، لكن عندما ينجح أحد في عقد صفقة من هذا الحجم، فعلينا أن نُرحب بها". وقد رفض مروان الإفصاح عن توجهه السياسي. وخارج المقاطعة، اكتست شوارع رام الله بأعلام حركة حماس الخضراء مرفرفةً في السماء، وهو مشهد لم تألفه مدينة رام الله التي تُعتبر معقل حركة "فتح" الأساسي. وارتدى الكثير من الناس عُصابات "حماس" الخضراء ورفعوا أعلامها. وفي أحد المشاهد، انتزع رجل أمن أحد الأعلام الخضراء التي كان يرفعها أحد المحتشدين عندما صدم رأسه بالعلم أثناء التلويح به- رُبما حنقاً من أن يُلوح علم "حماس" في معقل فتح- لكن الكثيرين استمروا في التلويح بالرايات الخضراء تعبيراً عن دعمهم لحماس، على الأقل في يوم استقبال الأسرى. يرتدي جواد عواش قبعةً خضراء ويلف حول عنقه عُصابةً ترمز لحماس ويرفع صورةً لابن خاله طه عادل سعادة الذي تحرر بعد أن قبع في السجون الإسرائيلية 20 سنةً. ويقول عواش "الحمد لله. أنا سعيد جداً. ". وقد سافر عواش من مدينة نابلس في الضفة الغربية إلى رام الله لاستقبال قريبه طه الذي تحلق حوله حشد كبير من أفراد عائلته وأصدقائه بمجرد أن لمحوا طلعته. وقد أثارت الأجواء التي خلفتها هذه الصفقة مسألة احتمال تكرار اختطاف الإسرائيليين بهدف تأمين إطلاق المزيد من الأسرى، ليس في صفوف الفلسطينيين فحسب، بل حتى في صفوف الإسرائيليين الذين لم يخفوا توجسهم وقلقهم من كون هذه الصفقة قد تُشجع الفلسطينيين على القيام بمحاولات اختطاف أخرى مستقبلاً. ويقول "عواش" تعبيراً عن نفسه وعن آمال الكثيرين غيره الذين يأملون خطف جندي آخر حتى يعود المزيد من الأسرى الفلسطينيين إلى ديارهم "نأمل أن يكون هناك شاليط آخر، أو عشرة آخرين من شاليط". ولا شك أن هذه الصفقة ستقوي عضد حماس، لكنها قد تكون مؤشراً إلى أنها يمكن أن تسلك مستقبلاً مساراً معاكساً لتوجهها الحالي". ويقول البروفسور ناجي شوراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة إن هذه الصفقة قد تكون إشارةً تُفيد بتوجه حماس نحو تغيير مقاربتها. ويضيف "تسعى حماس إلى الحصول على الدعم الإقليمي والدولي. وستحتاج كل من فتح وحماس إلى المصالحة من أجل تحقيق أهدافهما. فإقدام حركة حماس على التفاوض مع إسرائيل ولو بطريقة غير مباشرة تُظهر أنها أصبحت تتجه أكثر نحو الاعتدال. وهي تُبين لأوروبا والولايات المتحدة وحتى لإسرائيل نفسها أنها مستعدة لفتح باب الحوار". يُنشر بترتيب مع خدمة "كريستيان ساينس مونيتور"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©